عمرو سعد نجم ذو طابع مُتميّز.. هو معجون بعبَق الحارات والشوارع المصرية، خطواته سريعة وفكره مُتجدّد،
يواجه الحقيقة ويعترف بالأخطاء. رحلته مع الفن مليئة بالأحداث التي تصلُح مسلسلاً درامياً، وعلى الرغم ما فيها من آلام،
 فإنها تبدو قطعة من التفاؤل والآمال، خاضها بتحدٍّ وإصرار.
• تبدو أباً مثالياً، إذ نرى نجلك يُرافقك وكأنه صديقك.. فكيف تتعامل مع أطفالك؟

أنا لم أخرج من الطفولة، أتعامل مع الدنيا كأني طفل، وأعامل ابني «رابي» كأنه صديقي، نلعب ونمرح معاً، أذاكر له.. أرسم معه.. أجلّد له الكتب وأكتب معه الواجب، وعندما أمارس هذه الأشياء أشعر بحنين كبير إلى الماضي، وتحديداً عندما كانت والدتي تُجلّد لي «الكراريس» والكتب، وتَحْنُو عليّ وتساعدني في ارتداء «المرْيَلة» وحمل الحقيبة وترتيب الكتب.
• ابنك «رابي» قدّم أكثر من عمل فني. بماذا تنصحه؟

نصيحتي لابني «رابي» سماع كلام الآخرين والصبر.. لأن الفن مهنة تحتاج إلى صبر كبير.

العمل السياسي

• كيف تنظر إلى أحدث أفلامك «كارما»، الذي بدأ عرضه هذا الصيف؟

العمل مع المخرج خالد يوسف دائماً يحمل طعماً مختلفاً، فهو من المخرجين الذين يعرفون كيف يُخرجون من الممثل أفضل ما لديه، وأنا شخصياً أعتز بالعمل معه، والحمد لله كانت ردود فعل الجمهور والنقاد أيضاً إيجابية عن دوري في الفيلم. و«كارما» فيلم مرح، خفيف الدم، هذا على الرغم من جرعات الألم والإنسانية فيه، ولا أنكر أني أرهقت جداً خلال تصويره، خصوصاً أني قدمت شخصيتين لأول مرة في السينما في هذا الفيلم، وشجّعني هذا على خوض التجربة.
• ما وجهتك السينمائية بعد فيلم «كارما»؟
 أجهّز حالياً لتجربة سينمائية جديدة مع المنتج محمد السبكي، بعنوان «الفهد»، ستُحدث انقلاباً رهيباً في عالم السينما، حيث نطمح إلى أن يُحاكي الفيلم الذي كتبه السبكي الأفلام العالمية، وهي التجربة الثالثة لي معه بعد نجاح فيلمي «حديد»، و«ريجاتا».

حلم الطفولة

• تجلس في مكتبك وسط أوراقك.. تقرأ سيناريو فيلمك الجديد، فالتمثيل بات عملك وحياتك الآن. لكن، ماذا لو لم تكن أصبحت ممثلًا؟

الإجابة صعبة، وتأخذني إلى عالم الأحلام عندما كنت طفلاً في الصف الأول الإعدادي، وقتها قررت أن أمتهن مهنة ذات تأثير في الجمهور، مثل كتابة الشعر والقصص والرسم، كانت أحلامي كلها تدور في إطار الفن، إنه حلم حياتي الأول، لذلك درست «الديكور»، ومن أمتع الأشياء في الحياة أن تُبدع في عمل فردي، وعندما كبرت وعملت في الفن، انغمست في التمثيل والتفكير في التأثير والنجاح والجمهور، حتى سرق التمثيل منّي عمري ووقتي، لذلك أتمنّى أن أتوقف عن التمثيل وأعتزل في وقت مُبكر.

جريء وصريح

• كيف تفكر في اعتزال التمثيل حالياً وأنت على القمة؟

أنا لم أفكر، بل قررت.
إنّ الإرهاق الذهني والعصبي والتفكير طوال الوقت قد تقضي على الإنسان، والفنان دائم التفكير في عمله وجمهوره ونجاحه، وبسبب ذلك يفقد الكثير من أعصابه وحياته، كذلك عند تمثيل كل مشهد يأخذ من دمه وشرايينه حتى يصل إلى مرحلة الرضى، أنا جريء إلى حَدّ المصارحة بالاعتراف بأني لن أستطيع أن أظل هكذا سنين طويلة..
كيمياء المخ تُرهق كل فترة أكثر، خصوصاً أني أسعى إلى التأثير والنجاح معاً، وليس النجاح فقط، وهذا يتطلب إرهاقاً وجُهداً أكبر وأكثر، لاحظوا أن تأثير عبد الحليم وأم كلثوم وعبد الوهاب وإسماعيل ياسين وغيرهم من أساطير الفن، لا يزال باقياً إلى الآن على الرغم من رحيلهم من سنوات طويلة، وأنا طوال الوقت أفكر في أعمالي كما لو كنت واحداً من الجمهور، ببساطة «عمري ما حسّيت بأني ممثل».

النجوم يُعانون الإرهاق

• ربما يتعجب الناس من قرار اعتزالك.. خصوصاً أنّ كثيرين يتوّهمون أن حياة الفنان مليئة بالرّغد والرفاهية؟

للأسف، الناس يعتقدون أن حياة النجوم ممتعة وجميلة والناس يفرحون ويتسلّون فقط، لكن كل هذا غير صحيح، أنا واحد من النجوم وهناك زملائي أيضاً يعانون طول الوقت التفكير، ذهننا شارد باستمرار، فعندما ينجح الفنان في عمل، يفكر في نجاح العمل الآخر، ويطرح تساؤلات من نوعيّة: هل العمل سيعجب الجمهور؟ هل السيناريو مناسب؟ هل سنحقق النجاح نفسه؟ لدرجة أن الفنان هنا قد لا يستطيع مثلاً السفر للفسحة مع أسرته وتفكيره حائر بشكل كبير، ويظل محبوساً داخل نطاق فكرة معيّنة، وهذا شيء مؤلم جداً وليس سهلاً. الفنان يدفع ضريبة كبيرة من أعصابه، وهذا على مستوى العالم. النجوم يعانون إرهاقاً نفسياً كبيراً جداً، خاصة هؤلاء الذين يُجيدون أدوار التقمّص.