أرسى المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيب الله ثراه)، قواعد الاهتمام بالرياضات التراثية، ومنها سباقات الهجن، وذلك من خلال تسخير الإمكانات اللازمة لتأخذ هذه الرياضات مكانتها اللائقة. ففي مجال سباقات الهجن، أمر حكيم العرب بالحفاظ على الإبل؛ لأهميتها في حياة المواطنين في السابق كأهم وسيلة نقل، ومصدر للغذاء، فهي تمثل الارتباط بالماضي، وإحياء للتراث الشعبي.
ويرجح العلماء أن وجود الجمل في بيئة الإمارات يعود إلى قبل خمسة آلاف سنة تقريباً، واهتمام المغفور له الشيخ زايد بها، تجسد في رعاية سباقات الهجن إلى أن أصبحت معلماً تراثياً وثقافياً مهماً في دولة الإمارات، واحتلت مكاناً مرموقاً بين الرياضات التراثية، واكتسبت وظائف سياسية واجتماعية مهمة.

مظاهر حياة

وكانت سباقات الهجن تقام في المناسبات المختلفة، في مضارب البدو، في مناسبات الزواج والأعياد والمناسبات المهمة، وبترتيبات بسيطة تعكس مظاهر الحياة في حينها، وتظفر باهتمام الجميع. ويعود للمغفور له الشيخ زايد، الفضل في تزايد عدد المهتمين بالإبل، بسبب الدعم المالي السنوي الذي كان يقدمه لمالكيها، بهدف تمكينهم من رعايتها والحفاظ عليها، مع حثه المتواصل على تشييد ميادين للسباق بمدرجات تتسع لآلاف المتفرجين، وأماكن إقامة للمشاركين في السباق، وتوفير سيارات الإسعاف والعناية الطبية، ومواكب من سيارات إرسال تلفزيوني تنقل مباشرة تفاصيل السباقات. 

اتحاد للهجن

مع التنامي الكبير لسباقات الهجن، تم عام 1992 إشهار اتحاد الإمارات للهجن، لإعطاء رياضة سباق الهجن المزيد من التنظيم والرعاية والاهتمام؛ امتداداً لتراثها الأصيل، وانتفاعاً بفوائدها الاقتصادية والاجتماعية، التي تنعكس على قطاع كبير من أبناء الدولة وغيرهم، ولتوحيد إجراءات هذه الرياضية في مختلف مناطق السباق في الدولة، وممارستها وفقاً لأسس تنظيمية ملائمة تنسجم مع الأصول محلياً وخارجياً، وتعكس الصورة الطيبة لرياضة الهجن في الدولة.

الماضي المجيد

ولاقت سباقات الهجن صدى كبيراً في نفس المغفور له الشيخ زايد، لارتباطها الوثيق بالماضي المجيد لأهل الإمارات، ومن هنا كان حرصه على تنظيمها وحضورها، حتى غدت مع الوقت حدثاً وطنياً مهماً، تعنى بتنظيمها أكثر من جهة، ولأكثر من مرة في السنة، ويدعى إلى حضورها الزعماء والقادة الذين تصادف زياراتهم للدولة وقت تنظيمها.
وشهدت العاصمة أبوظبي في 18 فبراير عام 1970، أول سباق للهجن العربية الأصيلة، ليتبعها بعد يومين فقط، سباق آخر في مدينة العين، وتتوالى بعدها السباقات في البلاد، وكان يتم في نهايتها تقديم جوائز عينية كبرى تشجيعاً لأصحابها، إلى أن ذاع صيت هذه المسابقات، وحظيت باهتمام عدد من الدول الأوروبية، لا سيما ألمانيا وأستراليا.
وتجدر الإشارة إلى أن الاهتمام الكبير الذي أولاه الراحل الكبير للهجن وسباقاتها، أسهم في ارتفاع ثمنها الذي كان بخساً، حيث كان يتراوح سعر الجمل بين 50 و100 روبية هندية حتى منتصف القرن الماضي، ووصلت إلى أرقام قياسية في بعض الأحوال، كما ارتفعت القيمة المالية للجوائز التي ترصد لسباقاتها.