سرقت الألوان من والدها في صغرها، وخطت بها رسومات عشوائية مليئة بالأحلام خبأتها تحت سريرها، قبل أن تقرر إخراجها للنور، لتعبّر من خلالها عن رفضها تهميش الفنانين الشباب. الفنانة التشكيلية السعودية زهرة النحراوي، صاحبة مبادرة «كلنا فن»، تتحدث في حوارها مع «زهرة الخليج» عن بداياتها مع الريشة وألوانها، وعن ثورتها ضد مستغلّي الفنون وأحلامها بالوصول إلى العالمية. من مبادرتها «كلنا فن» نبدأ حوارنا معها.

غياب المعارض الفنية البحتة التي تحتضن إبداعات المواهب السعودية الشابة، واستياؤها من استغلال الأعمال الفنية بشكل يُقلل من قيمتها ويتعارض مع نظرة الفنان إلى لوحاته، ورفضها فكرة عرض إبداعاتهم على هامش المناسبات والفعاليات الأخرى، دفعت النحراوي إلى تأسيس مبادرة «كلنا فن» عام 2016، التي أضافت أن المبالغة في أسعار إيجارات المعارض تثني الفنان الشاب عن خوض تجربة عرض لوحاته بمفرده، وتجعله يتنازل لعرضها في أي مكان على هامش أي فعالية. وتوضح: «تواصلت مع قرابة 20 فناناً وفنانة شابة، ووعدتهم بتنظيم معرض فني بحت، لا يعرض سوى إبداعاتهم»، وتضيف: «بدأت مجموعتنا تكبُر، وأصبحت حاضنة للفنانين من الجنسين ومن مختلف الأعمار، أغلبهم لم تُتح لهم فرصة عرض لوحاتهم من قبل»، تتابع حديثها شارحة أن المعرض الأول لمجموعة «كلنا فن» والذي يهدف إلى مساعدة المواهب الشابة، نظمته بمساعدة عدد من زملائها الفنانين، حصد نجاحاً باهراً، إذ شارك فيه 36 فناناً وفنانة، وحضره أكثر من 1750 شخصاً من مُحبّي الفنون، مما شجّعها على تنظيم مَعرضٍ ثانٍ، والتخطيط لتنظيم ثالث ورابع.

رؤية 2030

تؤكد النحراوي أن للفن التشكيلي دوراً أساسياً في الإسهام في بناء أي مجتمع ونهضته، لأنه يعكس آراء وآمال وحتى مقترحات الفنان الراغب في دعم عملية النهوض والمشاركة فيها. تقول النحراوي: «مع رؤية المملكة العربية السعودية 2030 حقق المجتمع قفزة نوعية، وفتحت أبواب كثيرة، وتحول الحلم إلى حقيقة». وتضيف مؤكدة أنها اليوم تعيش في زمن يُحتّم عليها بذل الجهود لتحقيق الأفضل، وعدم التقاعُس عن مواجهة أي عائق يمكن أن يقف أمام طموحاتها كفنانة تشكيلية شابة، «فهذا هو زمننا ووقتنا لإحداث التغيير»، على حد قولها.

ولادة جديدة

رسمت النحراوي لوحات كثيرة، ولكنها تحتفظ بـ35 لوحة لارتباطها بها معنوياً، بحسب ما تكشف لنا، وتشير إلى أن كل لوحة من لوحاتها تُعبّر عن حالة ما مرّت بها، قد تكون حالة غضب أو فرح، أو استياء أو إعجاب. لا تتوقف النحراوي عن الرسم إلى أن تُفرغ كل ما في مكنوناتها من أحاسيس ومشاعر، فتشعر، كما تصف، بأنها ولدت من جديد مع اللوحة الجميلة التي تتشكل أمامها.

سارقة الألوان

وعن بداياتها مع الرسم، تحكي النحراوي أنها في صغرها كانت تحاول تقليد والدها الفنان التشكيلي الذي ورثت عنه موهبة الرسم، فكانت تسرق الألوان من مَرْسمه لترسم بها أشكالاً عشوائية على كرّاستها وتخفيها تحت سريرها، كي لا يكتشف والدها أنها استخدمت ألوانه المكلفة، تضحك النحراوي وتتابع موضحة أن والدها لم يُعاقبها بل دعمها بشدة وأثنَى على موهبتها، وأغدق عليها بالنصائح التي أوصلتها اليوم إلى مكانتها الحالية.
 
طقوس خاصة

لا تنتمي ريشتها إلى أي مدرسة فنية مُعيّنة. فريشتها، بحسب وصفها، لها مُطلَق الحرية في التنقل بين المدارس الفنية المختلفة، باستثناء المدرسة التكعيبية، (تشرح ذلك ضاحكة): «لا أقترب من المدرسة التكعيبية في الرسم، لكرهي مادتي الرياضيات والهندسة». للنحراوي طقوس خاصة تتبعها قبل البدء بالرسم بالأكريليك أو الألوان الزيتية، تخبرنا ذلك شارحة أنها عادة تضع إلى جانبها دلّة القهوة العربية، وتفتح نوافذ مرسمها على مصراعيها، لتدخل خيوط الشمس وتبسط شعاعها ونورها على ألوانها مما يسهل عليها مزج الألوان ببعضها البعض.

نحو العالمية

إلى جانب الألوان التقليدية، تستخدم النحراوي وسائط غير تقليدية، كالرمال، الأحجار، الجرائد، القماش والزجاج في أعمالها الفنية، لأنها تعتبرها وسيلة جذابة لإضفاء رونق وواقعية ورقيّ على أعمالها الفنية، التي تطمح إلى أن تراها يوماً تُعرض في المتاحف العالمية.