على بساط من خيال، تحمل رانيا زغير قراءها الصغار إلى عالم آخر، هناك يلتقون «سيسي، ملاقط، وحلتبيس، وفكرية» وغيرهم من أبطال قصصها. في رانيا تكمن طفلة لا تكبر، بعفوية وخيال لا ينضبان، على كوكبها تمطر السماء كوسا وورق عنب وتلبس سيسي خروفاً ودودتين، والطفلة لا تريد أن تبتعد عن رانيا «الزغيرة» لأن لديها الكثير من الأسئلة وتريد من رانيا «الكبيرة» أن تجد الإجابة عنها، «زهرة الخليج» تغوص في عالم رانيا زغير.
تخيط صاحبة دار «الخياط الصغير» قصصاً كبيرة تجيب فيها على طريقتها عن أسئلة وجودية وحياتية قد تصادف الأولاد، وتعمل من خلال أدب الأطفال على تشكيل الوعي بالصراعات المذهبية والعرقية التي تعيشها البلدان، وفهم الطوائف والأجناس وهو ما تناولته في كتاب «حلتبيس حلتبيس»، وفي موازاة ذلك تعمل رانيا أيضاً على الجانب النفسي عند الأطفال، وعلى تعزيز ثقتهم في أنفسهم، فلديها نصائحها الفريدة والخاصة لإبعاد المتنمرين والمزعجين.
لم تتوقع رانيا يوماً أن ينتهي بها المطاف كاتبة لقصص الأطفال، كانت ترى نفسها عاملة في حديقة للحيوانات قسم الفلامينغوز أو الزرافات أو ربما في حقل التعليم، إلا أنها «تحب رانيا الكاتبة والناشرة وراضية عنها كل الرضى».
في حياتها رانيا واحدة فقط، هي نفسها الأم والطفلة والكاتبة، مرحة وسعيدة بطبعها، تستمده من حياة بسيطة وخفيفة ظلٍّ تعيشها، قوامها أشخاص حالمون مدهشون يحيطون بها، وهي تعيد تدويرهم على شكل شخصيات قصصية، فحلتبيس حقيقي كذلك هي سيسي ملاقط وفكرية.

اهتمامات الأطفال

تهدف رانيا زغير إلى إثراء مكتبة الأطفال العربية بمادة أدبية تشجع على القراءة الطوعية، وتريدها أن تكون ترفيهية مثيرة للخيال والإبداع، هي التي خاضت في أدب الأطفال قبل أن تصبح أماً. «عدنان وحكيم الأسنان» كتابها الأول، وأبصر النور بينما كانت لا تزال طالبة في الجامعة الأميركية في بيروت، أمومتها جعلتها تتعلق أكثر بأدب الأطفال، تجدد ارتباطها به وتحب أطفال الغير أكثر وتكتشف أن الأولاد هم الثروة الوحيدة.
«جوليان وأوليفير» أضافا نكهة فريدة على قصصها، إلا أنهما لا يحبان أن تقرأ لهما قصصها. تشدد رانيا على ضرورة الانطلاق من اهتمامات الطفل واحترام خياراته ولو كانت تتضارب مع ذوق الأهل الأدبي أو مع ما يرونه مهماً أو مفيداً، وهي تأسف لعدم إقرار ساعة خاصة بالمطالعة في المدارس، وتلفت رانيا إلى كون «بحر الحكايا» أكبر برهان، فهذه المدينة ثلاثية الأبعاد مستوحاة من «ألف ليلة وليلة» ومستقاة من أدب الأطفال العربي والعالمي.

نسخة إماراتية

 في كتاب «من سبق لبق» الذي يعد نسخة إماراتية لتوأمه اللبناني «لما بلطت البحر»، تظهر الأمثال الشعبية بحلة بهية ومحببة وقريبة من المفهوم الإدراكي للطفل، بحيث تضع رانيا المثل في قالب قصصي يرسخ حكاية الأوطان في نفس الطفل ويعزز إدراكه لثقافته الأم ولتراثه.

مكتبات الأمل

أفردت رانيا زغير حيزاً لأطفال أدمتهم الحروب في بلادهم وعاشوا التهجير وجروحه الكثيرة، وانطلاقاً من إيمانها بأنه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، وأن المأكل والملبس ليسا كافيين بالتالي لتضميد هذه الجروح التي يعانيها آلاف الأطفال السوريين، انبثقت فكرة «مكتبات الأمل» التي قادتها إلى المخيمات المنتشرة في عكار والجنوب والبقاع، مزودة بأكياس الكتب، روتها كلمة كلمة لصغار متعطشين للقصص الجميلة الملونة، ضمدت بعضاً من أحلامهم المتكسرة وأعادت إلى خيالهم بريق ألوان نال من زهوها الحرمان والخوف.