في كل عمل يشارك به، يثبت الفنان خالد الصاوي أن لديه الثقافة والرؤية والنظرة الفلسفية. وانطلاقاً من رؤيته التحليلية للأعمال السينمائية، يضع الصاوي في حواره مع «زهرة الخليج» النقاط على الحروف، في قضايا فنية عدة. ونسأله.

كنت عنصراً فعالاً في الورش والفعاليات السينمائية التي عقدت على هامش «مهرجان الجونة»، فما تقييمك لما رأيت؟
شاهدت أفلاماً عديدة، لكني أريد التركيز على فيلم «يوم الدين»، لأنه عمل عظيم بكل المعاني، ومشرف لنا مصريين وعرباً، وأريد القول إنني شاهدت أفلاماً في دور السينما العالمية كافة، وتحملت مشاهدة أفلام كثيرة مملة من «بتاعة المهرجانات»، وعلى الرغم من ذلك لم أرَ فيلماً بهذه الجرأة، سواء أكان في شكل البطل أم معالجة الموضوع، وأبهرتني قدرة المخرج على جعل موضوع محزن وموجع ومنفر يتحول إلى مادة محببة، تجعل الجمهور يبكي ويبتسم في آنٍ واحد، وفي الحقيقة، حين شاهدت الفيلم صفقت حتى آلمتني يداي.

هل تتوقع وصول الفيلم إلى القائمة القصيرة في منافسات «الأوسكار»؟
ليس المهم عندي وصوله إلى«الأوسكار»، ولكن هناك مثلاً أعتبره منهج حياتي. فوالدي مثلي الأعلى في الحياة، وفي الفن أم كلثوم، لذلك عندما أجد سيدة تقدم عملاً جيداً أحترمها وأدعمها، وإنتاج فيلم «يوم الدين» لسيدة، وبالتالي يجب علينا دعمها.

فيلم «الضيف»

انتهيت مؤخراً من تصوير فيلم «الضيف»، حدثنا عن مشاركتك فيه؟
استمتعت بالعمل في هذا الفيلم منذ اليوم الأول لأسباب كثيرة. أولها أن سامح شقيق مخرج الفيلم هادي الباجوري كان صديقي، ولكني كسبت صداقة هادي أيضاً خلال العمل، الذي كان سبباً في إقناعي بقبول المشاركة فيه، خاصة أني اعتذرت عنه في بادئ الأمر.

ما السبب؟
الأسباب كثيرة، أهمها أني أمر بظروف ليست جيدة، خاصة أن أحد المنتجين لم يعطني أجري كاملاً، ويظن أني سأتنازل عن حقي، وهو مخطئ بلا شك، وحينما حدثني هادي قلت له: «هو علشان الدور منفعش مع ماجد الكدواني فجايبني أنا؟»، فقال لي: ماجد اختياري الأول في أعمال كثيرة، لكن هذا الدور هو دور خالد الصاوي ولا أحد غيره. وقد كان صادقاً في ذلك. واستمتعت أيضاً بالتعاون مع إبراهيم عيسى مؤلف الفيلم، وأعتقد أني قدمت دوري كما كان يتمنى، وأشكر أيضاً المنتج الفني أحمد فهمي، الذي تحملني وامتص جنوني كثيراً.

وما الجديد الذي تقدمه في دورك خلال الفيلم؟
فكرة أن تكون شخصاً يسعى إلى تجديد الخطاب الديني، وفي الوقت نفسه لست «معمماً»، ولا تأخذ هذا الشكل المعتاد، وهذا لا يعني أنك منفصل عن هذا الشكل، ولكنك تركز أكثر على شكل الشخص العادي، وتدخل حروباً ومعارك، وتجد أن هناك كثيرين يكفرونك طوال الوقت، وهذا في تراثنا موجود وشاهدناه من خلال شخصية (ابن رشد) في فيلم «المصير»، من خلال رجل يريد أن يوفق بين العقل والدين، كل هذا كان جديداً ومختلفاً بالنسبة إلي، فأحسست أثناء تقديمي الشخصية بأن «ابن سينا» و«ابن رشد» يكمنان داخلي.

شبيه «الأصليين»

لكن، ألا ترى أن هذه الشخصية تشبه إلى حد ما، دورك الذي قدمته في فيلم «الأصليين»؟
فيلم «الأصليين» عمل مختلف، لأن الشخصية هناك غير موجودة أساساً، فهي شخصية رقمية تقدم من لحم ودم، وكأن النظام يظهر بأنه إنسان. لكن في العموم، لا بد أن أشعر بفاصل كبير بين كل شخصية أقدمها، فعلى سبيل المثال، قدمت أكثر من مرة دور الضابط، لكن أتحدى أن يكون هناك دور يشبه الآخر.

لكن هناك تماساً أيضاً بينها وبين الشخصية التي قدمها عمرو سعد في فيلم «مولانا»، خاصة أنهما للمؤلف نفسه؟
الفيلمان مختلفان تماماً، المشكلة واحدة ولكن لا يتم عرضها بالطريقة نفسها، فالفكرة هنا نفسها ولكن أشكال الدراما المقدمة مختلفة، ولهذا سيكون «الضيف» مختلفاً تماماً عن «مولانا».

حنين إلى «الفارس»

تشارك أيضاً في فيلم «الفارس» إلى جانب الفنان كريم عبد العزيز، فما محور دورك؟
الأجواء التي يدور فيها الفيلم تذكرك بأجواء فيلم «أمير الانتقام»، فهو عمل سيغلف بالنكهة العربية الشرقية، ويدور في فترة زمنية في العصور الوسطى، وأعتقد أن الجمهور أصبح ميالاً إلى هذه النوعية من الأعمال، خاصة أن الفيلم  يجسد حالة الحنين إلى الماضي.

ألم تقلقك فكرة المشاركة في عمل يحتاج جهداً كبيراً من ناحية الإنتاج والإخراج والتصوير، بسبب الحقبة الزمنية التي تدور أحداثه فيها؟
نحن كمصريين لو قدمنا أي شيء بتركيز سننجح، فقد لدينا عنصران مهمان لا بد أن نهتم بهما. أولاً، أن نكون عادلين مع بعضنا البعض، فالدولة العادلة وإن كانت كافرة أفضل من الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة. وثانياً، أن نتسلح بالإصرار والعزيمة، لأننا نمتلك 10 آلاف سنة من الحضارة والقيم والأخلاق.

ولكن العمل يحتاج إلى إنتاج ضخم ليخرج بالشكل الذي تحلم به؟
بالطبع يحتاج إلى إنتاج كبير، ومنتج مؤمن بالموضوع جداً، وتكون لديه خطة كي لا يكون هناك هدر، ولا بد من مشاركة الدولة في مشروع كهذا، ليس بمعنى أن تخنق صناع المشروع «وتطلع عينهم»، ولكن أن تكون موجودة، بمعنى أن يقدم كل شخص عمله المطلوب منه، ولو كل شخص قدم دوره وتعاونا مع بعضنا البعض، وأقسمنا على نجاح العمل، سنقدم أعمالاً جيدة، حتى لو كان عملاً كوميدياً وليس تاريخياً.

لكن الفيلم كان مقرراً أن يقوم ببطولته أحمد السقا، ثم انتقل إلى كريم عبد العزيز بعد انتقاله من شركة «الريماس» إلى «السبكي»، فهل ترى أن ذلك قد يسبب بعض الحساسيات؟
مخرج الفيلم محمد سامي من الطراز الخاص، وذكاؤه الشديد يميزه من وجهة نظري، وأشعر بأنه يشبهني، وأرى أن المخرج الناجح لا بد أن يكون أذكى من الجميع، والدليل على أن تلك الحساسيات ليست موجودة، سيتعاون السقا مع سامي في مسلسله المقبل، على الرغم من اعتذار السقا عن الفيلم، وتولي كريم عبد العزيز البطولة.

قضايا معلقة

تتعاون مع السبكي للمرة الأولى، ألم تخشَ ذلك، خاصة أنه معروف بتخفيضه أجور النجوم؟
في الحقيقة أنا متفائل للغاية بالتعاون مع السبكي، وأريد أن أسأل: هل قائل هذا الكلام حصل على أجر من السبكي؟! والإجابة هي أني لا أظن ذلك، لأن الفنان من حقه أن يغضب لو اتفق على أجر ولم يحصل عليه، لكن فكرة أن يتفق الفنان مع المنتج على أجر معين، وبعد حصوله عليه وذهابه إلى منزله يتحدث بهذا الشكل، فبالتأكيد هذا أمر مرفوض، وليس «رجولة» من وجهة نظري.

هل جاءت موافقتك على مسلسل «البيت الأبيض»، الذي يصل عدد حلقاته إلى 45 حلقة، بسبب غيابك عن الدراما لمدة عامين؟
هذا جزء من الموضوع، حيث رأيت أنه لأعدل حياتي وأجعلها أفضل، لن أظل منتظراً أموالي التي لم تأتِ حتى الآن، إضافة إلى القضايا المعلقة، لذا لا بد أن تسير حياتي، كما أني رأيت أنه لا بد من أن أكسب شركة إنتاج أتعامل معها لأول مرة، وسأقدم معها مسلسلاً خلال رمضان المقبل، وهي «فنون مصر»، كلها أسباب جعلتني أقبل المسلسل.

أبيض غامق

يكشف الفنان خالد الصاوي، أنه سيشارك الفنان طارق لطفي بطولة مسلسله الجديد «أبيض غامق»، وقال: «المسلسل ينتمي إلى نوعية البطولة الجماعية التي أفضلها، ليس كنوع من «الجدعنة»، ولكن لأنها تفتح مجال العمل، وتزيد العلاقات الاجتماعية في المسلسل، وتزيد من ثراء الموضوع، ونحن كممثلين سنمثل بشكل أفضل، وسيكون الأمر في مصلحة المسلسل، فالعمل اجتماعي وتشويقي، وفيه انقلابات درامية و(أكشن) أيضاً».