هل تسبب الأم الفنانة، التي تحظى بشهرة ونجومية، مشاكل نفسية لأطفالها من دون إرادتها، بسبب هذه النجومية؟ وهل الانتقادات التي تتعرض لها والشائعات التي تُثار حولها، تؤثر سلباً في صحتهم النفسية؟ وما تأثير تسليط الأضواء على أطفال النجمات؟ عن كل هذه التساؤلات وغيرها التي تتعلق بمدى تأثير نجومية الأمهات الفنانات في الصحة النفسية لأطفالهن، تتحدث استشارية العلاقات النفسية في التربية والشباب والأسرة، الدكتورة منى يوسف، بمناسبة «عيد الأم».

نظرة المجتمع للفنانة
• ما التأثير النفسي في أولاد الفنانات؟
التأثير مختلف ومُتفاوت في درجاته، ولكن تحدّده بشكل كبير نظرة المجتمع إلى هذه الفنانة أو تلك، وطبيعة الأدوار التي تقدمها على الشاشة، فإذا كانت الفنانة تحمل تقديراً ونظرة إيجابية من المجتمع نحوها، سيكون هذا التأثير إيجابياً في الصحة النفسية لأطفالها، وإذا كانت النظرة سلبية سيكون التأثير سلبياً، وهذا الأمر يبدأ الطفل بإدراكه بشكل حقيقي ومؤثر عندما يتعامل مع أطفال وأشخاص من خارج طبقته، لديهم نظرتهم تجاه هذه الأم الفنانة، لثقافهم المختلفة عن ثقافة مجتمعه وطبقته، وهنا يبرز مدى تأثير النظرة العامة للمجتمع تجاه هذه الفنانة.

• تعرضت الفنانة رانيا يوسف لهجوم وانتقادات بسبب الفستان الذي ارتدته في «مهرجان القاهرة السينمائي» الأخير، فهل يمكن أن يُحدث ذلك تأثيراً نفسياً سلبياً في ابنتيها؟
ما جرى مع رانيا، كان له تأثير سلبي وقتي في ابنتيها؛ بسبب الضجة التي أثيرت حولها، والانتقادات التي تعرضت لها جرّاء نظرة المجتمع إلى هذه الفنانة من خارج طبقتها، أمّا أن يكون التأثير النفسي عميقاً ودائماً فهذا مستبعد؛ لأن ابنتيها بالتأكيد لم تواجها هذه الانتقادات من داخل مجتمعهما والدائرة المحيطة بهما.

تأثير إيجابي
• هل من تأثير نفسي إيجابي يعود على الصحة النفسية للأطفال، بسبب طبيعة عمل أمهاتهم في الفن؟
بالتأكيد، لأن إدراك الأطفال أن أمهاتهم فنانات مشهورات، يجعلهم يشعرون بأنهن متميزات عن غيرهن من أمهات أصدقائهم وزملائهم، بل ويشعرون بأنهن من النوادر. وهذا ما يجعل هؤلاء الأطفال يشعرون بالفخر من داخلهم بأنهم أولاد فنانات، خاصة عندما يُدركون من المحيطين بهم بأن أمهاتهم مبدعات ويمتلكن موهبة لا يحظى بها إلا أشخاص محددون في الحياة، وهذا الأمر له تأثير إيجابي جداً في الصحة النفسية لهؤلاء الأطفال، ويُسهم في سعي هؤلاء الأطفال إلى التميز في نشاط أو هواية ما، ليكونوا مبدعين مثل أمهاتهم، وليحظوا بالتقدير الذي تحظى به أمهاتهم.

• هل يعد تباهي أبناء الفنانات بنجومية أمهاتهم وسط أقرانهم أمراً طبيعياً؟
لا. هو موضوع استعراضي وبداية للشخصية النرجسيّة، ولهذا يجب السيطرة على هذا الأمر من البداية، ويجب أن تتحدث الأمهات النجمات مع أطفالهن في هذا الموضوع، ويشرحن لهم كيف يجب أن يتباهوا بأنفسهم من خلال تفوقهم في دراستهم، وتميزهم في ممارسة رياضة ما أو أي هواية تساعدهم على الإبداع، ليتباهوا بذلك وليس بنجومية أمهاتهم وشهرتهن.

مجرد خيال
• رؤية أطفال الفنانات للأعمال الفنية التي تجسد فيها أمهاتهم أدواراً تتسم بالشر أو العنف، هل يمكن أن تؤثر في صحتهم النفسية أو في علاقاتهم مع أمهاتهم؟
نعم، خاصة إن كان عمرهم أقل من 10 سنوات، لهذا يجب ألا يُشاهد الأطفال هذه الأعمال في هذه المرحلة من عمرهم، وإذا حدث وشاهدوها. فيجب على هذه الأم الفنانة أن تجلس مع طفلها وتتحدث معه شارحة له طبيعة عملها، وموضحة له أن ما شاهده وما تقدمه على الشاشة مجرد خيال، وليس له علاقة بالحقيقة وبشخصيتها الحقيقية، ويجب أن تُجيب عن أي سؤال يسألها إيّاه طفلها حول هذا الأمر وألا تمل من ذلك، ولا تترك طفلها إلا بعد أن تتأكد أنه أدرك تماماً أن ما شاهده على الشاشة مَحْض خيال، وليس له علاقة بشخصيتها الحقيقية.

• تضطر العديد من الفنانات، بسبب طبيعة أعمالهن، للانشغال عن أطفالهن والابتعاد عنهم لفترات متواصلة، أثناء تصوير أعمالهن، ويبقى الأطفال مع المربية، فما تأثير ذلك فيهم؟
الغياب الطويل يؤثر في هؤلاء الأطفال، فإذا كان هذا الابتعاد يحدث كثيراً فإن ذلك سيسبب خللاً عاطفياً، لأن هؤلاء الأطفال سيشعرون بأن هناك أُماً وهمية في حياتهم، موجودة معهم باستمرار، وهي الخادمة، وأخرى حقيقية لا تكون موجودة معهم إلا نادراً. وهذا الأمر يسبب لهم تأثيراً نفسياً سلبياً، خاصة بالنسبة إلى الذكور، فالولد يشعر فيما بعد بأنه لم يشبع من أمه التي تُعد أول امرأة في حياته.

البُعد عن الأضواء
• ما مدى خطورة تسليط الأضواء على أطفال الفنانات إعلامياً؟
هو أمر ليس في مصلحتهم، ولكنه لا يصل إلى درجة أنه يجعلهم أطفال غير أسوياء كما يردد البعض، ولكن الأفضل بالتأكيد إبعاد هؤلاء الأطفال عن الأضواء، ليعيشوا مرحلة طفولتهم بحرية.

• هل تؤثر الشائعات أو الانتقادات التي تتعرض لها الأم الفنانة في نفسية طفلها؟
هو تأثير متفاوت إلى حد كبير، ويخضع بشكل أساسي لفكرة «الشلة»، بمعنى أن هذه «الشلة» التي يمثلها الأصدقاء والصديقات، إذا كانت داعمة لهؤلاء الأولاد ضد هذه الانتقادات والشائعات مهما كانت، فلن يكون هناك أي تأثير نفسي في أولاد الفنانات، أما إذا تبنّت «الشلة» أو أحد أفرادها هذه الشائعات والانتقادات وردّدتها. فهنا سيكون هناك تأثير سلبي كبير.

نصائح للنجمات
تنصح استشارية العلاقات النفسية في التربية والشباب والأسرة، الدكتورة منى يوسف، الفنانات الأمهات من أجل تجاوز أي تأثير نفسي سلبي في أطفالهن بسبب نجوميتهن وشهرتهن، قائلة: «أول نصيحة للأم الفنانة ألا تُشعر أطفالها بأن عملها الفني أهم عندها منهم، وتؤكد لهم هذا بالأفعال لا بالكلام، حتى إن كانت تنشغل عنهم لفترات طويلة، وأن توضح لهم أنها تعمل من أجلهم ومن أجل الإسهام في توفير حياة جيدة لهم. ثانياً: أن تسعى جاهدة إلى ألا تُهمّش دورها وتأثيرها في حياة أطفالها، بسبب انشغالها بعملها الفني، وتشجع وتنمّي المواهب المختلفة داخل أطفالها؛ ليكون لهم شخصية ذاتية متميزة يتباهون بها وليس بشهرة ونجومية الأم. ثالثاً: ألا تتأثر الأم الفنانة بانتقادات لطبيعة عملها الفني، فينعكس هذا على تعاملها مع أطفالها بشكل حاد أو صادم، أو توجيه مفردات الوعظ والنصائح بشكل دائم ومباشر إلى أطفالها له علاقة بهذه الانتقادات، مثل محاولة نفي هذه الانتقادات عن نفسها بهذه الطريقة، واجتهاد الأم الفنانة ليكون المناخ العام لحياة أطفالها يحمل طابع «هارموني» مع طبيعة حياتها وعملها الفني، لأن هذا يحقق توازناً نفسياً للأطفال، ويُسهم بشكل إيجابي في صحتهم النفسية».