في استثمار إنساني للتنوع والتأريخ، تلتقي دولة الإمارات مع المملكة العربية السعودية في معرض مشترك يتردد فيه «صدى القوافل»، الذي شهد رمزيات وسحر التلاقُح الثقافي الذي خطته خطواتهما منذ زمان بعيد، إذ لا يمنح هذا اللقاء الحضاري بُعداً جمالياً ومعرفياً فحسب، وإنما أيضاً دعوة للتفكير في المستقبل بتلك القيم ذاتها، التي لطالما جَمَعت البلدين. «زهرة الخليج» تُسلط الضوء على مقتنيات المعرض.

قطع أثريه

يحتضن المعرض التاريخي 50 قطعة أثرية مكتشفة في المملكة العربية السعودية، تُعرض للمرة الأولى أمام الجمهور، وتكشف عن الروابط التاريخية العميقة والتقاليد والعادات المشتركة بين أبناء منطقة الجزيرة العربية. كما يتضمن ست قطع أثرية من مقتنيات «متحف الشارقة للآثار»، اكتُشفت في أهم المواقع التاريخية في الشارقة، وهي «مليحة» و«مويلح» و«جبل البحيص»، ويعود تاريخها إلى فترة تتراوح بين 2000 سنة قبل الميلاد، وعام 300 بعد الميلاد. كما يشرح المعرض داخل أروقته تواريخ القطع المعروضة، وأهميتها الفنية والتاريخية والعلمية في قراءة ودراسة وتحليل تاريخ التجارة، وطرق القوافل والآثار في شبه الجزيرة العربية، إضافة إلى أماكن اكتشافها التي تسرد جزءاً مهماً من تاريخ المنطقة وثقافتها، والعلاقات بين سكان المناطق في ذلك الوقت.

مراكز السعودية

يضم المعرض مجموعة نادرة من القطع الأثرية، ذات الأهمية التاريخية والفنية، المكتشفة في ثلاثة من أهم المراكز التجارية القديمة في المملكة العربية السعودية، خلال فترة ما قبل الإسلام، وتشمل مواقع «نجران»، و«العلا» و«تيماء»، والتي تُعتبر بمواقعها الجغرافية محطات تَوقّف على أهم الخطوط التجارية الرئيسية، حيث كان المسافرون وقوافل التجار يقصدونها وهم مُحمّلون بالبضائع المختلفة، مثل البخور، الأواني الفخارية، وغير ذلك من المصنوعات الحرفية. كما كان المسافرون على الطرق التجارية القديمة، يعبرون «نجران» في جنوب الجزيرة العربية، في طريقهم إلى موقع «العلا»، والذي شكل نقطة ربط بين المدن والمناطق في الجنوب، والمراكز الثقافية الكبرى في أقصى الشمال، بينما كان موقع «تيماء» نقطة عبور رحلاتهم إلى بلاد الرافدين.

تصاميم

من خلال مقتنياته الفريدة التي يُعرض أكثرها لأول مرة خارج السعودية، يُسلط المعرض الضوء على قائمة من القطع الأثرية والمنحوتات غنية بالتفاصيل، من البرونز إلى الماعز والإبل، ومَذبَح من الحجر الرملي ينتهي بمجسّم لرأس ثور له قرنان، ومفتاح من البرونز، ومباخر بتصاميم متنوعة، وعدد من التماثيل، إضافة إلى مجموعة من الجِرار والأواني الفخارية مختلفة الأشكال والأحجام.

تواصل وتبادل

عن السّبُل التي كان يتبعها أبناء القرى والمدن في مختلف أرجاء الجزيرة العربية للتواصل والتبادل التجاري فيما بينهم، يقدم المعرض لمحة من ذلك الزمان، حيث كان سكان المنطقة يتنقلون ويعبرون المسافات الشاسعة، باستخدام شبكة مُعقدة وواسعة من الطرق التي كانت تربط بين أطراف الجزيرة العربية، وتُتيح لهم فرصة تبادل البضائع التجارية وأحدث الأدوات المتوافرة في ذلك الوقت، وكان التواصل قائماً بين أبناء المنطقة، حتى قبل اختراع العملات وصَك النقود والقيام بالمعاملات، بهدف تحقيق المكاسب المادية، حيث يقدم المعرض لمتابعي الفنون والآثار والتاريخ لمحة عن دور تجارة البضائع والمصنوعات في الحفاظ على المجتمعات، في مراحل ما قبل التعامل بالنقود.

صلات وثيقة

معرض «صدى القوافل» يستضيفه «متحف الشارقة للآثار»، بالتعاون مع «الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني» في السعودية، في الفترة بين 17 أكتوبر 2018 و31 يناير 2019. يؤكد المعرض عبر عرض المقتنيات المكتشفة، في كل من المملكة العربية السعودية والشارقة جنباً إلى جنب، وجود صلات وثيقة عميقة وتاريخية، وتشابُه في التقاليد والعادات بين سكان الجزيرة العربية.