انطلقت الأسبوع الماضي باكورة أعمال وأنشطة «نادي أصدقاء زهرة الخليج»، من خلال جلسة حوارية لمناقشة دور «الصحافة المتخصصة»، وكيفية استعادة دورها المهم والمحوري، استضافت الكتاب الإماراتيين: المحامي أحمد أميري، ومحمد حسن المرزوقي، ود.عمر الحمادي، بحضور سعادة الدكتور علي بن تميم، المدير العام لشركة «أبوظبي للإعلام»، وقادة «أبوظبي للإعلام» منهم: مدير دائرة النشر د.سلطان الرميثي، ومستشار تطوير قطاع النشر باسل رفايعة، ومدير دائرة التلفزيون عبدالرحمن الحارثي، والمدير التشغيلي للتلفزيون هيثم الكثيري، والمدير التنفيذي للخدمات المساندة طلال المزروعي، ورئيس تحرير الاتحاد حمد الكعبي، ومستشار الدراما د.خليل الشيخ، ومدير «أكاديمية الشعر» سلطان العميمي، والكاتب ناصر الظاهري، ورئيسة صالون ملتقى الأدبي أسماء الصديق، ومدير تحرير الخليج تايمز مصطفى الزرعوني، والإعلامي د.سليمان الهتلان، ونخبة من الإعلاميين والمثقفين.

عرّفت رئيسة تحرير مجلة «زهرة الخليج» بشاير المطيري في بداية الجلسة الحوارية التي أدارتها بأهداف (نادي أصدقاء «زهرة الخليج») قائلة: «إنها ترتكز على إلقاء الضوء على قضايا تهم المجلة ومحتواها المتنوع واهتمامات قرّائها، فضلاً عن الاستفادة من خبرات ومعارف أعضاء النادي، والمتوقع له أن يكبر، ليضم قامات إعلامية وثقافية من شتّى أنحاء العالم العربي».

وأشارت المطيري في كلمتها إلى أن «زهرة الخليج» تهتم بمظهر المرأة وإطلالتها وما يهمّها في جوانب الجمال والأناقة، ولكن في الوقت نفسه، تحرص المجلة على تقديم المضمون الإعلامي، الذي يهدف إلى الارتقاء بفكر المرأة ثقافياً واجتماعياً، مؤكدة أن الصحافة الورقية غير مرشحة للإنقراض، ولهذا فقد تم اختيار «الصحافة المتخصصة» لتكون محور الجلسة الحوارية الأولى، مؤكدةً أن الصحافة تشهد تراجُعاً بسبب انتشار وسائل «التواصل الاجتماعي»: «وعلينا اليوم محاولة استعادة هذا الدور الحيوي للصحافة المتخصصة».

«تسطيح» دور المحامي

أكد المحامي والكاتب أحمد أميري في مُداخلته أن هناك حالة استسهال في التعامل مع القوانين، مُعيداً هذا الأمر إلى ثقافة المجتمع، التي تعتقد أن لغة القانون البسيطة تسمح بأن يستخدمها كل شخص بنفسه، من دون العودة للمتخصصين في المجال القانوني والقضائي. وانتقد أميري الدور السلبي الذي تلعبه بعض المسلسلات الخليجية والأفلام السينمائية في «تسطيح» دور المحامي، متناسين أن المحاماة تستغرق سنوات من الدراسة والعمل والتخصص.وانتقل أحمد أميري في اختتام كلمته إلى تناول الصحافيين للأمور القانونية، ناصحاً إياهم «باكتساب معرفتها والتعامل معها بجدية».

الحجامة والكيّ

من جهته، أكد الدكتور عمر الحمادي أنه يُفجَع عندما يقرأ عنواناً في مطبوعة ما، على شاكلة «قشر البرتقال يقضي على السرطان»، مُتسائلاً عمّن يتحمل المسؤولية في إيصال المعلومة الخاطئة إلى المتلقي في وسائل الإعلام.

ويُتابع قائلاً: «البعض يلجأ إلى (الطب البديل)، مُتجاهلاً التطور العلمي في (الطب الحديث)، ويستبدل بأساليب العلاج الحديثة العودة للحجامة والكيّ، وما إلى ذلك»، وساق الحمادي بعضاً من الأمثلة السلبية عن ارتكاز بعض وسائل الإعلام على أسس غير علمية في تسويق بعض الأفكار الطبية، منها: «قضية ارتباط مرض (التوحّد) بتطعيم الحصبة»، مؤكداً أن «التوحد» يظهر في الشهر الـ18، وهو الوقت نفسه الذي يجب فيه إعطاء هذا التطعيم، وقد تلقّف أحد الصحافيين في بريطانيا هذه المعلومة من طبيب ما ونشرها، فأحدث حملة مضادة ضد التطعيم، مما جعل الكثيرين من الأهالي يمتنعون عن تطعيم أطفالهم بسبب هذه المقالة التي استندت إلى معلومات غير دقيقة، وأجريت دراسات مكلفة جداً لدحْض هذه الشائعة الطبية».

نخبوية

هاجم الكاتب محمد حسن المرزوقي المثقفين العرب بشكل عام، مؤكداً أنهم أبرع الناس في إلقاء اللوم على الآخرين، في حين أنهم مُلامون في الدرجة الأولى بتراجع الدوريات والملاحق الثقافية التي توقف الكثير منها عن الصدور، بعد سطوة وسائل «التواصل الاجتماعي»، قائلاً: «هذه الدوريات شهدت تراجُعاً حاداً، ولكنهم تذرّعوا بوسائل التواصل، علماً بأنهم أسسوا مملكة نخبوية اسمها الثقافة، وحظروا أي شخص من غير المثقفين الدخول إليها، مؤكداً أن جائزة «نوبل» العريقة مثلاً، مُنحت لفنان وصحافية، مما يؤكد أن دائرة الثقافة في العالم توسعت، إلا أن العالم العربي لا يزال يدور في حلقة مغلقة».

وأشار المرزوقي إلى أن الإعلام العربي يُكرّس الفصل الثقافي عن باقي الفنون التي وضعها ضمن المنوعات، كالسينما والموسيقى، مُبيّناً أن وسائل «التواصل الاجتماعي» قدمت خدمة جليلة للثقافة العربية: «ففي حين كان النقد مثلاً محصوراً بفئة مُعينة يصدرون قراراتهم الصارمة بشأن أي قضية ثقافية، أصبح اليوم في إمكان أي شخص أن يضع رأيه في كتاب يقرؤه ويقيّمه».

روح عصرية

بدوره، أكد الأديب والباحث الإماراتي سلطان العميمي مدير «أكاديمية الشعر» في مداخلته على حالة التكامل التي يشهدها الإعلام بشقيه التقليدي والحديث، مشيراً إلى أن المطبوعات الورقية قد تأثرت من وجود مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن في المقابل لا يمكن لأحداهما إلغاء الأخرى. وعن الصحافة الثقافية المتخصصة، قال العميمي بأن صفحات كثيرة على وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت تلعب دوراً بارزاً في نقل الأخبار والمقالات النقدية واستعراض أحدث الكتب والأنشطة الثقافية، ولكنه أكد بأنه ستبقى للصحافة الورقية مكانتها في حال تعاملت مع التغييرات بذكاء وواكبت العصر الحديث.

جرس إنذار

في حديثه، أشاد الكاتب ناصر الظاهري إلى التطور الهائل الذي شهدته مجلة «زهرة الخليج»، مُتذكراً بداياتها. ودَقّ الظاهري جرس الإنذار، مؤكداً أن المطبوعات الورقية مُهددة بالتراجع: «إلا إذا وضعت خطة مُحكمة ورفعت متاريس الرؤية من زاوية منفرجة»، وتابع قائلاً: «إن هذا هو الرهان القائم الآن على البقاء بين «الإعلام الرقمي» و«الإعلام الورقي».

وطالب الظاهري بأن يكون هناك إعلاميون متخصصون في مجالات محددة، وألا يتم التعامل مع الإعلام على مبدأ «كلّه عند العرب صابون»، واختتم بقوله: «إن فرنسا مثلاً تنتج مجلات متخصصة للمرأة الحامل، وأخرى للمرأة المرضعة، وثالثة لكيفيّة تربية الأطفال حتى سن السنوات الخمس، ورابعة لتربيتهم حتى سن المراهقة.. وهكذا»، مؤكداً أهمية الإعلام المتخصص في تلبية احتياجات القرّاء والمتلقين.

علي بن تميم: للصحافة دور كبير في نشر الثقافة والوعي
اختتم الجلسة الحوارية سعادة الدكتور علي بن تميم العام المدير لشركة أبوظبي للإعلام، مُشيداً بإطلاق (نادي أصدقاء «زهرة الخليج») الذي جاء تزامناً مع «اليوم العالمي للغة العربية»، التي وصفها بأنها تتحلّى بالجلال والجمال، مؤكداً في الوقت نفسه على دور الصحافة المهم في نشر الثقافة والوعي لدى شرائح المجتمع كافة.