هزت هذه الحوادث سكان العاصمة العراقية، ومتتبعي صفحات المشاهير على مواقع «التواصل الاجتماعي»، ويجمعهم كلهم سؤال واحد: لماذا؟ حيث بقيت التحليلات تدور في فلك الشك والحيرة بين الموت الطبيعي والقتل المتعمد في حادثتَي الياسري والحسن، إلى أن تعدى الأمر «السوشيال ميديا» داخل وخارج العراق، عندما انتشر مقطع مصور لعملية اغتيال الـ«موديل» تارة فارس في وضح النهار.. «زهرة الخليج» تسلط الضوء على تداعيات الأمر، وتشرحه لقرائها.

الخميس الأول.. ما الذي أزعج رفيف الياسري؟

كشف مصدر مقرب من خبيرة التجميل الراحلة رفيف الياسري لـ«زهرة الخليج»، أن الياسري كانت في زيارة إحدى صديقاتها قبل ليلة من وفاتها، حيث زارتها في منطقة المنصور ببغداد لتؤدي واجباً اجتماعياً برفقة مساعدتها دلال، وعادتا في وقت متأخر من الليل إلى منزل الياسري، كونها كانت على سفر في ظهيرة اليوم التالي (الخميس 16 أغسطس) إلى أربيل، وبعد عودتها طلبت من أحد مصففي الشعر الذين يعملون لديها ويدعى «جوجو»، إعطاءها بعض الأدوية المهدئة لشعورها بالانزعاج، وأوصت مساعدتها بأن توقظها الخادمة من النوم ظهيرة اليوم التالي، وعند الرابعة عصراً، قامت الخادمة بإيقاظها (بعد أربع ساعات من الموعد المحدد ظناً منها أنها متعبة من مشوار اليوم السابق)، لكنها وجدتها في حالة يرثى لها، فتم نقل الياسري على وجه السرعة إلى مستشفى الشيخ زايد، ولكنها كانت قد لفظت أنفاسها الأخيرة قبل الوصول، مما تسبب في صدمة عارمة في الرأي العام في العراق، كونها كانت إحدى الشخصيات المشهورة اجتماعياً على الصعيدَين الجمالي والإنساني. وكان تقرير وزارة الداخلية العراقية أفاد بأن وفاة الياسري جاء بسبب تناولها جرعة دوائية، كانت لها تأثيرات سلبية في سلامتها وأودت بحياتها.

الخميس الثاني.. وفاة في سيارة الإسعاف

بعد وفاة الياسري بأسبوع، حوّل خبر وفاة خبيرة التجميل رشا الحسن في ثاني أيام عيد الأضحى المبارك فرحهم إلى حزن شديد، فلم يكد الناس يتعايشون مع واقع رحيل الياسري، حتى تلقوا خبر وفاة الحسن (الخميس 23 أغسطس)، متسائلين: لماذا يموت دُعاة الجمال في العراق؟ وكشف أحد أقرباء الحسن، (فضّل عدم ذكر اسمه) أنها هنأت عائلتها وعائلة زوجها بحلول العيد، وشعرت حينها بأعراض هبوط في الضغط لتأخذ حقنة مسكنة لمعالجة الهبوط. وفي ظهيرة اليوم التالي، أخبرت العاملين في مركزها التجميلي بأنها لن تأتي بسب شعورها بالتعب وحاجتها إلى الراحة. ولم تمرّ سوى 15 دقيقة حتى عادت عائلة الحسن للاتصال بالمركز، وإخبار العاملين بأن الحسن تدهورت حالتها الصحية، وتم نقلها إلى المستشفى مع ابنتها وخادمتها وحارس البيت. في المستشفى لخّص طبيب الطوارىء حالتها بأنها تعاني اختناقاً وحالتها الصحية حرجة، وطلب من عائلتها نقلها إلى مستشفى آخر يتوافر فيه جهاز تنفسي أكثر تطوراً يعالج الاختناق، لكنها توفيت أثناء نقلها في سيارة الإسعاف. لكن المثير في الأمر كما يقول (المصدر)، أن الحسن أجرت قبل أيام قليلة من وفاتها فحوصات طبية لقلبها كانت ممتازة.

الخميس الثالث.. اغتيال الجمال

لم يمرّ يوم في حياة عارضة الأزياء والـ«موديل» تارة فارس، الحاصلة عام 2014 على لقب الوصيفة الأولى لـ«ملكة جمال العراق»، من دون أن تكون مثيرة للجدل بصورها التي وصفت بالجرئية وفي إطلالاتها وأزيائها. لكن الأكثر إثارة كانت طريقة اغتيال فارس، التي كانت تسير بسيارتها ظهيرة (الخميس 27 سبتمبر)، في منطقة (كمب سارة في بغداد) ذات الشوارع الضيقة، حين تقدم منها شخص مُلثّم نزل عن دراجة نارية كان يقودها رفيق له وأطلق عليها ثلاث رصاصات، استقرت اثنتان منها في رأسها والثالثة في صدرها، ورصدت كاميرات المراقبة في المنزل المجاور الحادثة.

مشهورات على قائمة الانتظار

على مقربة من مرور شهرين كاملين على هذه الحوادث الغريبة على المجتمع العراقي، وانتظار الناس وعائلات المتوفيات النتائج الرسمية للأسباب الحقيقية لوفاة الياسري والحسن وفارس، تناقل مستخدمو مواقع «التواصل الاجتماعي» شائعات كثيرة، عن جهات تسعى إلى قتل بعض النساء الشهيرات من الفنانات والإعلاميات و«الفاشنيستات»، إذ أطلقت شائعات متكررة عن استهداف بعض الأسماء المشهورة، حيث صرحت «ملكة جمال العراق» شيماء قاسم، عن تلقيها تهديدات عبر مواقع «التواصل الاجتماعي»، وصلتها عبر هاتفها وهاتف مدير أعمالها. وأضافت: «دفعني هذا إلى الحديث عن الموضوع من خلال بث مباشر عبر صفحتي الرسمية على الانستجرام». لكن يبدو أن قاسم وقعت «ضحية رغبتها في تصدر الحدث ولفت الانتباه إليها»، بحسب مواقع إخبارية عراقية، التي وصفت قاسم بالمدّعية، بعد أن أحرجتها مذيعة إحدى القنوات الفضائية التي استضافتها، وسألتها: «كيف تعرضت للتهديد وأنت لست مقيمة في العراق؟».
وسارت نجمة الموسم الرابع من برنامج «اكتشاف المواهب» The Voice، المطربة دموع تحسين، على خطى قاسم بطريقة مختلفة، إذ أعلنت عبر صفحتها على «الانستجرام» وهي تبكي أنها فقدت الأمل ببلدها، مشيرة إلى أنها غادرت العراق بسبب تلقيها تهديدات، على الرغم من أن «دموع» نفسها تعيش منذ سنوات طويلة في العاصمة الأردنية عمّان، ولم تزُر العراق منذ شهرتها سوى بعضة أيام في شهر رمضان الفائت، أي قبل وفاة الياسري والحسن وفارس بأشهر عدة. في حين نفت الشاعرة شهد الشمري تلقيها تهديدات، وأشارت إلى أن هناك مراهقين استثمروا الموقف، وصاروا يتلاعبون بأعصاب المشاهير من خلال «السوشيال ميديا»، مؤكدة أنها لم تتلقّ أي تهديد وتتنقل في بغداد بأريحية تامة.

تصفية حسابات شخصية

أكد المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية العراقية، اللواء سعد معن، في تصريح لـ«زهرة الخليج»، أن الوزارة تحرص على التحقيق في كل ما يتعلق بما يثار عبر مواقع «التواصل الاجتماعي»، عن تلقي بعض المشاهير تهديدات بالقتل، معتبراً أن بعض التهديدات «فارغة من محتواها، وعبارة عن تصفية حسابات شخصية وركوب موجة التهديد ليس أكثر». وأضاف: «للأسف معظم المتعاملين مع «السوشيال ميديا»، يفتقدون الثقافة القانونية ويجب توعيتهم». مشيراً إلى أنه تم إلقاء القبض على مشتبه بهم في قضية مقتل تارة فارس، وأن الوزارة مستمرة في التحقيق بالأمر.

الفوارق الاجتماعية السبب

 أشار مؤسس ورئيس «الجمعية النفسية العراقية»، الدكتور قاسم صالح، إلى أن تهمة قتل مشاهير الفتيات يحيلها الناس عبر وسائل «التواصل الاجتماعي» إلى جهات دينية متطرفة، وهو أمر غير معلوم حتى اللحظة مدى صحته، مضيفاً: «السبب السيكولوجي الرئيسي، هو أن سلطة البعض قد ترى أن دور النساء محصور في الإنجاب وتربية الأولاد، ولها أن تتبرج وتظهر مفاتنها لزوجها فقط، فهؤلاء يعيشون خارج العصر». بينما ترى الباحثة في شؤون المجتمع ندى العابدي، أن الفوارق المجتمعية تعتبر السبب فيما حدث، بسبب الهزات الاجتماعية التي تعرّض لها العراق، وانعكس ذلك على الفرد، فأصبح قاصراً بطريقة فهم الآخر، وهذا يعود لنقص الثقافة والوعي.