لم يتوقف طموح الدكتورة سوسن الماضي عند حصولها على شهادة الطب في تخصص الأمراض الباطنية والقلب، أو زمالة الجمعية الملكية البريطانية للأطباء، فحُبّها للعمل التطوعي دفعها إلى «جمعية أصدقاء مرضى السرطان»، ثم ما لبث أن كبُر دورها في الجمعية بعد أن زاد حجم الأنشطة، لتصبح مديرها العام. ولأن طموح البعض لا سقف له، قررت د.سوسن الماضي عام 2008، دخول الطب من زاوية أخرى، فحصلت على الماجستير في الإدارة الطبية والصحية من الكلية الملكية الأيرلندية، فرع تدريب القادة عام 2010، وعينها في المستقبل القريب على الدكتوراه في علوم السياسات الصحية العالمية.

د. سوسن الماضي تروي لـ«زهرة الخليج» قصتها مع «جمعية أصدقاء مرضى السرطان» وحكاية «القافلة الوردية». ونسألها:

ماذا هي «جمعية أصدقاء مرضى السرطان»؟ وماذا تقدم؟
هي جمعية ذات نفع عام، تأسست عام 1999 في إمارة الشارقة، بتوجيهات من قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، والمؤسس والرئيس الفخري لـ«جمعية أصدقاء مرضى السرطان»، وسفيرة الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان للإعلان العالمي للسرطان، وسفيرة الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان لسرطانات الأطفال، والرّاعي الفخري للمنتدى العالمي لتحالف منظمات الأمراض غير المعدية، وتعمل الجمعية على تقديم الدعم المادي والمعنوي لمرضى السرطان وأسرهم.

ما المبادرات التي تقوم بها الجمعية لمساعدة المرضى؟
نعمل بشكل أساسي على نشر الوعي حول مختلف أنواع السرطانات، عبر برنامج «كشف»، الذي يضم مبادرة «أنـا» لسرطان الأطفال، و«شنب» لسرطانات الرجال، و«القافلة الوردية» لـ«سرطان الثدي» وعنق الرحم، ومبادرة «سرطان الجلد»، إضافة إلى مبادرات أخرى مثل، «لون عالمي» لدعم النساء نفسياً ورفع معنوياتهن، و«عربة المرح» للترفيه عن الأطفال المرضى داخل المستشفيات، و«خصل الأمل» التي تُتيح للناس التبرع بشعرهم للمرضى، و«العمرة والحج» لتعزيز الجانب الروحاني لدى المريض، ونسعى إلى إطلاق مبادرة «القولون والمستقيم» في العام المقبل.

هل من مساعدات مادية ومعنوية تقدمها الجمعية؟
بالتأكيد، فالجمعية توفر الدعم المادي للمصابين بمختلف أنواع السرطانات للعلاج داخل الدولة، وإن تَطلّب الأمر يعالجون خارجها، وأيضاً الدعم المعنوي لمن تأثر بالمرض، سواءً المريض أم أحد أفراد عائلته، إيماناً منا بأن الصحة النفسية جزء كبير من العلاج.

«القافلة الوردية»

تعتبر «القافلة الوردية» من أبرز مشاريعكم.. فمتى انطلقت؟ وما هدفها؟
انطلقت عام 2011، تحت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، وقرينته سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، وهي إحدى مبادرات الجمعية، ونحن نعتبرها غير تقليدية وفريدة من نوعها، وتهدف إلى زيادة الوعي بأهمية الكشف المبكّر عن مرض سرطان الثدي وطرق الفحص، إضافةً إلى الحشد لتأسيس أول سجلّ وطني لمرض السرطان في الدولة. وقد وفّرت هذه المبادرة حتى عامها الثامن، فحوصات طبية مجانية للكشف عن «سرطان الثدي» لـ(7.795) شخصاً، وهو أعلى رقم وصلت إليه منذ انطلاقها، وشملت الفحوصات (7.177) سيدة، و(618) رجلاً، منهم (1.557) مواطناً ومواطنة، و(6.238) من المقيمين، وتم إحالة (2.186) منهم لإجراء كشف الـ«ماموجرام»، فيما أحيل (430) غيرهم لإجراء فحص الأشعة الصوتية.

دائماً يتم ربط الشفاء من مرض سرطان الثدي بالكشف المبكر. ماذا عن المريضات اللاتي لم يكشفن مُبكّراً وانتشر المرض لديهن؟
أصبح يوم 13 أكتوبر من كل عام، يوم الاحتفال العالمي بـ«سرطان الثدي» المنتشر، ومع التقدم الطبي الكبير وتوافُر الأدوية الحديثة حالياً، قد يكون مرض السرطان غير مُميت، وقد يعطي هذه الفئة من السيدات أملاً كبيراً وفرصة للعيش، وإكمال حياتهن بشكل طبيعي.

من خلال مُراقبتكم مريضات سرطان الثدي، هل تجدون لديهن معرفة أكبر عمّا قبل في موضوع التعامُل مع المرض؟
نُلاحظ تغييرات إيجابية كثيرة على المريضات، والفضل في ذلك يعود للبرامج التوعويّة المنتشرة ومبادرات الدعم المعنوي المتعددة، ومن أهمها الجلسات الجماعية للمريضات والناجيات، التي يتم خلالها تبادل تجاربهن مع المرض وطرُق التغلب عليه.

مشاريع

هل تعملون على مشاريع مستقبلية لمريضات سرطان الثدي؟
نعمل على برامج شهرية عديدة، تهدف إلى رفع معنويات المصابات بـ«سرطان الثدي»، إضافة إلى مسيرة «القافلة الوردية» التي ستجوب الإمارات السبع على مدار العام، بعد أن كانت مقتصرة على أشهر معيّنة، لنشر الوعي حول أعراض المرض، والتشجيع على إجراء الفحص المبكر.

من الذي يدعم الجمعية؟
يدعمها المجتمع من أفراد ومؤسسات وأصحاب أيـادٍ بيضاء وخيّرة، إضافةً إلى الإعلام ودوره المهم في الإسهام بإسماع صوتنا. وشخصياً، أعتبر أن أكبر داعم لنا يتمثل في مبادرة الزكاة السنوية «زكاتكم علاجهم»، وأيضاً مبادرة «تبنّى مريض السرطان».

ما أبرز النتائج التي حققتها الجمعية حتى اليوم؟
أكبر إنجاز حققته الجمعية هو توفير مَلاذ للمريض وإشعاره بأننا عائلة واحدة، وما نفتخر به هو رؤية من كان مصاباً بالمرض، يتعافى ويمضي بحياته قُدُمَاً. كما أن الجمعية أصبحت عضواً في عدد من المنظمات الدولية والإقليمية المختلفة، بما في ذلك الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان في جنيف في سويسرا،وجمعية السرطان الأميركية، وتحالف الأمراض غير المعدية، والاتحاد الخليجي لمكافحة السرطان في الكويت، كما تعمل أيضاً مع هيئات الصحة المحلية. وكنّا في الجمعية قد كُرّمنا بجوائز عديدة حصلنا عليها من مؤسسات رائدة محلياً ودولياً، تقديراً لدورنا في مكافحة المرض.


جانب إيجابي

ترى الدكتورة سوسن الماضي، أن المجتمع بات أكثر تفهّماً وتقبّلاً لمرض السرطان، مُعتبرة أن وسائل الإعلام أسهمت في تعزيز ثقافة الوعي من المرض، فضلاً عن مبادرات كثيرة منها توعويّة، كسرت حاجز الخوف من السرطان وشجّعت الناس على إجراء «الكشف المبكّر»، وباتوا أفضل سفراء للحديث عنه وتبادل تجاربهم مع غيرهم. بل على عكس ما يخشاه كثيرون، هناك أمل كبير بالشفاء من مرض السرطان، خصوصاً إذا تم «الكشف المبكر»، خاصة وسط تَقدّم الطب في هذا المجال.