هنّ من الجنس اللطيف وينتمين إلى السلك العسكري، حملن المسدس باليد وصوّبن نحو هدف واحد هو الفوز بالبطولات، فكان لهنّ ما أردن. منهن من حصدت أكثر من بطولة، ومنهن من أضْحَت مدربة مشهوداً لها بالكفاءة، وغيرهنّ بتن مُحكّمات في الرماية على «سن ورمح». فما قصة هؤلاء البطلات مع الرماية؟

ليونة وهدوء


زينب أخلاقي، رامية منذ العام 2004، ومدربة منذ العام 2005، ومُحكّمة منذ العام 2016، وترى في هذا المجال «سعادة لا توصف، وحماساً لا يمكن التعبير عنه بالكلمات». وترى أخلاقي التي فازت ببطولات عديدة في الرماية، أن «الرامية والمدربة والمحكّمة تتكامل مع بعضها»، لافتة إلى أنه من المهم للمدربة أن تكون اختبرت حقيقة رياضة الرماية ومن ثم حفظت قوانينها كمحكمة، لتتفاعل بشكل تلقائي مع المتبارين في هذا المجال وقت تكون المحكمة عليهم». وتعدد المزايا التي اكتسبتها من كونها رامية، قائلة: «لقد بت أكثر جرأة وأتميّز بشخصية قوية، وبات من هم حولي يحسبون لي ألف حساب ويقدرونني». وحين نسأل أخلاقي إذا ما كانت تقصد الرجال بكلامها، تجيب مبتسمة: «أقصد الكل، وهذا لا يمنع من أن يكون الرجال من بين الكل، وقد نافستهم أكثر من مرّة وتغلبت عليهم. ربما لأن الضغط على زناد المسدس يتطلب ليونة وهدوءاً، وهما أمران تتمتع بهما المرأة أكثر من الرجل». وعلى الرغم من أن أخلاقي متزوجة وأم لولدين، تُجاهر بالقول: «جاهزة دوماً للتضحية بوقتي من أجل طموحي في الوصول إلى العالمية كرامية ومدرّبة ومحكّمة».

موهوبة

حين دخلت منى السجواني معترك الرماية منذ خمسة أعوام، لم تتوقع الفوز بهذا المضمار مرّات عدة، لكنها تتذكر الفوز بالبطولة الأولى الذي حصدته، والذي جرى على مستوى منطقة الشارقة التعليمية عام 2013، تحكي: «بالفعل لم أتوقع الفوز فوجدت نفسي أحصد الفوز بعد الآخر. فقد اخترت الرماية كهواية، ولكنني سرعان ما اكتشفت أنني موهوبة بها فانخرطت فيها أكثر فأكثر، ومنذ ذلك الوقت تغيّرت حياتي إلى الأفضل، وانعكس الأمر عليّ وعلى علاقتي بالناس بالإيجابية». وتتحدث منى عن نظرة الزملاء الذكور إليها، فتقول: «هم ينظرون إليّ بروح المنافسة والتقدير مع الكثير من الهيبة والاحترام». وتختتم: «أما أحلامي في مجال الرماية فكثيرة، لذا ترونني مُنْكبّة على التدريب اليومي، وأنا بحق مستمتعة إلى أبعد الحدود بما أفعله».

حلم

تعلمت رجاء فيصل الرماية منذ العام 2004، وهي منذ ذلك الوقت تحصد البطولات المحلية والدولية، وقد بدأت بمجال التحكيم في الرماية منذ العام 2013، كما أنها إضافة إلى ذلك متخصصة في التحكيم للرماة من أصحاب الهمم، تحكي عن تجربتها فتقول: «الرياضة بشكل عام لها تأثير إيجابي على الإنسان، وأعتبر أن الرماية التي أعشقها بشدة لها تأثيرها أيضاً فيّ، فقد علمتني كيفية إدارة الوقت وتحمّل المسؤولية، وضبط النفس والهدوء وقيادة الذات». وتُعقّب: «في الواقع كانت الخصال التي ذكرتها موجودة في شخصيتي ولكن انصرافي إلى عالم الرماية الجميل، صقل هذه الخصال وانعكس بالإيجابية على تعاملي مع الناس، وكأنها كانت حافزي للنضوج». وتتحدث رجاء عن طموحها بشغف، مُعلنة: «أريد أن أمثّل وطني الإمارات على الصعيد الرياضي أو التحكيم في الأولمبياد، وفي الحقيقة هو حلم يُراودني منذ كنت في الثامنة من عمري».
روح القيادة

سمية البلوشي هي الأخرى بدأت الرماية في العام 2009، ولكنها وجدت نفسها في مجال التحكيم بعد انضمامها إلى دورة تحكيم واحدة، تقول: «دخلت كمُحكّمة في بطولات دولية، وكان ذلك بمثابة بداية فتحت لي آفاقاً لمجال أحبه. وكنت في الأساس كعسكرية أميل إلى الرماية وأتوق إلى احترافها». ومن دون تردّد تُعلن البلوشي: «بتُّ امرأة قيادية لحظة دخولي مجال الرماية، وبعد أن كنت خجولة نوعاً ما، أصبحت منطلقة في اتجاه مسؤوليات أكبر، أعتمد على نفسي للنجاح والإنجاز وحجز مكان مرموق». وتوضح: «حين ينتظر منك الجميع التميّز، ويعقد عليك الآمال في تحقيق مركز متقدم يكون على مستوى المدينة والوطن، تجتهدين لتحملي هذه المسؤولية وتجدين نفسك ومن دون أن تشعري واثقة الخطى، تسيّرك روح القيادة والشخصية الصلبة». وبدورها تشير البلوشي، إلى أن: «الفتاة القوية من الطبيعي أن يعمل لها الجنس الآخر ألف حساب، قبل أن يتكلم معها أو يتعاون معها في أمر ما، وهذا الواقع لا يقتصر على الرامية فحسب، إنما على كل فتاة تشغل منصباً متقدّماً». وتضيف: «في الأغلب أنا جدّية في العمل كوني شرطية، ولكنني أعيش حياة طبيعية مع صديقاتي، وربما أكون أكثر منهن جنوناً بالاستمتاع بالحياة». وتُنهي كلامها متمنّية: «أن يرشّحني الاتحاد الدولي، بعد أن أجمع رصيداً كافياً من البطولات الدولية، لأتأهّل وأكون مُحكّمة في الأولمبياد».

 

المدربة الأولى

قد تكون سلمى الكعبي الإماراتية الأولى التي مَهّدت الطريق لغيرها من الجنس اللطيف إلى ميدان الرماية، فهي أول مدربة رماية في الدولة، تقول عن تجربتها: «منذ صغري وأنا أهوى الرماية، وأذكر كم لعب والدي الذي كان صياداً ماهراً، ووالدتي التي كانت شرطية في مركز شرطة حتّا، دوراً في جعلي أعيش في عالم الرماية قبل أن أنضم إليه عام 1997. وفي عام 2000 وبعد الخضوع لدورات تدريب مكثفة، أصبحت مدربة، وكنت حتى العام 2008 المدربة الوحيدة بين 18 مدرباً من الذكور».
تسترجع الكعبي بالذاكرة تلك الأيام وتضيف: «حظيت في تلك الأيام باحترام المدربين الآخرين، ولم ينظر إليّ أحد على أني امرأة، وبقيت أدرّب إلى العام 2014». وتُعدّد الكعبي البطولات التي فازت بها على صعيد الدولة، على المستوى الفردي ومستوى الفريق والتكريمات التي نالتها، فيُشرق وجهها وتكمل: «بالإضافة إلى عملي كمدربة دخلت قبل عامين دورة حكام، وإلى الآن حكمت أكثر من 6 بطولات محلية وواحدة دولية جرت في مصر». وتنتقل لتتحدث عن الحكام والقوانين، فتشرح: «إن قوانين التحكيم تختلف في البطولات العسكرية عن البطولات الأولمبية، وطبعاً يتحتّم على المحكّم أن يلمّ بالقوانين، ويُفضّل أن يكون عسكرياً يلمّ بقوانين الأمان لأنه يتعامل مع ذخيرة حية». وتختتم الكعبي التي تبرع في الرماية والتدريب والتحكيم، قائلة: «طموحي أن أشكّل فريقاً قوياً من الراميات الإماراتيات، أنافس به محلياً وعربياً ودولياً».