تزخر حضارة الفراعنة التي تمتد إلى آلاف السنين قبل الميلاد، باكتشافات بنَت عليها الشعوب والحضارات الأخرى، ويبدو أن إنجازات المصريين القدماء لا تنتهي، لأن العلماء بعد لم يفرغوا من دراسة الأهرامات والكتابة الـ«هيروغليفية» وحفظ «المومياء»، وسواها من الاكتشافات التي حيرت البشرية. واليوم يكتشف العلماء بأن المصريين كانوا من أوائل مستخدمي الجوارب الملونة. «زهرة الخليج» تسلط الضوء على المثير بالأمر.


اكتشف علماء بريطانيون استخدموا تقنية تصوير غير توغلية ابتكرها المتحف البريطاني، للإضاءة على عملية الصباغة والنسيج في مصر القديمة، أن المصريين القدماء هم من أوائل مستخدمي الجوارب بشكلها الحديث، وقادتهم تقنية التصوير التي اعتمدوها إلى اكتشاف كيفية استخدام المصريين الأصباغ على جوارب الأطفال، بعد اكتشاف جورب في ركام في «أنتينوبوليس» في مصر القديمة، ويرجع تاريخه إلى 300 سنة قبل الميلاد. كما حددت هذه التقنية الألوان المستخدمة لتلوينه، وهي الأحمر والأزرق والأصفر، وكشفت أيضاً كيف استخدم المصريون في العصور القديمة، الصباغة والغزل والألياف الملتوية لخلق ألوان لا تعد ولا تحصى.
وذكرت صحيفة «الغارديان» البريطانية، أن التصوير متعدد الأطياف الجديد استخدم لتحديد الأصباغ التي استخدمت في هذا الجورب، إذ تم استخدام مزيج من ثلاث أصباغ طبيعية فقط، وهي خلاصة أعواد الفوة (من الأعشاب الطبية المعمرة، ويطلق عليها اسم «فوة الصباغين») التي تستخدم كصبغة حمراء، وخلاصة عشبة «النيلة» التي تستخدم للون الأزرق، ونبتة البليحاء أو (الخزام) للون الأصفر.
وأشارت إلى أن عملية التصوير أقل تكلفة واستهلاكاً للوقت، وأقل تدميراً لدراسة المنسوجات القديمة، فالجورب يعود عمره لـ300 سنة قبل الميلاد، وهو صغير وهشّ، وفي حال تم أخذ عينة منه سيتعرض جزء منه للتدمير، ولكن مع التصوير الجديد متعدد الأطياف والتقنيات، سيكون النسيج بأمان مع إمكانية الحصول على مؤشر أولي لما يمكن أن يكون عليه.
كما ذكرت الصحيفة أن العصور القديمة المتأخرة هي فترة طويلة جداً، تمتد من سنة 800 قبل الميلاد إلى 200 قبل الميلاد. وشهدت مصر خلال تلك الفترة أحداثاً كثيرة أثرت في الاقتصاد والتجارة والوصول إلى المواد، وهي أمور تنعكس جميعها في التركيبة الفنية لما كان يرتديه الناس. وأضافت أن الجوارب كانت موجودة منذ العصر الحجري، عندما استخدم رجال الكهوف جلود الحيوانات لتغطية أقدامهم، ويسود الاعتقاد اليوم بأن المصريين القدماء أول من ابتكروا الجوارب المحبوكة، التي تفصل إصبع القدم الأكبر عن باقي الأصابع ليستطيع من يرتديها أن ينتعل الصندل.

اكتشافات أخرى

والمصريون القدماء لم يكونوا أول من استخدم الجوارب الملونة وحسب، بل هم الذين وراء اكتشافات عديدة اعتمدت عليها البشرية، أو كانت مرجعاً انطلقت منه، وأهم هذه الاكتشافات:

حرث الأراضي: تميزت الحضارة الفرعونية بأنها أول من توصّل إلى نظام حرث الأرض عن طريق الثيران، لجعل نظام الزراعة أسهل وأكثر ربحاً.

الترباس: تعود هذه الطريقة لغلق الأبواب إلى الحضارة المصرية، وكانت لا تقتصر على أبواب المنازل فقط، بل شملت أبواب المدن أيضاً. وكانت الأقفال المستخدمة أكثر تقدماً من تلك التي اخترعت في روما بعد سنوات.

التقويم الشمسي: وضعه قدماء المصريين لتقسيم السنة إلى 13 شهراً، ويعتبر من أوائل التقاويم التي عرفتها البشرية. كما أنه الأكثر دقة حتى الآن من حيث ظروف المناخ والزراعة خلال العام، ويعتمد عليه المزارع المصري إلى اليوم في مواسم الزراعة والمحاصيل.

اللغة الهيروغليفية: تعد من أوائل اللغات في الحضارات كافة، وهي مكونة من 500 حرفاً، ومنها انطلق نظام الكتابة الأول. استعملت «الهيروغليفية» كنمط كتابة رسمي لتسجيل الأحداث والنصوص الدينية، على جدران المعابد والمقابر وأسطح التماثيل والألواح الحجرية المنقوشة والخشبية الملونة.

ورق البردى: صنع المصريون هذا الورق من نبات البردى الذي كان ينمو على ضفاف نهر النيل، وحققوا بذلك ثورة في عالم الكتابة، قبل البدء بتصديرها إلى الخارج.
* أقلام القصب: المصريون كانوا أيضاً أول من اخترع الحبر الأسود المكون من الماء والسخام والخضراوات للكتابة، كما أنهم ابتكروا «قلم القصب».

مبيض الأسنان: ابتكر الفراعنة من خل النبيذ طريقة سهلة لتبييض الأسنان وإعطائها اللمعان المطلوب، كما استعانوا بحجر الخفّاف لإزالة العوالق الموجودة على سطح الأسنان، والأحجار الكريمة في تجميلها. ويرجح أن المصريين أول من صنعوا معجون الأسنان، من مسحوق العظام، رماد البيض المحروق، الأصداف، القواقع، الحلزون، ورماد حوافر الثيران.