أنْهَت اختصاص «علوم الطيران» في «جامعة أبوظبي»، وقصدت دبلن في إيرلندا لتتعلم أسس المهنة، ثم عادت لتُكمل مشوار دراستها في أكاديمية الطيران في العين، لتلتحق بعدها بـ«طيران الاتحاد» عام 2011. هي رحلة شغف الطيّار سارة محمد النقبي مع المهنة التي اختارتها بإصرار، ما دفعها إلى أن تُنهي دراستها الأكاديمية المكثفة في وقت قياسي، مدته عامان ونصف العام بدل ثلاثة أعوام ونصف العام. من وراء مقوَد الطائرة، كان هذا الحديث:
• ما المواصفات التي يجب أن يتحلّى بها الشخص ليُصبح طيّاراً؟
يجب أن يحب المجال كثيراً، ويتحلّى بالمسؤولية والشجاعة في مواجهة عقبات كثيرة قد تعترضه ويُحسن التصرف معها.
شخصياً، تعلمت كثيراً من مهنة الطيران، مثل حُسن التصرف مع الظروف واتخاذ القرارات المناسبة، وكيفيّة التعامل مع الناس من مختلف الأجناس والأعمار والطبقات الاجتماعية والثقافية.

حلم الصِّغَر

• لماذا اخترت الطيران مجالاً للتخصص؟
لطالما تحدّيت شقيقي التوأم بأنني سأتفوّق عليه بعلامات المدرسة وأصبح طيّاراً، وأذكر أنه كان يرغب في أن يُصبح هو طياراً حربياً، وبالفعل نال كلانا نتائج مدرسية مُشرّفة، فدخل هو في مجال هندسة الفضاء وأصبحت أنا طيّاراً مدنيّاً. هو حلم الصغر الذي حققته بالمثابرة والثقة بالنفس والإيمان بقُدراتي.
• ما أصعب ما واجهتِـهِ في هذا المجال؟
لقد بدأتُ مشواري في عام 2011، وكان عمري حينها 18 عاماً.
كانت الصعوبة الأولى في أن أثبت أنني فتاة على قدر المسؤولية وتحدّيات المهنة التي اخترتها، ولم أقبل بأن أنفّذ أموراً محددة تُميّزني عن زملائي من الجنس الآخَر.
• نسمع كثيراً عن جهاز مُحاكاة الطيران. فما هو؟

هو عبارة عن محاكاة للطيران الحقيقي الواقعي، يُستخدم في التدريب والامتحانات، وهدفه توفير الخبرة للطيارين لتعلُّم اتخاذ الإجراءات الصحيحة، تجاه الظروف المختلفة التي يمكن أن يتعرّضوا لها.

العالم يحسدنا

• دعم دولة الإمارات لبناتها ينسحب على مجالات مختلفة، فماذا عن دعمها في مجال الطيران؟
يحسدنا العالم على ما تُقدّمه الدولة لنا على صعيد مهنة الطيران، من الدراسة والتدريب وساعات الطيران والمدرّسين المحترفين، وصولاً إلى كل ما يُمكن أن يُسهّل طريقنا للنجاح والتفوّق. لذا، نرفع رؤوسنا تَحيةً وإجلالاً لحكامنا الكرام الذين لم يُقصّروا يوماً معنا.
• ماذا عن دعم الأهل والمحيطين بك؟
الدعم لاسيّما من الناس المقرّبين مُهم وضروري، لأنه جعلني أنتج أكثر وأُقْبِل على الدراسة الأكاديمية بحُب وعزيمة وإصرار، وأن أنهيها بفترة عامين ونصف العام، مع امتياز ومرتبة الشرف. ولا يسعني إلّا أن أحَيّي الوالدة التي شجّعتني على المضيّ قُدماً في هذه المهنة، وطلبت منّي بألّا أتوقف عند أي انتقاد يعترضني لكوني فتاة، وتعبَت معي وتابعَت تَقدُّمي لحظة بلحظة.
ونجاحي اليوم ما هو إلّا رَد جميل لشخصها الكريم والمعطاء.

أسلوب حياة

• هل أنت مقتنعة بالمهنة التي اخترتها؟
بالطبع، وشغوفة جداً بهذا المجال. هي لم تعد مهنة إنما أسلوب حياة وفرصة للانفتاح على عوالم أخرى وثقافات مختلفة، نتعلم منها وننقل إليها ثقافتنا.
• أنت غير متزوجة بعد، فهل تخافين أن يَحدّ الزواج من طموحك؟
لن يحد الزواج من طموحي، لأني سوف أختار الرّجُل الذي يساعدني ويفهمني ويحثّني على تحقيق أهدافي، ولن يتعارض بناء أسرة مع مهنتي لو أحسنتُ تنظيم أوقاتي وترتيب أموري.

مِثال للعالم

• في رأيك، هل لا تزال الفتاة الإماراتية خجولة في دخول مُعتَرك الطيران؟
قد تكون خجولة نوعاً ما في دخولها مُعترَك الطيران، ولكنها تُقبل عليه أكثر من قبل، وتعي أنها ستنظر إلى العالم كله بمفهوم جديد. والإماراتية المتعلمة لا تخجل من أيّ مهنة ترى فيها أُفقاً لقُدراتها، بل إنها تتأقلم معها ولا تستسلم حتى تُحقق طموحها وتنجح، وتصل إلى هدفها الذي خططت له.
• هل يثق الرجل بالمرأة الطيّار؟
هناك فئة من الرجال لا يزالون لا يثقون بالمرأة الطيار، مقابل فئة عريضة أخرى تؤمن بقُدرات المرأة في هذا المجال، وتشجعها على التحليق فيه عالياً.
• هل أنت راضية عمّا حققتهُ المرأة الإماراتية؟
الذي قامت به الإماراتية حتّى اليوم لا يُستهان به، وهو فَخْرٌ للدولة التي تستاهل نجاحنا في شتّى الميادين. لقد أصبحنا مثالاً يُحْتذَى به للعالم، وشخصيّاً أنا مَبْهُورة، وتَغْمُرني السعادة حين أرى نظرة التقدير في عيون الآخرين.. فذلك يُحفزنا على التقدّم أكثر.
• ما الحلم الذي تسعين إلى تحقيقه؟
أسعى إلى أن أكون «كابتن» ناجحاً في المكان الذي أعمل فيه، وأن أكون على قدر المسؤولية الكبيرة التي حمّلتني إيّاها الإمارات الحبيبة، وأن أصبح قُدوة يُحْتَذَى بها في مجال الطيران.