بداية تحكي ميثاء عن طفولتها: «كنت أحلم بأن أكون مهندسة أو طبيبة وأحياناً رائدة فضاء، أو دبلوماسية أمثل بلدي في المحافل الدولية، ولكن في المرحلة الثانوية قررت أن أختار مجال الهندسة، وبالفعل دمجت تخصصات عدة في الهندسة، منها الكهربائية والإلكترونيات، الحاسوب، الميكانيكية، والنووية».

إحباطات

بدأت الشمري بالعمل منذ خمس سنوات مهندسة تصميم للأنظمة النووية في مشروع براكة للطاقة النووية، لكن رحلتها لم تكن سهلة، تقول: «على الرغم من دعم أسرتي الكامل لطموحاتي لم يكن الوصول إلى هذا الموقع سهلاً، ولطالما واجهتني المصاعب التي تمثلت في التقليل من شأني وتكرار عبارات مُحبطة من هنا وهناك. وحينما اخترت أن أقوم بدراسة تخصصين هندسيين مختلفين في آنٍ واحد، حتى المرشد الأكاديمي في الجامعة كان يظن أنني سأفشل على اعتبار أن الهندسة معقّدة والذكور يواجهون صعوبة في دراستها، بل والكثيرون يستسلمون ويغيرون تخصصاتهم، لكني لم أنظر إلى هذه العبارات السلبية إلا كحاجز كبير يتطلب مني القفز فوقه، لأنني واثقة بنفسي وأملك إرادة فولاذية وعزيمة قوية، ففعلت ذلك بنجاح وتميز، وكان صدى خطواتي يفوق توقعاتهم».

طالبة متميّزة

وبالفعل، تمكنت ميثاء الشمري خلال أربع سنوات من أن تحصل على شهادتي بكالوريوس مُتزامنتين في مجال الهندسة الكهربائية وهندسة الحاسوب من أفضل الجامعات بالولايات المتحدة، وهي «جامعة مينيسوتا» بتقدير امتياز، كما حصلت على شهادتي ماجستير مزدوجتين متزامنتين في الهندسة الكهربائية والهندسة الميكانيكية في مدة عامين وبدوام جزئي. وبدأت دراسة تخصصين مختلفين في الهندسة لدرجة الدكتوراه في الولايات المتحدة الأميركية، مركزة أبحاثها على تطوير الذكاء الاصطناعي والاستدامة. وهي اليوم تحمل عضوية سبع أهم مؤسسات وهيئات ومنظمات دولية، مُتعلقة بالهندسة حول العالم.

إجادة للغات

لم تتفوق الشمري في دراسة الهندسة وحسب، بل حرصت أيضاً على إتقان ست لغات بطلاقة، من بينها الصينية واليابانية والإسبانية، وتشرح كيف نجحت في ذلك بالقول: «في الثالثة من عمري بدأ والدي بتعليمي اللغة الإنجليزية والعربية ولغات برمجة الحاسوب، واكتشفت بعدها أن لديّ قدرة كبيرة على الحفظ والاستيعاب بسهولة، فبدأت بتعلم لغات أخرى مثل اليابانية والكورية، وكنت حينها في المرحلة الإعدادية». وتتابع: «عندما ابتعثتني الدولة من ضمن الطلبة المتميزين علمياً للدراسة في أميركا، شغلت نفسي خلال وقت فراغي بتعلم لغات أخرى مثل الصينية والإسبانية، إذ إن تلك اللغات تُعتبر أمراً أساسياً للتعامل مع الناس، وذلك بسبب سفري المتواصل الذي أقوم به لدول عديدة، للوقوف على متطلبات العمل».

نتائج باهرة

أبرز ما تعلمته ميثاء من تجربتها الدراسية في الولايات المتحدة أن «المجتمع الأميركي مليء بأناس من مختلف الجنسيات والثقافات والديانات، وهذه بالنسبة إليّ فرصة قيّمة قمت باستغلالها لكسب المزيد من المعرفة ونقل تجاربهم المفيدة إلى بلدي. تعلمت أنّ مَن جَدّ وَجَد، حيث إن كثيرين منهم دؤوبون ومخلصون ويتقنون عملهم، ودائماً ما يضعون خططاً وأهدافاً وأحلاماً أمامهم لتحقيقها، فتعلمت أن التخطيط السليم يؤدي إلى نتائج باهرة إذا اقترن بالعمل الجاد والإصرار والمثابرة».

مساعدة أصحاب الهمم

تستذكر ميثاء الشمري تجربة حدثت معها في الغربة تنم عن نشأتها وتربيتها، وتقول: «خلال دراستي الجامعية في أميركا، حاولت قدر المستطاع مساعدة طالبين متقدمين في السن من «أصحاب الهمم» كانا يدرسان الهندسة وقد حرما من نعمة البصر. فكنت أشرح لهما الدروس الصعبة عليهما، ولم يكونا يعلمان من أي بلد أتيت ويستغربان مساعدتي لهما، إلى أن علما عند اقتراب موعد تخرّجي أنني إماراتية، فاندهشا وازداد فضولهما لمعرفة المزيد عن الإمارات وعاداتها وثقافتها، والأسباب التي دفعتني إلى مساعدتهما، حينها أخبرتهما أن هذه هي الأخلاق والقيَم العربية الإسلامية التي تربّيت عليها في مدرسة زايـد الخيـر، وأنّ هذا الأمر ليس مُستغرباً في بلادي، حيث يهبّون إلى مَدّ يَد العون إلى كل محتاج».

حياة عادية

وسط مسؤولياتها الاستثنائية، تعيش الشمري حياة طبيعية، تقول: «على الرغم من ازدحام جدولي اليومي بالأعمال، إلّا أنني أنظم وقتي دائماً لإيجاد التوازن بين العمل والدراسة والحياة الاجتماعية. فأنا أجيد الطبخ، وأعيش حياتي كأي شابة، محافظة بذلك على أنوثتي، إضافة إلى ممارسة هواياتي في القراءة والفروسية». وتضيف: «صحيح أن تخصصي صعب ولديّ طموح عالٍ، ولكن هذا لن يكون عائقاً أمامي في سبيل تكوين أسرتي يوماً ما. وأرى أن تربية الأجيال القادمة ستكون مهمة أسهل بالنسبة إليّ، كوني خضت تجربة صعبة جداً أكسبتني الكثير من الدروس، وكلمة مستحيل لا توجد في قاموسي».

دعم لا محدود

عن قدرة المرأة الإماراتية على خوض مجالات فيها تحديات، تقول الشمري: «أؤمن بأن الإماراتية قادرة على اجتياز أي تحدٍّ بتميّز، بل وتتفوق على نظيراتها في الدول الأخرى، وأن تدخل كذلك وبقوة في مجالات العلوم والهندسة والتكنولوجيا، وهي محظوظة جداً لأن لديها قيادة حكيمة تدعم طموحاتها وتمكنها من خوض جميع التحديات».