في العلاقة الجدلية بين الحرف اليدوية والوجدان العربي، تلتف خيوط الإبداع لتغزل الحب والفن نسيجاً للموروث الشعبي من الخليج إلى المحيط، فتؤسس مجالاً للرؤية زاخراً بالقيم الجمالية للزينة وتشرك كل الحواس في تذوق الكثير من القطع الفنية المصنوعة لأداء أدوار معيشية، لكنها في الوقت ذاته تعلن في الفضاء الثقافي الإقليمي والمحلي عن هوية عربية طالما تناغمت مع الماضي وانفتحت على الحاضر معرفياً واجتماعياً.. في تنقلنا بين تضاريس جغرافية تلك الحرف وجمالياتها، نتوقف عند محطات عدة نتخذها نموذجاً لحركية التواصل بين الأزمان فيتضح لنا من ذلك قدرة التراث على التماهي بين جديد الحداثة وقديم التقاليد.
إن الحرف والمشغولات اليدوية التقليدية، من وقع اسمها الذي يوضح طبيعتها، تعتمد على أدوات بسيطة تستعمل يدوياً لإنتاج قطعة ذات نفع محلي اتخذت من بقاع عربية عدة موطناً لها، ففي الإمارات ظهرت صناعة الفخار أو الطين قبل صناعة المعدن والنحاس، وتعد من أبرز الحرف الإماراتية القديمة التي تبرز تعلق الإماراتي ببيئته. وكان الحرفي يذهب ليبحث عن الطين الذي يتكون في بطون المنحدرات أو على القمم الجبلية ليصنع الفخار الخرس لتخزين التمور، والمدخن، والمصب، والتنور، والبرمة.
 كما عرفت صناعة الخوص في الإمارات، وهي  من أبرز الحرف التي كانت تمارسها النساء باستخدام سعف النخيل، ويصنع منه السرود الذي يفرش على الأرض لتناول الطعام، وسجادة الصلاة، وأسرّة الأطفال حديثي الولادة، والسلال والأقفاص، إضافة إلى عشرات الحرف الأخرى التي تظهر تجريد أو سحل الخوص كذلك ازدهرت صناعة السيوف والخناجر وعمل الوسم والتلي والحبال وغزل الصوف وقرض البراقع والنجارة وعمل اليازرة والحدادة والجص والأشرعة وصناعة القراقير..
وقد كان لهذه الحرف أسواق خاصة في الأحياء الشعبية القديمة، فلكل محترف ساحة يجلس فيها يومياً مواظباً على صناعته، فيشتغل ويعرض بضاعته، وكانت الأسواق تسمى بحسب الحرف فعُرف سوق «الصناعة» و«الطواشين» و«الحدادين».

اقرؤوا المزيد من تاريخ الحرف اليدوية في كل من مصر والمغرب وسوريا و