قضم كعكة الموضة مرتين: حين تزعّم الثمانينات، وحين عاد للأضواء في 2008. وعلى الرغم من اعتماده المغالاة والغرابة، وصف النقاد المصمم الفرنسي كريستيان لاكروا Christian Lacroix (67 عاماً)، بحامل فرشاة رسم ساحرة. شغفه بالألوان بلغ ذروته، مستحضراً أغناها وأكثرها حيوية في أزيائه التاريخية الأسطورية، التي تُعد من أجمل إبداعات الـ«هوت كوتور» في تاريخ الموضة. مُلهمنا تغنّى بأسمَى آيات دمج الموضة بالفن، تاركاً بصماته المؤثرة في ساحات الجمال.

وُلد لاكروا في جنوب فرنسا في عام 1951، وكان حلمه أن يصبح أميناً لأحد المتاحف، لذا درس تاريخ الفن، لكن العثور على هذه الوظيفة بدا مستحيلاً، فقام بتغيير مساره نحو عالم الموضة. وساعدته زوجته على أن يعمل لدى هيرميس ثم «جان باتو»، وقد لاقت تصاميمه صدى طيّباً، مما شجّعه على أن يبدأ عمله الخاص بمجال الـ«هوت كوتور» في عام 1987.

طابع مسرحي

نمّا لاكروا أسلوباً متميزاً لهم اتسم بالمغالاة والطابع المسرحي، وعشق الصاخب والساخن من الألوان البحرمتوسطية. وقد تأثر أسلوبه كثيراً بدراسته تاريخ الفن والفولكلور، ونشأته في جنوب فرنسا، واشتهر بالتنانير الممتلئة المنفوشة على غرار الطرز التاريخية الإسبانية، والطبعات الدرامية، واستعمال أمتار عدة من القماش، في أزياء مزجت الخيال بالواقع والجرأة بالجمال، مما فسر طول  باعه في مجال تصميم أزياء الباليه والأوبرا والمسرح.


آمن بأن أزياء الـ«هوت كوتور» يجب أن تكون مفعمة بالمرح، على نحوٍ يجعل من الصعب ارتداءها. وبينما عزف بعض المصممين عن أن تكون تصاميمهم غارقة في المغالاة والمبالغة، آثر لاكروا التكلف والاختلاف، وعلى الرغم من ذلك، أقبلت على أزيائه الكثير من الشخصيات الاجتماعية الشهيرة ونجمات «هوليوود»، أمثال، كاترين زيتا جونز، وسارا جيسيكا باركر، وأوما ثورمان، وغوينيث بالترو، ومادونا.

بصمة مؤثرة

لم تقتصر إبداعات الدار على الأزياء، بل توسعت وشملت مستحضرات التجميل، العطور، المجوهرات، اللانجيري، الجينز، النظارات، الأوشحة وربطات العنق. وفي عام 1989، أصبح للدار فروع عدة في باريس، لندن، جنيف واليابان، ومع ذلك لم تحقق أرباحاً مادية، لكن  أسلوب لاكروا نجح في ترك بصمة مؤثرة في مجتمع الموضة والمصممين المعاصرين.

برع حامل الفرشاة الساحرة في تنسيق الألوان المدهشة، حيث أغرم بالألوان الفاقعة، مثل: الماجينتا ودرجات الوردي الفاقع والبرتقالي والأصفر والأحمر والأزرق والأخضر، وربما استحضرها جميعاً في رداء واحد، إضافة إلى ولعه بالأزهار لإبراز جمال خط العنق، أو القبعات، مع وفرة الكرانيش والدانتيل والتطريز المرصع بالجواهر البراقة، والاستعانة بالاكسسوارات اللافتة. تصاميمه ألهمت أجيالاً عدة بالأمل والتفاؤل، ونجحت في تغيير الموضة الكئيبة المظلمة التي سادت آنذاك.

عمل مديراً إبداعياً لدار Emilio Pucci الإيطالية (2002-2005)، وحصل على وسام جوقة الشرف الوطني برتبة فارس، ثم وقع ضحية الأزمة المالية العالمية، وأعلنت داره إفلاسها (2009). ومنذ عام 2011 وهو يصمم لدار Desigual الإسبانية. وتمّت دعوته لتصميم 15 فستاناً من وحي إلسا شياباريلي (2013). وقام بالتصميم الداخلي للقطار الفرنسي السريع، ولفنادق عدة، وابتكر الزي الموحد لخطوط الطيران الفرنسية.