خلال السنوات الماضية اهتمت الإمارات بكل مؤسساتها المعنية بالملكات الإبداعية لدى الموسيقيين الإماراتيين الشباب، وذلك من خلال تأسيس برامج وفعاليات ومؤسسات تدعمهم وتقودهم إلى فهم أفضل لإرثهم الموسيقي واكتشاف ثراء تقاليدهم الموسيقية، وتصل بهم إلى مستوى غير مسبوق محلياً وعالمياً. في هذا التحقيق نتعرف إلى تجارب مجموعة من المواهب الإماراتية الشابة التي أبرزت مهاراتها في العزف على أنواع عدة من الآلات الموسيقية والتي تطمح إلى حجز مكان لها على الصعيدين العربي والعالمي. إيمان الهاشمي: الإمارات من أهم الدول التي تخلق الفرص لخلق الإبداع الموسيقي تعتبر إيمان الهاشمي (عازفة بيانو، وملحنة) أول من مثلت الدولة في الخارج بالعزف على البيانو في إيطاليا «إكسبو ميلان 2015»، كما أسهمت بأكثر من 150 فعالية داخل الدولة، إضافة إلى ذلك فهي أول مُلحنة إماراتية «أوركسترا» في الدولة، تدمج الآلات الغربية والعربية بمقطوعات من تأليفها بشكل كامل. تحكي عن شغفها بالموسيقى بالقول: «بدأت العزف منذ عمر الخامسة وأعتبر علاقتي بالموسيقى علاقة عائلية بحتة، وهواية رائعة لا أشعر معها بضرورة الاحتراف فيها، لأنها في جميع الأحوال ملتصقة بي أينما ذهبت». وعن علاقتها بالبيانو توضح «لم أختر البيانو، ولكنه هو الذي اختارني، فأنا لم أكن حينها أعرف حتى اسمه أو ماهيته، ولكن حجمه الكبير الذي يوحي بالأمومة، حيث تشعر وكأنه الآلة الموسيقية التي تحتضن جميع الآلات الأخرى، كما أنه ثابت ولا يتحرك من مكانه إلا بمواصفات خاصة، وهذا ما يجعل منه قيمة ورقياً وحناناً ودفئاً أشبه بالأم كثيراً». وفي ختام حديثها تؤكد إيمان أن «الإمارات من أهم الدول في العالم التي تخلق الفرص لخلق الإبداع واستثمار القدرات الشابة وتطوير وصقل المواهب». فاطمة الهاشمي: اخترت «التشيلو» لحبي للغناء فهو أقرب إلى صوت الإنسان الحس الفني العالي وحب الموسيقى منذ الصغر كانا رفيقي فاطمة الهاشمي (عازفة تشيلو) اللذين يقودانها بحب ويصلان بها إلى الجمهور، أما رفيقها «التشيلو» فكان متكأها، فالعزف على تلك الآلة حالة من الطرب تبثها من دون أي حواجز، تقول: «اخترت العزف عليها لحبي للغناء فهي أقرب آلة لصوت الإنسان وأيضاً قريبة من القلب». تسرد تجربتها وكيفية تطورها: «بدأت بالمشاركة في النادي الموسيقي في المدرسة والعزف على آلة الأكورديون، وعملت على تطوير مهاراتي بشكل مستمر، كانت لي مشاركات عديدة، منها حفلات موسيقية خاصة للدبلوماسيين وسفراء الدول المقيمين في الإمارات، والعديد من المشاركات مع أوركسترا أن أس أو وأوركسترا ماهلر للشباب العالمية». وعن آمالها تبين فاطمة بالقول: «نحن نطمح أن تكون لنا مدرسة حكومية وأكاديمية موسيقية يتخرج فيها كل من يحلم بأن يتخذ الموسيقى مهنة مستقبلية له، في جميع مجالات اختصاصها. وعلى الصعيد الشخصي أتمنى أن أكون قدوة حسنة لأبناء بلادي في دعم الفنون والمواهب». حمد الطائي: مقطوعاتي يفهمها الجميع فهي حكاية قصصي وأسفاري حول العالم عندما وجد حمد الطائي (عازف بيانو، ومؤلف موسيقي) نفسه عالقاً بين مهنة الطيران وعازف بيانو، أدرك أن مكانه كان في الوسط، تلامس أصابعه مفاتيح البيانو فيبهر جلوسه ومستمعيه ويحلق في السماء ليحط رحاله كل يوم مع مسافريه على مدن وحكايات متجددة يقول: «أمضيت معظم طفولتي في الخارج. فكم هو ممتع أن أتعلم وأرى العادات والثقافات في دول مختلفة. كنت لا أكتبها بالقلم، بل أسطرها بمعانٍ موسيقية، لأن الموسيقى لغة يفهمها الجميع حين أعزف مقطوعاتي، فهي حكاية قصصي وأسفاري حول العالم». وعن أكثر الأمور التي يؤديها بحماس يقول: «أقدم معزوفاتي في المستشفيات بصحبة جزء من الأوركسترا لإسعاد المرضى وهو أمر لا أستطيع أن أصفه حين أرى الابتسامة على شفاههم». ويوضح حمد بالقول: «استطعت أن أقدم مؤلفاتي مع أوركسترا عالمية في دول عدة. منها بيلاروسيا وإيطاليا. أستمتع جداً حين يكون هناك تحد خصوصاً عندما نقارن بين الخارج والداخل. بل أثبتنا أن الشاب الإماراتي موهوب وقادر على أن يؤلف موسيقى ويعزف مع أوركسترا عالمية.. والآخرون حين يستمعون لمؤلفاتنا وعزفنا الموسيقي يشعرون بالسعادة، لأننا في وطن السعادة وتربينا عليها، والفضل يعود إلى قيادتنا الرشيدة، إذ تدعم جميع المواهب الشابة في هذا المجال». حمد المنصوري: نجتهد لإعادة إنتاج الموسيقى الإماراتية في قوالب جديدة نشأ حمد المنصوري (عازف عود) في أسرة تقدر الفن، كما وجد تشجيعاً كبيراً ممن حوله مما حفزه لمواصلة العزف على آلة العود بإحساس عالٍ بالأوتار وتقاسيمها إذ بدأت علاقته معها منذ بواكير صباه، فقد بدأ العزف عليها منذ سن السادسة عشرة، والتحق بعد ذلك بـ(بيت العود، أبوظبي) لصقل موهبته وتطويرها أكاديمياً، والتعرف إلى المدارس المختلفة للموسيقى، مؤكداً بالقول: «أتذكر في بداياتي تأثرت كثيراً بتجربة الفنان الإماراتي الكبير عباد الجوهر، حيث كنت أتابعه بكثافة، وبدأت أعزف له معزوفتي «بيان الشوق» و«قالوا ترى» وكنت أفعل ذلك لساعات يومية قد تمتد إلى سبع أو أكثر حتى تمكنت منهما». ويرى حمد أن الموسيقى الإماراتية في حاجة لمن يعيد إنتاجها بقوالب جميلة وهم وأبناء جيله في سعي دؤوب لتحقيق ذلك مشيراً إلى أن القالب السماعي من أصعب القوالب، لأن إيقاعه عميق ومعقد». وعلى صعيد مشاركاته يذكر «قمت بمشاركات محلية عدة، ومن ثم شاركت في مهرجانات عدة مثل: «ووماد أبوظبي»، إضافة إلى مشاركات عالمية في بريطانيا مع الأوركسترا الإماراتية».