يحتار بعض الناس في الحصول على رفيق حياة مناسب، فهناك الكثير من الزيجات «البشرية» غير السعيدة، وما بين تعقيدات الاختيار والعلاقة السيئة في الزواج، هل سيكون الروبوت شريكا أفضل في المستقبل؟. قد تكون هذه الفكرة صادمة للوهلة الأولى، لكن مع التطور الهائل للذكاء الاصطناعي، صار التنبؤ ليس بعيدًا تمامًا، وبدأت فكرة الزواج من الآلات بدلا من البشر، في الظهور جليا.
«زهرة الخليج» رصدت تطور الروبوتات، وتسلط الضوء على إمكانية تحول الروبوتات إلى أزواج بالواقع.

زواج الروبوتات

في الحياة العصرية، بدأت فكرة الوقوع في حب الجمادات التي تصنع بيد البشر والزواج منها أيضا بالظهور، حيث يعتقد الدكتور ديفيد هانسون، مصمم الروبوت الشهير «صوفيا»، من خلال رؤيته المستقبلية للروبوتات «النابضة بالحياة»، أن البشر لا تفصلهم سوى بضعة عقود عن بدء الزواج من الروبوتات، كما تنبأ بأن الروبوتات ذات الذكاء الاصطناعي العالي ستحصل على الحقوق المدنية ذاتها التي يتمتع بها البشر بحلول عام 2045، ويشمل ذلك الحق في الزواج، امتلاك الأراضي والتصويت في الانتخابات العامة. كذلك يقول العالم البارز في قطاع التكنولوجيا الدكتور كيفن كوران، إنه مع تحول الروبوتات إلى شكل أكثر إنسانية، قد يبدأ الناس بالانتقال إليهم من أجل الرفقة.

برمجة المشاعر
 
يقول الزوج: «عزيزتي هل ترغبين في شراء بعض الملابس والمصوغات عبر مواقع الإنترنت؟»، تجيب الزوجة: «لا، فأنا لا أحب التسوق بنفسي». قد يرغب أزواج المستقبل في هذا الحوار مع أزواجهم الآليين، إذا ما تخلوا عن اختياراتهم الإنسانية. فمع «الزوجة الآلية»، كل شيء سيدور حسب البرمجة المسبقة، كما يقول علماء الذكاء الاصطناعي، حتى إن مؤلف كتاب عن الحب بين الإنسان الآلي، ديفيد ليفي، يذهب إلى أبعد من ذلك عندما يؤكد أن «تجنّب الحب بين البشر والروبوتات لن يكون ممكناً في المستقبل»، وهو يفضّل أن يحتكم في هذا الطرح الغريب إلى علم النفس البشري، فيشير إلى أن العلماء يضعون عدداً من الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى نشوء مشاعر الحب، ثم يشير إلى أن معظم هذه الأسباب يمكن أن تنطبق على العلاقة بين البشر والروبوتات المتطورة. ويكمن أهم أسباب نشوء الحب عند البشر، بأن الإنسان غالباً ما يقع في الحب، عندما يشعر بأن الطرف الآخر يبادله هذا الشعور، إلا أن هذه الصفة الضرورية يمكن برمجتها بسهولة في الدارة التكاملية للروبوت. 

مشكلة محلولة

بمجرد معالجة التفاهم والتجاوب العاطفي والمشاعر بين البشر والروبوتات، فإن أستاذ الحوسبة في جامعة سيتي لندن أدريان شيوك، لا يرى مشكلة في العلاقات بين الإنسان والآلات، شارحاً: «إذا كان الروبوت يبدو وكأنه يحبك، وكنت تشعر بأنه يحبك، فأنت في الأساس ستشعر وكأنها محبة إنسانية تقريباً»، مقارناً بين العواطف البشرية مع الأنواع الأخرى غير البشرية مثل القطط الأليفة والكلاب، وموضحاً: «هناك حالات من البشر تقع في حب شخصيات خيالية، ولهذا أعتقد أنه بمجرد أن يكون لدينا روبوتات تعمل بشرياً، أو تتصرف بعواطف أو تبدو إنسانية، فإنها ستكون قفزة صغيرة بالنسبة لنا لكي نشعر بالتعاطف تجاهها».  

علاقات معقدة

على الجانب الآخر، هنالك آخرون أقل قناعة بالارتباط بين البشر والروبوتات. يقول الأستاذ في جامعة العلوم التطبيقية والفنون في سويسرا، أوليفر بندل: «إذا ركزنا على أخلاقيات الآلة، لا أعتقد أن الجنس أو حب الإنسان الآلي ستكون له قيم أخلاقية لاحقاً، فالزواج شكل من أشكال العقد بين البشر لتنظيم الحقوق والالتزامات المتبادلة، بما في ذلك رعاية الأطفال». ويستدرك: «ربما في يوم من الأيام يمكن للروبوتات أن تكون لديها واجبات وحقوق حقيقية، رغم أنني لا أصدق ذلك بالفعل». ومع ذلك، يقر بندل بأن الزواج البشري الروبوتي يمكن أن يصبح قانونياً بحلول عام 2050 استجابة للضغط الشعبي.

زيجات على الواقع

حتى سنوات خلت، كانت فكرة الحب بين البشر والروبوت ضرباً من الخيال، لكن المهندس الصيني تشنغ جياجيا (31 سنة)، المتخصص في الذكاء الاصطناعي ويعمل في مصنع شركة هاواوي، دفعه فشله في إيجاد شريكة حياته لصناعة زوجته بيده، إذ أطلق على سعيدة الحظ اسم يينغ يينغ، وبعد أن انتهى من تصميمها كاملاً، اتخذ قرار الزواج منها، وجرى الاحتفال في مدينة هانغتشو، بحضور والدة تشنغ وأصدقائه. وارتدت العروس وشاحاً أحمر على رأسها، كما هو التقليد الصيني، على الرغم من عدم الاعتراف بهذا الزواج من السلطات الرسمية، وأكّد تشنغ أنّه لن يتوقف عند هذا الحد، بل سيجري تحديثات لزوجته كي تستطيع العمل والمساعدة في الأعمال المنزلية.