أتت جائحة كورونا وما ترتب عليها من حجر منزلي، ومنع للتجول وإلغاء للفعاليات ووقف التجمعات، لتضع العالم كله في حالة من الذهول، قبل أن يحاول كل شخص التأقلم مع الوضع المستجد الذي سببه هذا الفيروس، ونجوم الفن العربي حالهم كحال كل البشر وجدوا أنفسهم بين ليلة وضحاها وقد ألغيت حفلاتهم، وتوجهت أنظار متابعيهم بليلة وضحاها إلى أمور طبية ونصائح صحية بعيدة عن الأغنيات والمسلسلات والحفلات، وما يرتبط بها، ولذلك تفاعل النجوم مع الوضع الجديد بأساليب وطرق مختلفة وتواجدوا عبر منصات التواصل الاجتماعي بإطلالات جديدة لم يعتدها جمهورهم قبل ذلك.

الفن رسالة
طوال سنوات كان النجوم العرب يقولون، عبر حواراتهم الصحافية والتلفزيونية، إن الفن رسالة، البعض منهم في زمن كورونا أثبت فعلاً أن الفن رسالة إنسانية سامية، وجند فنه وماله ووقته لمساندة الناس وتقديم المساعدات العينية والمالية والمساهمة في حملات خيرية والترويج لها لمساعدة من فقدوا أعمالهم أو احتاجوا للمساعدة، وساهم بعض النجوم بإيصال وجبات غذائية للمتضررين، ودعوا عبر تحديات متتالية نجوماً آخرين لتقديم العون للمحتاجين، وجند البعض صفحاتهم ووقتهم ومنشوراتهم للنصائح الطبية وإيصال الرسائل الحكومية والرسمية لبقاء الناس في بيوتهم واتباع النصائح الطبية في ارتداء الأقنعة الواقية والأكف الطبية وغسل اليدين باستمرار، وما إلى هنالك من أمور مرتبطة بها، وراحت فئة أخرى لاستثمار الوقت ومنح الناس جرعات من الأمل والتفاؤل، وخصص بعض الفنانين حفلات مباشرة لجمهورهم لتسليتهم والترويح عنهم أثناء وجودهم القسري في بيوتهم، وفي المقابل خصص بعض الفنانين وقتهم للحديث والتواصل مع الجمهور مستغلين وجود الناس في بيوتهم، بينما غابت فئة أخرى من الفنانين وكأنهم ليسوا موجودين ولا رسالة لديهم.

مساعدات وحملات تبرع
كثيرة هي الإجراءات التي اتخذتها الحكومات لتضييق انتقال العدوى بفيروس كورونا، منها وقف الدراسة، ومنح العاملين إجازات، ولكن الفئة الأكثر تضرراً من تلك الإجراءات، كانت فئة العمالة الحرة والموسمية والأسر الفقيرة، والتي تأثرت كثيراً مع توقف أعمالهم، والتي تمثل لهم المصدر الوحيد للدخل، من هنا ومن منطلق المسؤولية الاجتماعية ظهر عدد من المبادرات الداعمة لمساندة هذه الفئات المتعثرة في تلك الأوضاع الصعبة، وبأكثر من بلد عربي.
في مصر كانت أشهر تلك المبادرات، مبادرة (تحدي الإنفاق) وهي نوع من تشجيع العمل الخيري وسط أزمتي كورونا والأمطار والسيول التي تعرضت لها البلاد بالتزامن، والتي خلفت عدداً من المتضررين من تلك الأزمات، وأسر كثيرة أصبحت في حاجة لمن يقدم لهم يد المساعدة، انطلاق قطار المبادرة من لاعب الأهلي سعد سمير، والذي أعلن عن تكفله بـ 20 أسرة فقيرة، معلناً عن تحديه لزملائه اللاعبين؛ للتكفل بعدد أكبر من الأسر، وأن تكون مبادرة شاملة ومنافسة في الخير، ولاقت دعوة سمير الكثير من الاستجابات، فأعلن أحمد فتحي لاعب الأهلي مساعدته لـ 30 أسرة لمدة 3 أشهر، وأتبعه لاعب نادي الزمالك، محمود عبد الرازق شيكا بالا بنشر مقطع فيديو في تويتر، قال فيه: «قبلت التحدي من طارق حامد وأنا متكفل بثلاثين أسرة لمدة شهر، معلناً تحديه لمحمد منير ومحمد رمضان»، وبدوره قبل الفنان محمد رمضان التحدي وأعلن عن تبرعه بمبلغ 2 مليون جنيه إلى وزارة الصحة لمقاومة فيروس كورونا

تحدي الخير
واتسعت مشاركة النجوم في مبادرة (تحدي الخير) حيث انضم للتحدي نجم السينما أحمد السقا، الذي أعلن عبر فيديو نشره على موقع يوتبوب، أنه مستعد للتكفل بـ 75 أسرة، موجهاً التحدي لعدة فنانين منهم محمد منير، أما الممثل الكوميدي أحمد فهمي فأعلن قبوله للتحدي، موضحاً أنه سيقوم بالتبرع لـ 50 عائلة فقيرة، موجهاً تحديه إلى الممثلين أحمد عز وأكرم حسني وعلي ربيع وكريم عبد العزيز. وقرر المطرب تامر حسني دعم 400 أسرة فقيرة، بينما أعلنت النجمة منى زكي عن دعم 80 أسرة مصرية محتاجة، كما قالت الممثلة الشابة هناء الزاهد إنها ستقدم الدعم لـ 50 أسرة على مدى شهر. من جهته أعلن عمرو يوسف التكفل بـ 100 أسرة في إطار قبوله لتحدي الخير، وكذلك غادة عبد الرازق أعلنت عن تكفلها بـ 100 أسرة وهو نفس عدد الأسر الذي تكفلت بإعالته أصالة في مصر وفعلت مثلها النجمة لطيفة.

حملات فنية
في لبنان، الذي كان أصلاً يعيش أزمات كثيرة بسبب الثورة وأزمة المصارف، أتت جائحة كورونا لتلقي بظلالها الثقيلة على شريحة واسعة من الجمهور، هذه الشريحة المتعثرة أصلاً، والتي أتت كورونا لتطبق عليها، من هنا انبرى عدد من نجوم لبنان من خلال مبادرات عديدة، لتقديم يد العون لهذه الأسر والوقوف إلى جانبها، ومن هذه الحملات حملة (همك علينا) وحملة (10452) وهي إشارة إلى مساحة لبنان، ومن أبرز المشاركين في هاتين الحملتين النجوم: ملحم زين ووسام بريدي وريم الشريف وجويل ماردينيان وطوني عيسى وبديع أبو شقرا ورابعة الزيات وعبده شاهين، بينما شارك البعض الآخر من خلال حملة قادها الإعلامي مارسيل غانم لدعم المستشفيات الحكومية في لبنان والصليب الأحمر اللبناني، ومن أبرز المشاركين النجمة إليسا، التي رفضت الإفصاح عن المبلغ، وعاصي الحلاني وراغب علامة ووائل كفوري ورامي عياش ونانسي عجرم وميريام فارس وهيفاء وهبي ومايا دياب، بينما قدم بعض النجوم تبرعات فردية مثل ماغي بوغصن وستيفاني صليبا ومروان الشامي وغيرهم، واللافت أن عدداً من النجوم شارك في أكثر من حملة، حيث نقلت مثلاً النجمة هيفاء وهبي تحدياً عبر مواقع التواصل الاجتماعي لمصلحة جمعية أجيالنا والتي تفاعل معها عدد كبير من النجوم أبرزهم إليسا وعاصي الحلاني ونجوى كرم ومايا دياب ونوال الزغبي وسيرين عبد النور.
وفي سوريا، التي يعاني الكثير من شعبها مشاكل عديدة بعد 10 سنوات من الحرب، تنادى نجوم الفن السوري بمناشدات ورسائل دعم لهذه الطبقات الفقيرة، ومن هؤلاء النجوم: أمل عرفة وباسم ياخور وسلافة معمار وسلاف فواخرجي وكيندة حنا، وشارك هؤلاء النجوم والعديد غيرهم في إعالة الأسر المحتاجة لمدة تتراوح بين شهر و3 أشهر.
ولم يختلف الوضع في تونس كثيراً عن بقية البلاد العربية، حيث قاد عدد من النجوم حملات لتوزيع الحصص الغذائية على الأسر المحتاجة، فقامت الفنانة فريال يوسف بتوثيق ذلك عبر خاصية الستوري في انستغرام، وأعلن العديد من نجوم تونس عن تقديمهم المساعدات العينية والمالية لمساعدة المحتاجين.

رسائل توعية وحملات مساندة
عدد كبير من الفنانين اهتم بمساعدة الناس في تقديم النصائح الطبية والصحية وتحفيزهم على البقاء في البيت، والاهتمام بالنظافة الشخصية ورعاية الأطفال، ولم يقتصر الأمر هنا، بل ذهب عدد من النجوم لتقديم فيديوهات وهم يمارسون الرياضة كما فعل راغب علامة مع زوجته وأبنائه، وكذلك عاصي الحلاني وأبناؤه، وغيرهم الكثيرون، بينما قام عدد من النجوم بمساندة خط الدفاع الأول، وهو الطاقم الطبي، من خلال حملات التصفيق لهم في عدد من المدن العربية، منها دبي وأبوظبي وبيروت والقاهرة والكويت ودمشق، ولعل الفيديو الشهير للفنان الكويتي نبيل شعيل من داخل منزله الذي يحث فيه الناس على البقاء في منازلهم جعل الكثيرين من النجوم يقدمون فيديوهات مماثلة لدعم الناس وتقديم النصح لهم.

أغنيات وحفلات
تحت شعار (زهرة تهديكم الأمل) قدمت «زهرة الخليج» أغنية النجمة جوليا بطرس (رغم الجو المشحون) بأصوات عدد من نجوم الغناء لبث روح الأمل والتفاؤل عند متابعيها وقرائها، وشارك في هذه الأغنية النجوم: نادر الأتات وصفاء سلطان وخالد حجار وأسامة كيوان وأملي وأنجي شيا وحنين كيوان وباميلا فرحات وزينة أفتيموس، وقدم عدد من النجوم أغنيات خاصة مثل النجمة يارا التي غنت من كلمات وألحان طارق أبو جودة أغنية بعنوان (خليك بالبيت)، بينما قدم حسين الجسمي أغنية خاصة عن كورونا بعنوان (أزمة وبتعدي)، واختار سليم عساف عنوان (الوضع الحالي) لأغنيته، وشارك الفنان عيضة المنهالي بأداء النشيد الوطني في حملة قادتها أدنوك وشارك فيها عدد من نجوم الفن والغناء الإماراتيين مثل فيصل الجاسم وحمد العامري، وقدمت إليسا أغنية صورتها بمشاركة النجمة هيفاء وهبي، كما قام عدد كبير من الفنانين بتقديم أغنيات شهيرة وحرفوا كلماتها بإدخال كلمة كورونا عليها.
من جهة أخرى قدم عدد من النجوم حفلات مباشرة من داخل بيوتهم، ومن بينهم الفنانة مايا دياب وتامر عاشور ومصطفى حجاج ولوحظ الحضور المكثف للنجوم من خلال خاصة البث المباشر على الانستجرام، حيث أطلت الفنانة بلقيس لأول مرة عبر خاصية المباشر بعد انقطاع لـ 3 سنوات، وكذلك أطلت نانسي عجرم وأصالة وابنتها شام، بينما أطلقت الفنانة لطيفة حملة سمتها (غني في بيتك) لتشجيع الناس على الغناء من داخل بيوتهم.