عدم قدرتها على المشي لم ينزع من الفارسة الإماراتية فاطمة البلوشي سعادتها، ولم يجعل أحلامها باردة أمام عنفوان الحياة ودفئها، فعقدت تحالفاً مع الخيول التي تستمدّ منها القوة والقدرة على العطاء وتهدي لمن حولها ابتسامة لا تغيب.
تَعتبر فاطمة البلوشي (26 عاماً)، وبخلاف بعض ممّن هم في ظروفها، أنّ إعاقتها مصدر القوّة والأمل بالنسبة إليها، إذا ساعدتها على اكتشاف كثير من الطاقة الإيجابية الكامنة داخلها: «كَوْني لا أستطيع السَّيْر إلّا من خلال كرسيّ مُتحرّك، لم يكن بالنسبة إليّ يعني نقصاً يوماً ما، فقد عشت طفولتي وأنا مُحاطة بحُبّ أسرتي وأصدقائي، الأمر الذي جعلني أرى جَـمَـال الحياة من خلال إعاقتي، ولن أبالغ إنْ قلت إنني سعيدة لأنني خُلقت هكذا، كما أنّ انضمامي إلى (رياضة الخيول) زاد من شعوري بكمَال النِّعَم التي أحاطني بها الله سبحانه وتعالى».

خَيْل وفروسيّة

تروي فاطمة بداية عشقها للخيول، قائلة: «انخرطت في «النادي الثقافي للفروسية»، بدعوة من مؤسسته ورئيسته عائشة الفقاعي، انجذبت نحو الخيول وتأقلمت معها سريعاً». تُضيف فاطمة: «الكثير كان يظن بعدم قدرتي على ركوب الخيل بسبب ظروفي مُشكّكاً في استمراري، لكني غيّرت هذه الفكرة تماماً في أذهانهم، صمدت في مُداومة التمارين وتحدّيت الصّعاب، وكان شعاري «لا مستحيل عند فاطمة» حتى حققت حلمي، وأكثر ما أفْخَر به لقبي «فارسة أصحاب الهمم».

تعلّمت من إعاقتي

ومن خلال نجاحها في مضمار الفروسية، تبث فاطمة رسالتها إلى مَن حولها، وتقول: «إعاقتي لم تَمْنعني من تحقيق أحلامي أو مُمارسة هواياتي، لم أتحمّس للأدوية التي قالوا إنها ستُحسّن من حالتي، لأنني شعرت بأنني أستطيع فعل كل ما أرغب فيه وبلا ساقين، بل بعكس ذلك، فإن إعاقتي كانت بالنسبة إليّ بمثابة المدرسة التي كنت أتعلم منها كل يوم شيئاً جديداً.. فأعطتني القوة والثقة بالنفس والصبر والتحدي، حتى لُقّبت بـ(سفيرة التحدّي)».

تطوّع وخير

لا يتوقف عطاء البلوشي في مجال الفروسية ونشر طاقة الأمل والسعادة على من حولها، بل ذهبت إلى أكثر من ذلك، إذ انضمّت إلى العمل الطوعي الخيري والمؤسّسي، وذلك من خلال أنشطة عديدة، منها صيانة بيوت الأسَر المتعفّفة، وتوزيع وجبات الإفطار المجانية في شهر رمضان. تقول فاطمة: «يُشعرني هذا العمل بالسعادة، وأجد فيه نفسي، وهَدَفي هو تشجيع أصحاب الهمم على الاندماج في المجتمع، وهم قادرون على ذلك». وتَتمثّل خطط فاطمة البلوشي المستقبلية في إكمال دراستها الجامعية، وتطوير قُدراتها الذاتية، وتحقيق طموحاتها في المجالات كافّة، حتى ترفع اسم الإمارات عالياً حسب قولها.