على مدى 181 سنة مضت، استطاعت Tiffany & Co أن تظل حية في أذهان عملائها، والسر يكمن في أنها إحدى أهم العلامات الثقافية في التاريخ التي تستند إلى إرث عريق من الوفاء والثقة، حيث تمنح من الخبرات ما يؤجج ارتباطها العاطفي مع جمهورها. هذه العلبة التركوازية الأيقونية بلون بيض طائر أبو الحناء، وهي ملفوفة بالشريط الساتاني الأبيض، أصبحت أكثر من علامة مسجلة لها، إذ اختزلت أسمى معاني الحب والرومانسية والترف والحلم الأميركي.

إرضاءً لعشاق حقوق الملكية الفكرية، فإن ذلك اللون رقم 1837 على خارطة Pantone للألوان العالمية أصبح علامة مسجلة لدار Tiffany & Co، منذ عام 1998 بعد موافقة الحكومة الفيدرالية على هذا الطلب. ليس اللون فحسب، بل التغليف والشريط الساتاني الأبيض، جميعها ماركات مسجلة لمصلحة علامتنا، حتى وجدنا أنفسنا أمام علبة الخاتم الأشهر في التاريخ والأكثر عشقاً على الإطلاق.
لكن كيف أصبحت هذه العلبة التركوازية الكرتونية الصغيرة تجسيداً لأحلامنا ورغباتنا المادية؟ وللإجابة، علينا أن نعود إلى عام 1854 حينما قام Charles Lewis Tiffany مؤسس الدار بإصدار أول «كتالوغ» لعرض منتجاته المتعلقة بالأدوات المكتبية في متجره، الذي كان قد بدأه بقرض قيمته ألف دولار أميركي عام 1837، ليتخصص في مجال المشغولات الفضية التي تتبع الأسلوب الأميركي وتتميز بالميل نحو البساطة ورقّة الخطوط والإطلالة الطبيعية، في تناقض تام مع أسلوب «العالم القديم»، ولا سيما الحقبة الفيكتورية بزخارفها المتكلفة.
ويرى البعض أن «تيفاني» قد اختارت اللون الأزرق الذي يعدّ بصمتها المتميزة، استجابة لشهرة المجوهرات التركوازية آنذاك، لكن الأكيد أنه كلما أبصرنا اللون تذكرنا اسم «تيفاني»، رائدة أرقى المجوهرات في العالم. وعندما أهدتنا «تيفاني» خاتم الخطبة الألماسي الشهير عام 1886، اكتمل تأثير العلبة، وأصبحنا نتهافت عليها كما الخاتم تماماً أو أي مجوهرات أخرى تختبئ داخلها. وبعدها حمل Charles Lewis Tiffany لقب ملك الألماس، وغدت علامته أيقونة المجوهرات الأميركية الراقية.
وعام 1961، قامت شركة Paramount Pictures بتصوير فيلمها الأسطوري Breakfast at Tiffany’s من بطولة أيقونة الجمال «أودري هيبورن». ولأول مرة في التاريخ، فتحت الدار أبوابها يوم الأحد للتصوير بوجود 40 حارساً مسلحاً لمنع أي من علبها الزرقاء من الاختفاء! لم تقف العلبة عند هذا الحد، بل كانت عام 2014 مصدر إلهام لتصميم مجوهرات تشبهها، مثل الدلاية المطلية بالإينامل الأزرق، والتي تحيط بها الفضة الإسترلينية بدلاً من الشريط الساتاني.
نجحت «تيفاني» في إلهام العالم، لالتزامها بقيمها الأصلية مثل التهادي والجودة الفائقة والمكانة المرموقة والإنجاز والحب الصادق والرباط الأبدي. وتحظى تصاميمها بطابع «مينماليست» Minimalist، أي يتسم بالبساطة المفرطة والوضوح والأناقة. يجوب خبراؤها العالم لاقتناص أجود أنواع الأحجار الكريمة الملونة. وتسيطر الروح الغرافيكية على خطوطها، فتذكّر بالفنون المعمارية لمدينة نيويورك، التي تمثل «تيفاني» قطعة أصيلة منها.