بعدما راجت كثيراً في لبنان، كما في سواه، صفة «الفاشنيستا» وأصبحت تُطلق عشوائياً، على نساء أعجبن بالاسم ويفتقرن إلى المضمون، تنصلت كثيرات ممن تليق بهن هذه الصفة، بالفعل لا بمجرد القول، من الاسم واللقب. فهل فقدت «الفاشنيستا» القيمة وتبدلت معايير الموضة؟

كثيرات من «الفاشنيستا» بتن يفضلن تسميات أخرى، بعدما تجرد هذا الوصف من محتواه. فماذا عن طبيعة الصور التي تعرضها كُل من ألين المر وريتا مهنا وزينة الزغزغي عبر منصة «إنستجرام»؟

اللبنانيات رائدات في الموضة لكن، مع انتشار الـ«سوشيال ميديا»، بات اكتشاف الموضة ممكناً أمام كل امرأة في العالم العربي. فريتا مثلاً، تُحبّذ وضع صورة لها كل ثلاثة أيام وتُحب «سماع المتابعين» يقولون لها: اشتقنا إليك. أما زينة فترى أن بعض من يسمين أنفسهن «فاشنيستات» بتن بتصرفاتهن أقرب إلى «الخبل» منه إلى الموضة. فهن يصررن على وضع تفاصيل التفاصيل عن أحذيتهن وقبعاتهن وحقائبهن، وهذا أمر غير سليم. ألين، من جهتها، لا تتبع منهجية معينة في عرض الصور بل تتبع نشاطها الاجتماعي.

ثلاثتهن يصفهن الجمهور بـ«فاشنيستات» لكنهن يفضلن أنفسهن بصفاتهن المهنية الأكثر اتساعاً. وثلاثتهن يعرفن أن الابتسامة بوابة عبور في هذا العصر. وأن الحياة قصيرة ويجب أن نعيشها من دون التنازل عن مسلمات كثيرة وهو أمر يبدو محالاً حين تتحول المرأة إلى «فاشنيستا». فثلاثتهن لا يضعن «هاشتاغ» بأسماء براندات إلا في حالات نادرة. وزينة، من جهتها، ترفض عرض صورها مع أي منتج إذا لم تتأكد من صلاحيته، موضحة: «الفاشنيستا» لا يحق لها أن تُروج لسلع ضارة. لكن للأسف هذا ما تفعلها سواها ممن جمعن متابعين وبتن أمثلة. 

وسائل «الفاشنيستا» الجدد اللواتي يتوسلن الربح التجاري، تُخيف من سبق ووُصفن جمالياً بهذا اللقب. والإمساك بحذاء ووضعه إلى جانب الوجه بحجة أن من تُمسك به «فاشنيستات»، ويحق لها ما لا يحق لسواها في الترويج بات مرفوضاً من قبل كثيرات. فهل آن أوان تغيير التسمية؟

المرأة هي الموضة
«فاشنيستا» تنحدر من كلمة «فاشن». وكم هو جميل أن توحي المرأة بأنها الموضة، وتستحق أن تطل وتقول هذه «موضتي» أنا! لكن هل كل من تقول: أنا «فاشنيستا» تستحق أن نتابعها؟

ثلاث نساء لبنانيات، ناضجات، لديهن كثير من المتابعين عبر منصة «إنستجرام»، ويُصنفن رائدات في عالم الإعلام والأزياء والإطلالات الجميلة ويملكن كل مواصفات «الفاشنيستا»، لكن ثلاثتهن يترددن قبل القبول بالتسمية، لما يثار حول كل من تحمل الصفة، من أقاويل واتهامات، أقلها نعتها بالجاهلة.

«ألونيستا» لا «فاشنيستا»
ألين أزعور المر، ناشطة اجتماعية وزوجة سعيدة وأم وتحب الصور والأزياء، لكن حين نناديها «فاشنيستا» تصحح لنا بالقول: أنا «ألونيستا»! فأصدقاء ألين ينادونها تحبباً «ألون». وتشرح: «أصبحت (الفاشنيستا) المرأة التي تلتقط لنفسها صوراً بأزياء وأحذية وحقائب للترويج لماركات باهظة الثمن، بينما أنا أحب أن ألتقط لنفسي صوراً حين أستعد لعشاء أو غداء أو مناسبة ما.

ولا أخال أن هناك امرأة في العالم لا تحب الصور، أما في حياتي العادية فأكون عادية جداً». ترفض ألين تصنيف «الفاشنيستا» التي تؤثر بالفتيات وتتساءل: «بماذا تؤثر بهن؟ بالقبعة الحمراء؟ بالحذاء الغريب والفستان الأصفر أو الأخضر؟ أفضّل شخصياً التأثير في النساء من ناحية أخرى، بتشجيعهن على الانخراط في العمل الاجتماعي وفي الأشياء النوعية لا في الأشياء السخيفة».

على غلاف الزهرة!
الإعلامية ريتا مهنا التي درست التصميم والأزياء وتنظم الأعراس والمناسبات، وتعشق «الفاشن» والجمال والصور؟ ما زالت تستذكر يوم ظهرت على غلاف «زهرة الخليج» وهي في الـ13 من عمرها. اليوم، بعد 20 عاماً، نسألها.. هل لقب «فاشنيستا» يعجبك؟ هل عملت له؟ ترفض ريتا مهنا اللقب بمعناه الضيّق وتقول: «الفاشنيستا» هنّ الصبايا اللواتي يسوقن لمنتجات معينة ويأخذن أجوراً من أجل ذلك، أقل بكثير مما قد يُدفع أو كان يُدفع كإعلانات ترويجية في الصحف والإذاعات والشاشات الصغيرة واللوحات الإعلانية».

تُحب ريتا، الأزياء الناعمة التي تمنحها الاكسسوارات قيمة مضاعفة. وتقول: «ليس كل ما هو (براند) معناه أنه جميل. يمكن أن تشتري المرأة ثوباً رخيصاً يُظهرها ملكة. المهم أن تعرف ماذا يليق بها».

«بلوغر» أفضل
تفرق  زينة الزغزغي بين «البلوغر» و«الفاشنيستا»، فتقول: «يخلط الكثيرون بين الصفتين، «البلوغر» هي المرأة المدونة، التي تتوقع وتُحلل وتعالج مواضيع مدونتها، التي قد تكون عن الأزياء أو الطهي أو الرياضة أو المجوهرات، بعيداً عن التسطيح. أما «الفاشنيستا» فهنّ نساء عاديات يعشقن ارتداء الأشياء الغريبة ويروجن لها بمقابل مادي. وكثيرون يخلطون بين التسميتين».

نسأل زينة.. أي واحدة أنت من الاثنتين؟ فتجيب: «أنا مصممة أزياء». زينة كانت قد قدمت فقرة موضة على «روتانا خليجية» وتعطي نصائح للسيدات حول ما يليق بهن وما يفترض ألا يلبسنه. وتقول: «تتأثر بعض النساء بالشخصيات النسائية الشهيرة، ويرغبن في التمثل بهن، وهن يجهلن بهذا أن الشهيرات و(الفاشنيستات) يرتدين بعض الأزياء مدة ربع ساعة ويتابعن بعدها حياتهن بلباس تقليدي. هناك نساء يخلن أن حياة (الفاشنيستا) جميلة وعادية وهذا غير صحيح أبداً.

فهناك نساء يُقلدن الأخريات تقليداً أعمى فهن يظلمن أنفسهن أحياناً. هناك نساء يرتدين ما لا يشبه شخصياتهن وهناك نساء يختبئن كما يقول المثل بثيابهن». تنصح زينة زغزغي النساء اللواتي ينشدن الموضة، بأن يبتعدن عن «الستايل الواحد». ويعطين لكل مناسبة حقها. وألا يظلمن أنفسهن بارتداء ما يعجب الآخرين وما لا يناسبهن.