تمشي النحاتة شما العامري دائماً عكس الاتجاه، وضد النمطية السائدة، وتحلم بإيصال الفن إلى الناس، بأشكاله البسيطة والمعقدة، وتغيير النظرة العامة إليه. شما التي برزت من خلال منحوتتها (تفكير – تكفير) في معرض فن أبوظبي 2018، كانت ضمن الدفعة الأولى المنضمة إلى كلية لطيفة للفنون، والمختارة لتكون من الفريق الذي يعمل على إطلاق هيئة دبي للثقافة والفنون.

• ما فلسفتك في منحوتاتك وكيف تأتيك فكرتها؟
أثناء دراستي الفنون في لندن، كنت أقرأ كثيراً عن المواضيع التي تخص اللغة والتفكير، وأحللها وأربطها بالمجتمعات العربية وواقعها في هذه النواحي، وعنايتي جاءت من يقيني الخاص من تأثير اللغة بشكل كبير في الإنتاج الفني للفنان، وكذلك من تخوفي من تضارب الهويات في حال تغليب لغة أجنبية على اللغة الأم، التي نتعامل بها مع الأقربين من الأهل والأصدقاء.

الصندوق الرحال
• حدثينا عن «نومادز بوكس - الصندوق الرحال»، وإلى أين وصلت الحال بهذا المشروع؟
بعد ملاحظتي الحركة الثقافية والفنية المزدهرة في الإمارات، شعرت برغبة في الخروج إلى فضاء أوسع من العمل الورقي والمكتبي، والإسهام بشكل شخصي في تقريب الفن من المجتمع، وجعل الناس ينظرون إليه كموضوع جاد، وليس أمراً هامشياً وشيئاً يمارسه الفنان للمتعة فقط، فقمت بإنشاء مشروع مع صديقة لي، كمعرض متنقل، معتمدين على موارد بسيطة، وشاحنة تحوي المعروضات الفنية، سميناه «الصندوق الرحال»، وكان أول عرض له في المركز المالي في دبي، وفي تلك الفترة كانت صالات المعارض في دبي محدودة وكان مرتادوها قليلين، ولذلك فكرنا في أخذ الفن للعامة، ومنحهم تجربة تذوق الفن، موحين لهم بحرية الفنان.

• ما أثر التخصص الفني في موهبتك؟
التخصص منحني الثقة في معنى أعمالي وجرأة إظهارها للآخرين، حيث كنت قبل التخصص أكتب وأرسم ولكن من دون أن يرى أحدٌ نتاجي، وذلك لإحساسي بالخوف من عدم فهم الآخرين العمل، كما أنني أخشى من هجومهم على الأعمال التي لا تناسب تفكيرهم وعاداتهم. ولعل هذا الإحساس، رغم أنه اختفى في مرحلة الدراسة، ما زال موجوداً، إذ إنني أتجنب وضع اسمي على أعمالي، وأرى أن العمل يتحدث عن نفسه.

• الفن للذات أم للمجتمع أم للفن من وجهة نظرك؟
في البداية كان الفن بالنسبة إليّ تفريغاً لهموم الذات، ولكن هذا الأمر لم يكن محفزاً، قد يريح النفس لفترة، ولكنه غير مشجع على الاستمرارية. أما حالياً فأنا بتُّ أرى أن الفن رسالة وصوت وفكرة يجب عليه أن يحفّز التفكير ويكسر النمط السائد، وأن يغيّر الواقع والنمط التقليدي، الفن للمجتمع.

طموحات
تقول النحاتة شما العامري إن معرضها الفني الخاص الأول كان طموحاً مرحلياً، وتوضح: «كنا في مرحلة ما من حياتنا الفنية نرى أن كل فنان لديه إنتاجٌ مُعتبر، يجب أن يكون لديه معرضه الخاص، ولكن طموحي الحقيقي هو أن أكمل إنتاجية، وأستمر في هذا الأمر، ولا أترك مجالاً للعقبات كي توقف مسيرتي، كما أنني أطمح إلى إنتاج أعمال تخاطب أكبر شريحة من العامة، وتصل إلى الجمهور، وتشعرهم بقيمة الفن والفنان، أعمال تخاطب أمي وخالي ومن هم أصغر مني وأكبر مني، ولا يكون بينهم وبينه حاجز النظرة الدونية وغير الفاهمة للفن ورسالته وقيمته».