في الوقت الذي يقضي فيه معظم الناس أوقاتهم في منازلهم مطمئنين، وقد وفرت لهم دولة الإمارات ما يلزم من مؤن غذائية وأدوية تصل إلى بيوتهم، وأطباء يجيبون عن مكالماتهم الهاتفية يشخصون أمراضهم، هناك من يخرج إلى عمله، فيؤديه وهو فخور به، مهما شكل ذلك من مخاطر قد تؤثر في حياته مع أهمية الالتزام بالوقاية الصحية.
ومن بين هؤلاء مجموعة من الإعلاميين يمثلون وسائل إعلام مختلفة، ينقلون بدقة جهود الدولة الحثيثة بجميع مؤسساتها وهيئاتها في مواجهة وباء كورونا المستجد «كوفيد-19»، يؤدون دورهم بتفانٍ وإتقان لنقل الأحداث والأخبار لأفراد المجتمع.
ومن هؤلاء مهندس الصوت محمد الحلو ومدير التصوير معاذ نور والمخرجة رشا عامر، وهم نماذج شابة تنتمي للإعلام الإماراتي الذي أثبت في تعامله مع كورونا، تحليه بالمسؤولية الوطنية، إذ عملت وسائل الإعلام المختلفة على بث الطمأنينة والتوعية والوقاية والتصدي للشائعات المغرضة حول هذا الفيروس، معبرين عن مبادئ الإمارات ورسالتها الإنسانية والحضارية.

أيادٍ بيضاء
تروي رشا عامر لـ«زهرة الخليج» قصص بطولات وتضحيات وثقتها أثناء عملها، قائلة: «رأيت أحد الأطباء يقيم في المستشفى لعدة أيام متواصلة  لمساعدة المصابين، وفي الوقت ذاته يخشى من أمر عودته لمنزله، أن يصيب أهله بالعدوى». وتوضح رشا هذا الطبيب ليس النموذج الوحيد في مساعدة الناس، فهناك عامل توصيل الطلبات، وكابتن الطائرة، وطاقم المضيفين، ورجل الشرطة الذي يقف في الشارع صامداً ليحافظ على الأمن والأمان، ويساعد الناس على الالتزام بالقوانين الخاصة بعدم السير في غير الأوقات المسموح بها، فضلاً عن الإطفائي والمُسعف وحتى من يقوم بتعقيم الأدوات أو تنظيف الشوارع وتطهيرها. وتضيف: «كل هؤلاء أياديهم بيضاء تمتد لتساعدنا وتحمينا، وهي في خدمتنا على مدار الساعة لتوفر لنا سبل العيش الآمن».
تشير رشا إلى أن مهام عملها هي تصوير أفلام وثائقية عن جهود دولة الإمارات لاحتواء فيروس كورونا، ولطمأنة الناس وبث الأمل والتفاؤل في نفوسهم عندما يشاهدون ما توفره الدولة لهم من إمكانيات وكوادر تساعدهم على تخطي محنة كورونا والتشبث بغد أفضل قريباً بإذن الله مع الالتزام بالتعليمات.

التبرع بالدم
بدوره، يؤكد محمد الحلو أنه فخور بعمله في توثيق بطولات الجيش الأبيض، مشيراً إلى أن وجوده لتصوير هؤلاء الأبطال غَيّر من شخصيته كثيراً وبدأ ينظر إلى الأمور الأخرى بنظرة أعمق. ويروي تأثره أثناء تصوير الكادر الطبي في مدينة الشيخ خليفة الطبية، عندما تحدثت الدكتورة مريم بطي المزروعي المديرة التنفيذية، وقد اغرورقت عيناها بالدموع، لأنها تترك والدتها المريضة بالمنزل ولا تستطيع الاهتمام بها ورعايتها نظراً لوجودها الدائم في المستشفى، وحتى إذا عادت للمنزل تتخذ من غرفتها مكاناً للعزل كي لا تختلط بأفراد عائلتها.
ويقول الحلو: «أثناء وجودي لتصوير معالي نورة بنت محمد الكعبي وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة، ومعالي محمد الجنيبي رئيس المراسم الرئاسية بوزارة شؤون الرئاسة وهما يتبرعان بالدم لحث الناس وتشجيعهم على التبرع لإنقاذ حياة الآخرين في هذا الوقت الإستثنائي، لم يمنعني عملي من أداء واجبي الإنساني لخدمة المجتمع فذهبت لغرفة التبرع بالدم وتبرعت بدمي، وعندما علمت بالأمر بمحض الصدفة أثنت عليّ».

تضحيات ممرضة
من جهته، يقول معاذ نور إن عمله يحتم عليه التصوير الخارجي باستمرار وفي أي وقت، لا يستوقفه الزمن ولا يخاف العدوى.  ويضيف: «عملت مؤخراً في تصوير الجيش الأبيض (الكوادر الطبية) من السابعة مساء حتى السابعة من صباح اليوم التالي من دون كلل أو ملل أو الشعور بالتعب والإرهاق.
يسرد معاذ قصة إنسانية أثناء وجوده في المستشفى من أجل توثيقها ليعرف الجيل القادم بعد انتهاء أزمة كورونا بطولات وتضحيات ضربت أروع الأمثلة، وهي لإحدى السيدات قدمت إلى المستشفى لإجراء عملية الولادة، وكانت تعاني بعض الأعراض، وبعد الفحوصات اللازمة تبين إصابتها بفيروس كورونا. ويضيف: «أصرت إحدى الممرضات، التي أقل ما يقال عنها ملاك من ملائكة الرحمة، على الوقوف بجانب السيدة حتى إتمام عملية الولادة، رغم علمها مسبقاً بإصابتها بكورونا، وبالفعل عَرضت الممرضة حياتها للخطر من أجل إنقاذ حياة المولود وأمه التي ترقد في المستشفى حالياً بعد أن ولدت طفلاً معافىً، حيث أثبتت التحاليل عدم إصابته بالفيروس مثل الأم، ورقدت الممرضة في الغرفة المجاورة تحت الحجر الصحي هي الأخرى 14 يوماً، وهي سعيدة بإنقاذ حياة الأم وجنينها».

ثقافة التطوع
إلى جانب من يؤدون واجبهم الميداني، هناك من دفعتهم الرغبة في المشاركة ضمن فرق مواجهة أزمة كورونا، وهم متطوعون من أعمار وجنسيات مختلفة، مؤكدين أن ثقافة التطوع متجذرة بين أبناء المجتمع الإماراتي والمقيمين على هذه الأرض، وأن العمل التطوعي يخلق روحاً إنسانية تعاونية بين أفراد المجتمع، إذ أنه ممارسة تتطلب ثقافةً ووعياً بما يقدم لنا وللآخرين، فكما أجمع هؤلاء "أن التطوع هو منا ولأجلنا".