لم تكن مسيرة المرأة يوماً، سوى سلسلة من النضالات السياسية والاجتماعية التي واجهتها، فأخفقت حيناً وتكللت بالنجاح في أحيان كثيرة، الأمر الذي جعلها تزداد إيماناً بقضيتها، فاتحة عصراً للحداثة بإنجاز يتألق في سماء العطاء الإنساني، ونجوماً تهتدي بها أجيال النساء القادمات، وهنّ يطرقن أبواب التحرر والتنمية.
في «اليوم العالمي للمرأة»، الذي يُصادف الثامن من مارس كل عام، ترصد مجموعة من الناشطات في العالم العربي، بعض المكاسب والحقوق التي استطاعت النساء نيلها في بلادهن.

استقرار ونجاحات

في دولة الإمارات، تفخر العضو السابق للبرلمان الإماراتي والأستاذ المساعد في «كليات التقنية العليا»، الدكتورة شيخة العري بما تحقق من إنجازات كبيرة وقوانين مُنصفة لمصلحة المرأة الإماراتية، والتي قادت إلى تمكينها ووصولها إلى مراكز قيادية، تفخر بها المرأة العربية عموماً، وذلك في القطاعات الحكومية والخاصة على حد سواء، وتضيف: «تكللت هذه الإنجازات هذا العام، برفع نسبة تمثيل المرأة في «المجلس الوطني الاتحادي» إلى 50%، اعتباراً من دورة 2019». وتؤكد العري أن المرأة في الإمارات تقلدت مناصب رفيعة في الدولة، منها منصب رئيسة «المجلس الوطني الاتحادي»، وكذلك مناصب مهنيّة أخرى مهمة في قطاعات الهندسة والطب والتعليم، تعكس ثقة المجتمع والقيادة الرشيدة بها، وآخرها دخولها ضمن تشكيل «مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي».
وترى العري، أن المكاسب التي نالتها المرأة الإماراتية كذلك في مجال حقوقها الشخصية، تدعو للتفاؤل والرضا، إذ سُنّ لها الحق في تملك السكن سواء أكانت عازبة أم متزوجة، إضافة إلى منح أبناء الإماراتيات من الأزواج الأجانب جنسية الأم، وذلك لتحقيق استقرارها النفسي والعائلي.

مسيرة إنجازات

في جمهورية مصر، تعبر النائب في «البرلمان المصري»، الدكتورة إيناس عبد الحليم، عن اعتزازها بالإنجاز الذي حققته المرأة المصرية منذ عهود طويلة، وذلك بمشاركتها بنسب كبيرة في المناصب العليا والقيادية وفي قوة العمل، إضافة إلى استردادها حقوقها من خلال قوانين كثيرة ومشاريع تمكين وقفت إلى جانبها، مثل مُساندة المرأة المعيلة، كذلك تتمثل مكتسباتها في كثير من القوانين لمصلحتها في مواجهة ظاهرة العنف ضدها وإنشاء مفوضية لمواجهة التمييز.
وترى عبد الحليم، أن من أهم المكاسب المصرية التي تبعث على الرضا كذلك، إعادة تشكيل «المجلس القومي للمرأة» ، للدفاع عن قضاياها وتنمية شؤونها والنهوض بأوضاعها، ومواجهة محاولات تهميش دورها والتجاوزات على حقوقها. وتشير عبد الحليم إلى أن المرأة تعمل جنباً إلى جنب مع الرجل في مواقع العمل الوطني كافة، حيث تولت منصب القضاء، وتدرجت في مختلف درجات السلك الدبلوماسي والقنصلي والتجاري والإعلامي والثقافي، وأصبح من حقها أن تشغل منصب عمدة أو شيخ بلد، وتُـوّج ذلك كله في تمثيلها بـ89 مقعداً في «مجلس النواب»، من إجمالي المقاعد البالغ 596 مقعداً، بنسبة 14.6%، وهي النسبة الأعلى في تاريخ البرلمانات المصرية.

حريات أوسع

في المملكة الأردنية الهاشمية، تؤكد رئيسة «جمعية المرأة الأردنية» في دولة الإمارات، آمال بهجت صليبي، أنّ ما حققته المرأة الأردنية يتكئ على ماضٍ عريق من العمل والجهود والمطالبات، تكللت بمكاسب كبيرة لها ولكثير من نساء بلادها، موضحة: «على مَرّ الوقت حققت المرأة الأردنية مزيداً من المكتسبات، إذ أصبح لها فسحة أكبر وحريات أوسع في التعبير والتغيير وصوتها قوي في البرلمان، وأصبحت تقود منظمات محلية لحقوق الإنسان ولحماية الأسرة، ولا تزال ترتفع لتحقق مكانتها في سلك القضاء، وأعداد المحاميات وشهرتهن في حل القضايا بحنكة تزداد يومياً».
وتُبيّن صليبي، أن المرأة الأردنية ناضلت لكسب ثقة المجتمع وحصلت على رضا واحترام كبيرين، نتيجة اجتهادها وسعيها إلى تطوير ذاتها. وتشرح: «تغيّرت قوانين لأجل المرأة وراحتها ومتطلباتها في بلدي، إذ كافحت لأجل الحصول على حقها في تقرير مصيرها، وهي الآن مثلها مثل الرجل وتُعامل معه بمساواة وعدل، وهي الآن نصف المجتمع، بل كله في بعض الحالات».

تحديات وإنجازات
 
في الجمهورية الجزائرية، تشير الناشطة في مجال المرأة والطبيبة السابقة في «الدفاع المدني»، الدكتورة فاطمة بن حلي، إلى أن للمرأة الجزائرية تاريخاً طويلاً مع النضال، مُضيفة: «في العقدين الأخيرين أصبحت شريكاً استراتيجياً في التنمية، وباتت حاضرة في المؤسسات العليا، بموجب القانون في المجالس المنتخبة محلياً ووطنياً، إذ يبلغ تمثيل المرأة في البرلمان 30%، كما تولت العديد من الحقائب الوزارية والمناصب السيادية».
وتُعبّر بن حلي عن فخرها ورضاها بما تحقق لبنات بلدها، بالقول: «في عام 2017 حصلت المرأة الجزائرية على رتبة (لواء)، وهي من أعلى الرتب العسكرية عربياً، لكن تبقى تجربة المرأة «القاضي» التي بلغت 45% بين قاضٍ رئيسي للمحاكم ووكيلات الجمهورية، الأبرز والمثيرة للإعجاب دولياً». وتُضيف بن حلي: «من أعظم ما تحقق للمرأة حصولها في عام 2005، على حق تجنيس أطفالها من أب غير جزائري، إضافة إلى إقرار قانون يُشدّد عقوبة تعنيف المرأة والتحرّش بها من سنة إلى 20 سنة، على حسب الحالة، وكذلك قانون حماية المطلقة الحاضنة».

تمكين ومساواة

في الجمهورية التونسية، تُثمّن الناشطة في المجتمع المدني، والحقوقية إنصاف فتح الله قمعون، المكاسب التي حصلت عليها المرأة التونسية، والتي قد تتفوق بها على كثير من بنات جنسها في العالم العربي، وتضيف: «تحتوي مجلة قوانين الأسرة في تونس على تغييرات جوهرية، من أهمها منع تعدد الزوجات، وسحب القوامة من الرجل، وإقرار المساواة الكاملة بين الزوجين في الوصاية على الأبناء، وحق المرأة في منح الجنسية لأبنائها، فضلاً عن المساواة الكاملة في كل ما يتعلق بأسباب الطلاق وإجراءاته وآثاره، وجعله في يد المحكمة دون سواها، وجعل الطلاق ثلاثاً مانعاً مؤبّداً، كما تم منع إكراه الفتاة على الزواج من قبل وليها، وتحديد السن الأدنى للزواج بـ18 سنة للفتاة والشاب، وكذلك منع الزواج العرفي، وفرض الصيغة الرسمية للزواج وتجريم المخالف». وتشير قمعون في سجل المكاسب إلى تقرير «فجوة النوع الاجتماعي» لعام 2008، الذي صنّف تونس في المرتبة الثانية عربياً، من حيث تعزيز إشراك وتمكين المرأة والمساواة بين الجنسين، «إذ بلغت نسبة التمثيل السياسي للمرأة في تونس 11.5% للعام نفسه».