بقلب أخضر وأياد بيضاء، تقود المدير العام لـ«مراكز إيواء النساء والأطفال» في الإمارات، ضحايا الاتجار بالبشر، سارة إبراهيم شهيل مسيرة ناصعة، فتشارك الضحايا آلامهم وآمالهم، وتقودهم إلى بَـرّ الأمان. «زهرة الخليج» تطل على تجربة شهيل، وتفتح معها نوافذ العطاء على المستويين العام والخاص.. ونسألها:

حدّثينا عن جهود «مراكز إيواء النساء والأطفال» في مساعدة ضحايا الاتجار بالبشر؟
استطاعت «إيواء» في سنوات مَعدودة ترجمة رؤيتها الطموحة، التي تهدف إلى تحقيق الرّيادة في مجال رعاية الضحايا وإعادة تأهيلهم صَوْناًً لحقوق الإنسان، بالتعاون مع شركائها الاستراتيجيين بشكل فاعل، بهدف جعل المجتمع الإماراتي مجتمعاًً خالياًً من الجرائم التي تمس كرامة الإنسان، وذلك عبر محطات مُتتالية من الإنجاز والتميّز، جعلت المراكز اليوم في طليعة المنظمات الإنسانية محلياًً وإقليمياًً ودولياًً.

كم بلغ عدد الحالات التي استقبلتها المراكز، وعدد الذين نجحت في التعامل معهم؟
منذ افتتاح المراكز عام 2009، تم استقبال 293 ضحية من مختلف الجنسيات، تتراوح أعمارهم بين خمس سنوات إلى 45 سنة، وقمنا بالتعامل مع جميع الحالات بنجاح.

كيف تتعاملون مع حالات ضحايا الاتجار بالبشر، على خصوصيّتها وحساسيّتها؟
تتعامل المراكز بسرّية تامة، وتتبع في هذا الخصوص المعايير الدولية للتعامل مع ضحايا الاتجار بالبشر، وتتضمّن خطوات الأمن والسلامة كافة.

جُهود وبصمات

كيف تُقيّمين بَصْمة دولة الإمارات فيما يتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر على المستوى العالمي؟
بحسب الإحصائيات تقلّص عدد المتاجرين، لأن الدولة بذلت جُهداً جبّاراً لحماية هذه الفئة المستضعفة، وسَنّت القوانين من أجلهم، ووقّعت على المعاهدات الدولية.. فكانت الإمارات أول دولة عربية تضع قانوناًً للاتجار بالبشر في المنطقة، وهو القانون الذي تم تعديله عام 2015، ليُصبح قانوناًً رادعاًً للمجرمين.

إلى أي مدَى أنت قلقة بسبب تنامي عمليات الاتجار بالبشر؟ وهل أنت راضية عن الجهود المبذولة لحل هذه المشكلة؟
نظراًً إلى الإحصائيات والأعداد المقدَّمة من الجهات الرسمية لستُ قلقة إطلاقاًً، إذ لا ترْقى هذه الجريمة في الإمارات إلى ظاهرة، ولكنها مشكلة يجب التصدي لها بحزم وشدّة ووعي، خاصة أنّ الاتجار بالبشر جريمة عابرة للحدود تتشعّب بين دول مختلفة، ويقع فريستها ضحايا من بلدان عديدة، نتيجة الفقر أو الحروب أو الكوارث الطبيعية.

حالات إنسانية

ما أغرب الحالات التي صادفتكم خلال العمل؟
لا أستطيع القول إنها أغرب، ولكنها أكثر الحالات التي أثّرت فـيَّ كإنسانة وأُم.. فعندما تكون الضحية طفلاًً أو من أصحاب الهمم، تكون الضحية غير قادرة على استيعاب حجم المأساة، ولا تستطيع الدفاع أو التعبير عن نفسها وما مرّت به، وتكون عملية إعادة التأهيل أيضاًً مُعقّدة أكثر، خاصة في بعض الحالات التي كان فيها المتاجرون هم الوالدان.

مسيرة وفَخْر

ما أبرز ردود الفعل التي تلقّيتها على جهودكم وأثّرت فيك؟
أبرزها عندما أطلق «مكتب الأمم المتحدة» في فيينّا على مراكزنا لقب «الجنّة الآمنة»، نظراًً إلى الدور الذي تقوم به المراكز من جهود وخدمات للضحايا، كذلك تأثرت شخصياًً من موقف إحدى الضحايا التي قامت بتغيير اسمها إلى «سارة» الذي هو اسمي، وعبّرَت عن ذلك رَغْبةً منها في أن يَقترن اسمها بالتفاؤل والأمل، بسبب التعامُل الإنساني الذي لمسته. إضافة بالطبع إلى الرسائل التي تصلنا باستمرار من الضحايا اللّاتي تم ترحيلهنّ، وهي رسائل مليئة بعبارات الشكر والامتنان على إعطائهنّ الفرصة للبدء بحياة جديدة.

ما أكثر الإنجازات التي تفخرين بها على المستويين الشخصي والعام؟
أفتخر بأن أرى أبنائي يُكملون مسيرتي ويشقّون طريقهم في خدمة الوطن، وأن يضعوا نصْب أعينهم التميّز في العمل. فقد زرعت فيهم ما قاله الوالد المؤسّس، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان (طيَّب الله ثراه)،وهو أن مِنْ «أولى واجبات المواطن أن يعمل ليلاً ونهاراً لرفع مستواه، وبالتالي رفع مستوى أمّته، ويجب ألّا يَقنع هذا المواطن بأنه نال شهادته وتَسلّم منصبه ثم يجلس لا يفعل شيئاً». أمّا على المستوى العام، وخلال عملي في مجال التعليم، فإنني أشعر بالفخر والاعتزاز بأن أرى بناتي الخرّيجات قد تَقلّدن مناصب قيادية في الدولة، ومن خلال عملي في مجال مكافحة الاتجار بالبشر، فإنني أفْخَر بأن أرى ما يُقارب الـ300 ضحية مستضعفة، تم توفير الرعاية الصحية والقانونية لها، وإعادة تأهيلها وإعادة دمجها كفرد فاعل في مجتمعه.

طبيعة العمل

ما وصفتك السرّية لأمهات اليوم، للتوفيق بين البيت والعمل؟
يجب أن تكون طبيعة العمل التي تقوم به المرأة تتناسب مع مسؤولياتها كأم وزوجة، وهذه من المبادئ الثابتة التي أوْصَى بها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان (طيَّب الله ثراه) للمرأة، حين قال: «إنني أشجع عمل المرأة في المواقع التي تتناسب مع طبيعتها وبما يحفظ لها احترامها وكرامتها كأم وصانعة أجيال». كما أشير إلى الدعم غير المحدود لسمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة «الاتحاد النسائي العام»، الرئيسة الأعلى لـ«مؤسسة التنمية الأسرية»، رئيسة «المجلس الأعلى للأمومة والطفولة» (أُم الإمارات)، التي من جانبها أكدت على مبادئ الشيخ زايد بن سلطان (طيَّب الله ثراه)، في حق المرأة في التعليم والعمل، ومع حاجة الدولة إلى المرأة لشغل المناصب الكبيرة، ولكن عليها في رأيي أن تُحدّد أولوياتها لتستطيع القيام بمهامها الأساسية كصانعة أجيال.

ألقاب وجوائز

• عملت في المجال التربوي، وأسهمت في نشر التعليم طوال 31 عاماً.
• حازت المركز الـ79، في قائمة مجلة CEO الشقيقة لمجلة «أريبيان بزنس» لأقوى 100 امرأة عربية في 2012، والمركز الـ59 في 2015.
• حصلت على جائزة بتروكيم عن فئة المجال الإنساني في 2012.
• حازت جائزة المرأة الملهمة لما أنجزته في «مراكز إيواء للنساء والأطفال» ضمن جوائز «لوفيسيال للمرأة العربية - أبوظبي 2012».
• عضو لجنة «التحكيم لجائزة المرأة العربية - أبوظبي 2013».
• حازت لقب «خبير» في مجال الإتجار بالبشر من «مكتب الأمم المتحدة»، المعني بالجريمة والمخدرات.
• حصلت على دبلوم متخصص في الإتجار بالبشر، الأول من نوعه في العالم العربي عام 2016.

عن «إيواء»

تُعتبر «مراكز إيواء» تجربة فريدة من نوعها في المنطقة، حيث إنه مركز متخصص يُعنَى بضحايا الاتجار بالبشر من الذكور والإناث والأطفال، تأسس في 26/‏‏2/‏‏2008، بتوجيهات من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة «الاتحاد النسائي العام»، الرئيسة الأعلى لـ«مؤسسة التنمية الأسرية»، رئيسة «المجلس الأعلى للأمومة والطفولة» (أُم الإمارات)، وسمو الشيخ حمدان بن زايد، ممثل الحاكم في منطقة الظفرة، ورئيس هيئة الهلال الأحمر الإماراتي. ومن أهداف المراكز العمل على حماية ضحايا الاتجار بالبشر والاستغلال الجنسي من النساء والأطفال في مختلف الإمارات، واحترام إنسانيتهم من خلال توفير مأوى آمن ومؤقت لضحايا الاتجار بالبشر والعنف من النساء والأطفال.