أحبّت مريم أحمد الرفاعي أن تدخل مجال الطيران بعد أن أنهت دراستها الأكاديمية، وبمُثابرتها ومجهودها المتواصلين، وشغفها بعملها والتدريب المكثف الذي خضعت له? صعدت السلّم الوظيفي بسرعة قياسية? لتصبح مُرْسلة طائرات أو مُرحلاً جوّياً Aircraft Dispatcher في «طيران الاتحاد?» وتكون الإماراتية الأولى التي تعمل في هذا المجال.  مِنْ مدرج المطار حيث تقف الرفاعي عند إقلاع الطائرات وهبوطها، كان هذا الحديث معها.

 

تخصُّص صعب

ما طبيعة عمل الـ«مُرحل جوّي»؟
-
الـ«مرحل الجوي» هو الذي يُجهّز الطائرة للسفر ويتأكد من السلامة العامة? واستعداد طاقم الطائرة? وحقائب السفر? ووجبات الطعام? وموعد الإقلاع في الوقت المحدد. باختصار، هو الذي يُشرف على التفاصيل كافة التي تتعلق بالطائرة من أصغر شيء فيها إلى أكبرها.
هل الإجراءات التي تتبّعينها واحدة مع كل الطائرات؟
 -
لكل طائرة وضعها الذي يجب دراسته لمعرفة كيفيّة التعامل معها? وقد تخصصتُ بهذا المجال في أكاديمية «طيران الاتحاد». وللعلم، هذا التخصص يُعتبر صعباً جداً لأن أساسه الحساب? ولكنني تحدّيت نفسي ونجحت فيه بتفوّق.

التحدّيات

ما التحديات الصعبة الذي تواجهينها في عملك؟
-
تحمّل المسؤولية.. فليس من السهل أن تكوني مسؤولة عن جاهزيّة طائرة وعناصرها كافة? لذا تقوم الأكاديمية بإجراء اختبار لنا كل ثلاثة أشهر، لتتأكد من أننا مُخوَّلين لحمل هذه المسؤولية? ومُواكبين كل تطور يطرأ على مجال عملنا. كما أن العمل على أرضيّة مدرج المطار تحت أشعة الشمس وفي أوقات الحر والرطوبة، مُزعجٌ جداً بالنسبة إلى امرأة لا تتمتع بالشخصية الصلبة المثابرة، وشغف حُبّ مهنتها مثلي.
هل مثل هذه التحديات تُخيف الفتاة من اقترابها من مهنة الـ«مرحل جوي»؟
-
بالطبع لن تخاف الفتاة من تحديات هذه المهنة إذا كانت تعشقها، ولا أخفيكم أنها مهنة صعبة نوعاً ما?لكنها تحمل للمرأة تحديات كثيرة، وأولها تحدّي الذات لإثبات إمكاناتها وقدرتها على النجاح في أي مكان تختاره.
لذا، قد أكون الإماراتية الأولى التي دخلت هذا المجال? لكنه اليوم يستقطب أعداداً كبيرة من الفتيات الناجحات إلى حدٍّ كبير.
أجمل ما في مهنة الـ«مرحل جوي» في رأيك؟
-
إحساسي بالفرح الذي ينبع من كوني في المكان الذي أرغبه وأحبّه.. ففي هذه المهنة كل شيء جميل ومُثير? لأنها غير تقليدية، وبالتالي يستحيل أن يشعر من يمتهنها بالروتين والضجر، حيث إنه يتعلم ويكتشف تحدّيات جديدة كل يوم.

مقوّمات أساسية

ألَا يُعيقك طموحك للتقدّم في العمل عن رسالة الأمومة، خاصة أنك أم لخمسة أطفال؟
-
لكل أمّ اختارت أن تبقى في البيت لتربّي أولادها رسالة احترام وتقدير منّي? لأنها تؤدّي أنْبَل مهنة في العالم.
شخصيّاً، أجد أنني أملك من الطاقة ما يكفيني لأكون أمّاً صالحة وموظفة ناجحة? وقد جعلت عائلتي تتأقلم على هذا المفهوم? كما أنني أجد دعماً غير محدود من زوجي وأهله? وقد يكون هذا الواقع هو المحفّز الأكبر لي لأمضي قدماً في مسيرة النجاح على صعيد المهنة? وفي الوقت عينه لا أقصّر مع أولادي وألبّي جميع متطلباتهم.
يبدو جليّاً اعتدادك بالنجاح. فما المقوّمات الأساسية التي رَكنتِ إليها لتحقيقه؟
-
رَكنتُ إلى كلام الرّاحل الكبير المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيَّب الله ثراه). الذي قال لنا إنّ المرأة نصف المجتمع، وحثّنا على العمل. وكان يُردّد دوماً «أنا نصير المرأة.. أقولها دائماً لتأكيد حقّها في العمل والمشاركة الكاملة في بناء وطنها». وقد حفر كلامه في نفسي عميقاً? من دون أن أنسى تشجيع حكّامنا الحكماء وتشجيعهم ودعمهم المتواصل لنا كإماراتيات. وقد بنيتُ على هذه الأسس وانطلقت منها? مُتمسكة بالإرادة والطموح لإنجاز هدفي، ولأخدم البلد الذي لم يَبْخَل علينا بخيراته.

مشعل الإنجازات
 
هل تعتبرين أن المرأة الإماراتية تطورت بشكل عام عمّا كانت عليه بالأمس؟
-
نعم. هذا واضحٌ ومُؤكَّدٌ.. الإماراتية اليوم موجودة في كل مهنة ومؤسسة. فهي القيادية التي يُحسب لها ألف حساب، وتُؤدَّى لها التحيّة تقديراً على المكانة التي وصلت إليها? بتعبها واجتهادها ومُثابرتها الطويلة، وإصرارها على النجاح والتقدّم. لقد كسرت المرأة الإماراتية منظومة (هذا العمل حِكْر على الرَّجُل)? ومَدّت اليد إلى نصفها الآخَر في المجتمع لتُكمّله وتسير إلى جانبه.
ماذا يمكنك القول إلى إماراتيّات الجيل الجديد؟
-
لا تَقُلْنَ إنّكُنّ لا تعرفن.. بل حاولن ولا تتوقفن عن المحاولة، إلى أن تنجحن في تحقيق ما تسعين إليه. عليكُنّ أن تثقن بأنفسكن وبقُدراتكن، لتحملن مشعَل إنجازات اللّاتي سبقنكنّ وتُكملن مسيرتهن المشرّفة. والأهم أن تُحصّلن العلم قدر الإمكان، لأنه زوّادتكن في رحلة المستقبل المشرقة، وتذكّرن «أنّ ما تزرعونه سوف تحصدونه لا محالة بإذن الله».