شاهد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، أثناء نشأته «الأطفال الذين ينهشهم الجوع والناس الذين يموتون أمام عينيه بسبب أمراض غير عصية على المعالجة» وذلك نتيجة الفقر المدقع وغياب الرعاية الصحية، بحسب ما أفادت التقارير والكتب التي تناولت الحقبة الزمنية ما قبل نشوء الاتحاد. فلم تغب هذه المشاهد من ذاكرته، كما لم ينس الراحل الكبير يوماً معاناة أهل الإمارات، فكانت المحفز الرئيسي له لأن يصب جلّ اهتمامه عندما شبّ وتولى الحكم، على تنمية مجتمعه بما فيه توفير الرعاية الصحية للجميع.
أراد المغفور له أن ينعم أبناء بلده بنظام صحي يضاهي الأنظمة المعمول بها في البلدان المتقدمة والمتطورة، فوضع عملية التنمية على نار حامية، غير عابئ بالنصائح التي تطالبه بضرورة الحدّ من الإنفاق. 
أدرك المغفور له تماماً أن الإنسان لا يمكن أن ينهض بمجتمعه ويؤسس للمستقبل إذا كان يتخبط في أوجاعه ولا من وسيلة تشفي آلامه وأمراضه، لهذا وجه ومنذ اليوم الأول لتسلمه مقاليد الحكم بضرورة توفير الخدمات الصحية الشاملة لأبناء الوطن كافة. 
في عهد زايد حصل تطور كمي ونوعي في القطاع الصحي، إذ شهدت الإمارات ارتفاعاً كبيراً في عدد المراكز الصحية والمستشفيات والعيادات والصيدليات، فبحسب الإحصاءات والتقارير التي صدرت وقتها، بلغ عدد المستشفيات في الإمارات 12 مستشفى في أوائل السبعينات، ليرتفع العدد إلى 17 عام 1978. وفي التسعينات وصل العدد إلى أكثر من 60 مستشفى. تواصلت عملية بناء المراكز الصحية والمستشفيات واستقطاب الأطباء والممرضين والممرضات وأصحاب الاختصاص فضلاً عن اعتماد أفضل الوسائل العلاجية وجلب أحدث الأدوية والأجهزة الطبية، مما أسهم في تطوير النظام الصحي الذي تميز أيضاً بتقديمه الرعاية الصحية الشاملة بشكل مجاني لأبناء البلد والمقيمين، إلى أن تصدرت دولة الإمارات عام 1997 المرتبة الأولى في مجال الرعاية الصحية والنهوض بالمرأة وفق التقرير السنوي الصادر عن الأمم المتحدة.
هذه الأرقام كانت المؤشر الواضح على إصرار المغفور له، على الارتقاء بالرعاية الصحية إلى أعلى مستوياتها، حتى باتت تنافس أهم البرامج الصحية المتبعة في العالم المتقدم. كان الشيخ زايد، رحمه الله، عند زيارته المنشآت الصحية يوجه بتوسعتها وإضافة تخصصات وشراء معدات متطورة، ما أتاح إجراء العمليات الكبرى في المستشفيات المحلية.
لم يولِ القائد المؤسس اهتمامه ببناء المستشفيات والمراكز الصحية فحسب، بل ركز أيضاً على الاهتمام بالجانب الوقائي، بهدف الحد من الأمراض المعدية، والتصدي للأمراض الوافدة من بوابات المطارات والحدود، وإنشاء أقسام للصحة المهنية وبرامج الأمومة والطفولة ورعاية المسنين والأمراض المزمنة وغيرها.
أراد الشيخ زايد مجتمعاً ينعم برفاهية صحية، فكان له ما أراد وأكثر، إذ تواصل اليوم القيادة الرشيدة لدولة الإمارات العربية المتحدة السير على نهجه في هذا المجال، حيث تتطلع اليوم الأجندة الوطنية لرؤية الإمارات 2021 إلى تطبيق نظام صحي يستند إلى أعلى المعايير العالمية.