من يستمع إلى طلبة الجنسيات الأجنبية في جامعة نيويورك أبوظبي، يعتقد أنهم كانوا على دراية تامة باللغة العربية، قبل قدومهم للدراسة في دولة الإمارات، ولا يصدق أنهم خلال حياتهم لم ينطقوا بحروف لغة الضاد، بيد أن برنامج يناير المكثف لجامعة نيويورك (رمسة) جعلهم يتخطون صعوبة تعلم لغة جديدة، بل ونطقها باللهجة الإماراتية المحلية.

يتضمن برنامج (الرمسة) جوانب نظرية وعملية وترفيهية، فضلاً عن معايشة طقوس وعادات وتقاليد أهل الإمارات، مما يجعل من هؤلاء الطلبة سفراء للدولة، يحملون رسالة المحبة والسلام من هذا البلد المضياف لبلدانهم ويتحدثون عن قيمها أينما حلوا وارتحلوا. وشمل البرنامج التدريبي الذي استمر لـ18 يوماً، استضافة أسر إماراتية في مدينة العين لـ 12 طالباً أجنبياً، حيث تضمن جدولاً مكثفاً للأحداث عاش من خلاله الطلاب برنامجاً حافلاً من تعليم اللهجة والطقوس والعادات الإماراتية.

جسور التواصل

 ويقول ناصر محمد أسليم، أستاذ اللغة العربية لغير الناطقين بها في جامعة نيويورك أبوظبي، المؤسس لبرنامج يناير المكثف (رمسة) لتعليم اللهجة والثقافة الإماراتية، إن الهدف من هذا البرنامج هو مد جسور التواصل مع مختلف الشعوب من خلال هؤلاء الطلاب الذين ينتمون لجنسيات مختلفة وتخريج مجموعة من الطلاب يكونون سفراء لدولة الإمارات في بلادهم عند عودتهم عقب انتهاء دراستهم. ويضيف أن الطلاب في الجامعة يختارون من بين لهجات عامية مختلفة، مؤكداً أن اللهجة الإماراتية تلقى إقبالاً كبيراً من الطلاب. ويوضح أسليم أن برنامج يناير المكثف (رمسة) يساعد على فتح أبواب التقارب بين الجنسيات المختلفة التي تتعايش في أمن وسلام وتسهل سبل التواصل بين الجميع.

تعلم اللهجة

فيلو من الصين، يقول: «درست الفصحى في الجامعة من قبل، ولكنني لم أكن أعرف بـ(الرمسة الإماراتية) إلا في هذا الفصل الدراسي، ومن خلال البرنامج تعلمت اللهجة وأتقنتها، وتعلمت كيف أتحاور مع الآخرين بسهولة، من خلال معايشتي مع إحدى الأسر الإماراتية». أما هودريجو، برازيلي الجنسية، فهو يعبر عن سعادته بالتحدث باللهجة الإماراتية، مضيفاً أن هذه التجربة ساعدته في التعرف عن قرب إلى الثقافة الإماراتية، كما أتاحت له الفرصة للتحدث مع الإماراتيين والعرب عموماً باللغة العربية. ويضيف: «ساعدني تعلم (الرمسة) في ممارسة كرة القدم بصورة أفضل مع أصدقائي الإماراتيين والعرب لأنها مكنتني من التحدث معهم بسهولة وزاد التفاهم مع الآخرين

اللهجة المحلية

يقول هنري، من أستراليا، إنه درس اللغة العربية الفصحى منذ بداية التحاقه بجامعة نيويورك أبوظبي، ولكن هذا البرنامج أتاح له وللمرة الأولى دراسة اللهجة المحلية في سياق رسمي. ويضيف: «تعلم اللغة مثل لعب الرياضة يجب أن نتدرب دائماً عليها جيداً حتى نجيد ممارستها».

بدورها، تقول آشلي، من كوريا، إنها درست اللغة العربية في السابق، لكن تعلمها لـ(الرمسة الإماراتية) جعلها تتعرف إلى عادات وتقاليد الشعب الإماراتي، مضيفة أنها أحبت كثيراً المأكولات الشعبية خاصة اللقيمات والهريس والثريد، والعرسية والبلاليط. وتضيف: «حضرت عرساً إماراتياً وكان بالنسبة لي تجربة ثرية ومفيدة للغاية، حيث يتسم العرس الإماراتي بعاداته وتقاليده القديمة المتوارثة والجميلة، وعرفت من إحدى الأسر التي استضافتني أن المواطنين يحرصون على إتمام إجراءات الزواج وحفلات الزفاف بالصورة نفسها التي كانت عليها في القديم مع إدخال بعض التغييرات الطفيفة».

أكلات شعبية 

أما ريان، وهو من كوريا الجنوبية أيضاً، فيقول أن (الرمسة الإماراتية) صححت له العديد من المفاهيم، منها اعتقاده بأن الطعام العربي يعني الطعام الشامي فقط، لكنه بعد قضائه 18 يوماً مع إحدى الأسر الإماراتية، تعرف على مختلف أنواع الأكلات الشعبية في الإمارات. ويؤكد أنها تتميز بكثرتها وتنوعها، فضلاً عن طعمها الطيب ورائحتها الزكية المميزة، حيث تتفنن النساء في صنعها، خاصة مأكولات الأفراح والأعياد، والمأكولات البحرية الأخرى

المرأة الإماراتية

بالنسبة لداريا، من روسيا، فترى أن هذا البرنامج أتاح لها التعرف إلى أزياء المرأة الإماراتية التي ترتبط ببيئتها المحيطة، وتتماشى مع العادات والتقاليد العربية والإسلامية، وقد انعكس ذلك على شكل ولون وطبيعة هذه الأزياء، إذ تتميز بألوانها الجميلة وشكلها الفضفاض. وتضيف: «ارتديت العباءة، وهي من أهم ملابس المرأة الإماراتية، وأعجبتني كثيراً لأنها تتميز بالبساطة وروعة الذوق والتناسق في الألوان».

وتقول ميريلا، من بلغاريا، أنها درست اللغة العربية الفصحى لمدة ثلاثة فصول دراسية، لكنها لم تتحدث اللهجة الإماراتية، إلا بعد التحاقها بهذا البرنامج، الذي أتاح لها التعرف إلى بعض جوانب العادات والتقاليد الإماراتية الأصيلة. وبدورها، تقول فرقان، الفنلندية من أصل صومالي، إن (الرمسة الإماراتية) ساعدتها كثيراً في تعلم اللغة العربية والاحتكاك بالمجتمع، مضيفة أنها تنوي ارتداء العباءة الإماراتية في حفل تخرجها الصيف المقبل..