من قلب المملكة العربية السعودية انطلق، وفي ساحات الموضة العالمية تألق مصمم الأزياء السعودي العالمي محمد آشي Mohammed Ashi، الذي يعد ملهماً استثنائياً، إذ ليس كل من يملك رؤية يستطيع أن يصنع حلماً. آشي أخذ يبدع من رحم الروح المحافظة، وتجلى حسه التجريبي غير التقليدي في تصاميم غردت خارج السرب، لتبهر عشاق الموضة بمزيج رفيع وراقٍ من الثقافتين العربية والغربية.

قصته ملهمة بامتياز، إذ كان عليه تحدي القيود ليقتفي حلمه، ويحققه، وقد نجح في ذلك. آشي استطاع في فترة زمنية لا تتجاوز 12 عاماً، أن يضع بلده على خارطة الموضة العالمية، وأن يشق لاسمه طريقاً على السجادة الحمراء، بتصاميم جمعت بين فنون الهندسة المعمارية والنحت، تميزت بقصات متقنة وتطريز أنيق، مع ألوان هادئة تارة، وثائرة تارة أخرى، تماماً مثل ثورته على التقاليد.

التأثر بالقديم
آشي من مواليد مدينة جدة، 1980، شغفه بالفن أدخله عالم الموضة، حيث عشق الرسم في الخامسة، وحضر أول عرض أزياء في الـ12 من عمره. درس التسويق في نيويورك، ثم تصميم الأزياء في معهد ESMOD الباريسي. واستهل الرحلة متدرباً على يد المصمم اللبناني العالمي إيلي صعب، ودار جيفنشي، وبعدها أطلق علامته Ashi Studio من بيروت في عام 2007، متأثراً بمدارس الكوتور القديمة أمثال المصمم الإنجليزي Charles F Worth، وسرعان ما ذاع صيته وأصبح أحد أشهر مصممي الأزياء الشرق أوسطيين في العالم. وأقبلت على إبداعاته النجمات أمثال بيونسيه، وليدي غاغا، وسارا جيسيكا باركر، وهايدي كلوم، وسونام كابور، وديبيكا بادوكون، والعارضة الكندية ويني هارلو، ومغنية الراب الأميركية كاردي بي.

التحدي الأكبر
لم يكن الطريق إلى الشهرة التي حققها آشي محفوفاً بالورد، بل كانت البداية وعرة للغاية، إذ كانت أسرته تعده كي يكون طبيباً أو مهندساً أو رجل أعمال، ووفق قوله: «كان عليَّ أن أحطم الكثير من القيود، وأواجه أطناناً من العقبات، لأصل إلى ما أنا عليه الآن». لم يكن هنالك أي مساحة للتفكير الحر أو المستقل. وعندما أبلغ والده برغبته في أن يصبح مصمم أزياء، رفض على الفور، وأخبره بأنها مهنة قاصرة على الإناث. واستلزم الأمر منه الكثير من التمرد، والاستماتة في إقناع والده حتى وافق. لكن التحدي الأكبر كان أن يضع بصمة مميزة لتصاميمه، ويثبت قدرته، بوصفه مصمماً شرق أوسطي، على مواكبة مجريات الموضة في العالم، وكسر الصورة النمطية عن العرب لدى الغالبية.

نجاح باهر
انبثقت موهبة آشي من مجتمع قلما حصد مصممو الأزياء فيه شهرة عالمية، فداره تنازع أوسكار دو لارنتا في أميركا، وديور في أوروبا. مصادر إلهامه هي الهندسة المعمارية والأفلام والموسيقى في حقبتي الأربعينات والخمسينات، فضلاً عن استعارة بعض سمات التسعينات في إبداعاته. آشي ينهل من الماضي ويصب عليه من فيض حسه العصري، وتلك هي البصمة التي نجح هذا الملهم العربي في جعلها سمته الفريدة.