حقق «مهرجان قرطاج الدولي» هذا الصيف متابعة كبيرة على صعيد الحفلات الغنائية ونجومها، الذين زينوا ليالي دورته الـ55، وما رافقها من تساؤلات وجدليات وضعتها «زهرة الخليج»، على طاولة مدير المهرجان مختار الرصاع، الذي لا يخلو أي حوار معه من توابع إعلامية.

وصراحة الرصاع، الرجل الضالع في الشأن الثقافي والفني في تونس منذ 30 عاماً، دائماً ما توقعه في تراشقات، رغم ذلك لا يزال مصراً على إبداء رأيه، مسمياً الأشياء بمسمياتها.
•  بداية ، كيف تقيم «قرطاج 55»؟ وهل بدأتم بالتحضير لدورة العام المقبل 2020؟
دورة هذا العام هي امتداد لدورتي العامين الماضيين، فقدمنا برنامجاً يتناسب مع سمعة ومستوى المهرجان، ويرضي مختلف أذواق الجمهور على مدى 90 يوماً من الاحتفالات، كما حقق المهرجان عائداً مادياً كبيراً، وفاق عدد الحضور مجتمعين 100 ألف شخص، أما بالنسبة لدورة العام المقبل 2020، فملامحها تتسق مع السياق العام لرؤية المهرجان منذ تأسيسه، والتي تنبثق من أن «قرطاج» متاح لأصحاب القيمة الفنية فقط، ونحرص نحن على تنويع الفنون التي نستضيفها، ما بين موسيقى وغناء وفلكلور نستقطبها للجمهور التونسي والسياح.

ردي على لطيفة
• هل تاريخك الفني والثقافي والموسيقي الكبير، يجعلك متشدداً في اختيار من يشارك في الوقوف على «ركح قرطاج»؟
هو ليس تشدداً، لكنني أعي قيمة المهرجان وعليّ أن أحافظ على عراقته وصورته، وفي النهاية، أنا كمدير للمهرجان أعد المسؤول الأول والأخير عمن يشارك.

• ولماذا كنت ولا تزال متشدداً حيال غناء المطربة لطيفة العرفاوي، بدليل إضافتها للبرنامج في اللحظات الأخيرة؟
أنا أبرمج الفنانين وفقاً لقيمتهم الفنية ولطلب الجمهور عليهم، ولطيفة لا تملك جديداً وهي مطربة تونسية محترمة، كانت تملك جمهوراً كبيراً وتقلص مع الزمن. ومشاركتها هذا العام جاءت بطلب من وزارة الشؤون الثقافية في تونس، وبما أن المهرجان تحت رعاية الوزارة استجبنا لطلبها ليس أكثر.

• قيل إن مشاركة لطيفة جاءت لاتقاء شر تصريحاتها الإعلامية، فهي كانت قد صرحت قبل عامين في «زهرة الخليج» بأن «مهرجان قرطاج» فاشل، فما ردك؟
طالما تصف المهرجان بالفاشل، فلماذا «تستميت» لطيفة على الغناء فيه؟ ليس بيني وبينها أي عداء، كل ما في الأمر أنها لا تمتلك جديداً منتشراً وليس لها قاعدة جماهيرية في تونس، هي وسواها من المطربين، فمسرح قرطاج يتسع لـ8300 شخص بين المدرجات والكراسي الأمامية، وهذا الرقم الجماهيري المطرب التونسي الوحيد الذي يحققه، هو صابر الرباعي. وأنا لا أتعامل من موقعي مع الفنانين، بناء على علاقات شخصية أو عواطف، بل من منطلق القيمة الفنية.

مغامرة مهنا
• المطرب السوري نور مهنا لم يعد أحد يسمع به، لكنك جئت به لكي يغني في «قرطاج»، فهل غامرت؟
لم أغامر، بدليل أن حفل نور مهنا كان كامل العدد، ولا يختلف معي أحد على قيمته الفنية، فهو يقدم نوعاً من الغناء في طريقه للزوال والجمهور يشتاق للطرب، وأنا أعرف أن لنور مهنا قاعدة جماهيرية في تونس.

• قد يتفق معك البعض بأن المطرب جورج وسوف لم يعد قوياً فنياً، لكن لا ينكر أحد أنه يمتلك الكاريزما والجماهيرية اللتين تشفعان له للغناء في أكبر المهرجانات، فلماذا أطلقت عليه حكماً بـ«الموت فنياً»؟
هل النجاحات فقط يحددها عدد الجمهور، الوسوف كنت أنا من أكبر معجبيه، لكنه انتهى فنياً للأسف وعليه أن يحافظ على صورته أمام جمهوره، وإن أراد أن يغني فعليه أن يفعل ذلك مع أصدقائه فقط.

• وهل من رسالة توجهها للوسوف؟
لست بموقع ناصح له، لكني أتكلم من واقع خبرة طويلة في تنظيم الحفلات، ومن حقي أن أوضح رأيي بصراحة عندما أُسأل، وكوني لا أنافق، لهذا السبب لا يحبني الجميع وأتلقى دائماً الشتائم من «فانزات» الفنانين، وللوسوف أقول: عليك أن تحافظ على صورتك أمام التاريخ والناس بعد أن وصلت لقمة الشهرة والغناء، لا أن تظهر بكل هذه الهشاشة لتضيع هيبة الصورة الجميلة التي نعرفها عنك.

ملكة قرطاج
• من حقك أن تبدي رأيك في صوت إليسا، لكنك ظهرت متحاملاً عليها، فلا أحد ينكر جماهيريتها وإن كان هنالك خلاف على قيمتها الفنية، فبدوت وكأنك تفرض ذوقك الشخصي في «قرطاج»؟
سوقها الفني محدود، بدليل أنها لم تغنِ في «قرطاج» منذ عام 2009، لا أنكر أنها تملك شعبية، لكنها لا تناسب «ركح قرطاج».

• لكن إليسا ردت عليك ووصفت نفسها بـ«ملكة قرطاج»؟
لم ترد وحدها، فجمهورها رد عليّ بالشتائم أيضاً، هي ليست «ملكة قرطاج»، فالملكة الحقيقية هي: عليسة (تعرف أيضاً باسم أليسا أو أليسار) وهي ابنة ملك صور ومؤسسة قرطاج وملكتها الأولى. وعرفت بدهائها وحسن التدبير اللذين سمحا لها بإنشاء وحكم قرطاج، التي عرفت لاحقاً بتجارتها الواسعة وسيطرتها على بحار المتوسط.

• بصراحة، هل شعرت بالراحة جراء تصريح إليسا بنية الاعتزال؟
هي حرة في قرارها وهو شأن يخصها وحدها، لكنني شخصياً لا أعتقد أنها ستعتزل.

الوسوف وجوليا
• هل يمكن القول إن جورج وسوف وإليسا لن يغنيا في «مهرجان قرطاج» طالما أنت مديره؟
من المؤكد أن الوسوف لن يشارك، لكن هناك إمكانية لـ«إليسا».

• على ماذا تعتمد مشاركتها ؟
على توفر طلب كبير من الجمهور، لأن عقلي ليس متحجراً لهذه الدرجة.

• ما مدى دقة تصريحك بأن جوليا بطرس لن تغني في «مهرجان قرطاج»؟
أبداً لم أقل ذلك. الحقيقة أنني تواصلت مع شقيقها زياد ووجهت دعوة لها، لكنه اعتذر بحجة انشغالهما بترتيب حفل كبير لها في لبنان، وهي مرحب بها دوماً إن رغبت في المشاركة.

الجسمي والعراقي
• بصراحة، هل يوجد قائمة سرية للفنانين الممنوعين من الغناء في «مهرجان قرطاج»؟
(يجيب بعصبية): لا نملك قوائم سرية ولا علنية. كل الفنانين أصحاب القيم الفنية مرحب بهم.

• هناك غياب واضح في السنوات الأخيرة للحضور الخليجي الغنائي في تونس عموماً، و«قرطاج» خصوصاً، ما السبب؟
طلبات بعض المطربين الخليجيين لا نستطيع توفيرها، وهي أحياناً تتعدى الشروط المالية، إلى التكريم من قبل الدولة، وهذا شأن لا أستطيع أن أعد به.

• ومن تختارون من نجوم الغناء الخليجي للغناء في «قرطاج»؟
كانت هناك مشاورات سابقة مع المطرب الإماراتي حسين الجسمي، ولم تتم بسبب الانزلاق الذي أصاب الدينار التونسي وقتها، وهو مرحب به، كذلك مرحب بمشاركة الفنان محمد عبده، والمطرب حاتم العراقي، فهو صوت متمكن ويستحق الغناء في «قرطاج»، ونحن نضع أعيننا عليهم.
 

• هل من الممكن أن تغني المطربة أحلام في «قرطاج»؟
لا.. أبداً، فهي لا تعجبني.

• ماذا عن نوال الكويتية؟
من هي؟ لا أعرفها.

• يمتلأ الوطن العربي بالمدارس الفنية المتعددة، ومن بينها الغناء النوبي الذي يقدمه المطرب محمد منير، فهل من الممكن أن تقدمه لجمهور المهرجان؟
لا.. لا يعجبني الفن الذي يقدمه محمد منير ولن يشارك.

الساهر والماجدة
• من أبرز من تفكرون بالتعاقد معهم في دورة 2020؟
نبحث عن مطربين يقدمون الإضافة الفنية ولهم قيمتهم، فمن المهم استضافة نجوم بحجم كاظم الساهر وماجدة الرومي، وسنواصل إعطاء الفرصة للمطربين الشباب الذين يسيرون على خطى فنية ثابته للغناء في «قرطاج»، فيمكن أن نتعاقد مع المطرب الفلسطيني محمد عسّاف والمطربة الفلسطينية دلال أبو آمنة.

•  أخيراً، تم انتقادك كونك أتحت الفرصة لمطربين شباب في بدايتهم للغناء في المهرجان، مثل أدهم نابلسي وفايا يونان، فكيف تعاملت مع الانتقادات؟
لم أرد، لكن نجاح حفليهما هو أكبر رد على هذه الانتقادات. فأدهم صاحب صوت بارز وحضوره جميل، كما أن فايا يونان فنانة كبيرة وأعتقد أنها لو أنها تعمل مع الرحابنة  فسيصنعون منها فيروز جديدة. كذلك هبة طوجي التي شاركت في عرض «ملوك الطوائف» هي طاقة فنية متجددة، وهؤلاء لهم حضورهم واستطاعوا أن يستفيدوا من غنائهم في «قرطاج»، بعكس فنانين شباب تونسيين، نالوا الفرصة ولم يستثمروها، فمن ينجح في «قرطاج» ينال شهادة ميلاد فنية جديدة ومعتمدة.

فيروز في «قرطاج»
نفى مدير مهرجان «قرطاج» مختار الرصاع، التفكير بدعوة السيدة فيروز للغناء في دورة المهرجان عام 2020، موضحاً: «سبق أن غنت فيروز في قرطاج، لكن حالياً لا نستطيع التفكير بالأمر، لأن ترتيباتها مكلفة مادياً بصورة كبيرة، لكن يمكن أن نفكر في حال حصلنا على دعم من الدولة».

نجم «قرطاج 55»
حسم مختار الرصاع، إجابة سؤال: من هو نجم «قرطاج 55»؟  لصالح المطرب السوري الشاب ناصيف زيتون، بقوله: «هو فنان فرض نفسه في دورة المهرجان الـ53، وتوقعت نجاحه مجدداً هذا العام، لكن الإقبال الجماهيري على حفليه هذا الصيف كان استثنائياً وفاجأني، ويذكرني بنجاحات كاظم الساهر وماجدة الرومي وديانا حداد، الذين أضفنا لكل واحد منهم حفلاً ثانياً إبان مشاركتهم في دورة عام 1997».