يملك روجا دوف Roja Dove أبرع حاسة شم في العالم على الإطلاق. إذ في إمكانه التمييز بين المئات والمئات من الروائح المختلفة وهو معصوب العينين. وهو أيضا يؤمن أن هناك عبير في العالم مناسب لكل فرد، وأنه عندما تجد الرائحة المناسبة لك أنت بالذات، فإنها قادرة على تغيير حياتك. قابلناه بمناسبة طرح عطره الجديد Elysium حيث شاركنا في مصادر إلهامه ومعالم رحلته المدهشة في عالم العطور. كيف بدأ إهتمامك بالعطور؟ كنت طالبا أدرس بجامعة كامبريدج، عندما منحت فرصة العمل لدى دار فرنسية شهيرة للعطور. كنت قد نشأت محبا للعطور إلى درجة الهوس ولذلك ففي سن ال21 تركت دراستي مبكرا لأحاول تحقيق أحلامي وسرعان ما ألقتني الأقدار في أحضان عالم قدر لي ألا أتركه أبدا. قاموا بتدريبي تدريبا مكثفا، حيث تعلمت أساسيات المعلومات الخاصة للمواد الخام، وكلفت بالمساعدة على إعداد دورات تدريبية. وإنتهى بي المطاف موظفا بالشركة لمدة 20 عاما. وبعد تركي لها بمدة قصيرة طلب مني عمل عطر من أجل مزاد. كنت أملك فكرة أنه ربما تمكنت من إقناع دار شهيرة مثل بكارا بصناعة الزجاجة من أجلي، وقد وافقوا فعلا على إعادة نفخ زجاجة كان قد تم عرضها لأول مرة في مهرجان فنون الديكور سنة 1925. وعرضت الزجاجة في المزاد وتم بيعها بمبلغ أكبر من ثمن السيارة المرسيدس الرياضية الجديدة ورحلة أجازة لست أشخاص في جزر المالديف. وهكذا بدأت العمل في إنتاج عطور تتم صناعتها خصيصا بالطلب. ما هو أول العطور التي حركت مشاعرك؟ أول رائحة حملتها ذاكرتي كانت لعطر L’Aimant من إنتاج Coty. كانت أمي دائمة إستعماله. وبدون هذا العطر ما كنت لأحيا الحياة التي توجهت إليها. وهذا الكلام ربما كان يوحي بالمبالغة ولكنه حقيقي. وقعت في حب هذ العطر عندما إستنشقته على والدتي ذات مساء وهي تستعد للخروج إلى حفل كوكتيل وكانت ترتدي ثوبا ذهبي اللون. وإنعكس الضوء القادم من الردهة عليها فأضاءها من الخلف، محولا إياها إلى شكل ملائكي قادم من السماء. وهي صورة ستظل باقية في مخيلتي إلى الأبد. وعمل مزيج الرائحة التي إنبعثت من البودرة على وجهها ومن عطرها وملأت الغرفة عندما قبلتي قبلة المساء، على حفر بداية الطريق لحبي للعطور. ولاء إلى الشرق ما هي القصة وراء عطر Elysium؟ أثارت فكرة الجنة إنبهار الناس من بداية التاريخ. وواحدة من الأسماء التي أطلقت على الجنة كان “إليسيوم”- وهو مكان الأبطال. الجنة تحمل العديد من المعاني المختلفة بالنسبة لمختلف الناس. والرائحة عند بعض الناس هي واحدة من الأشياء التي تساعدهم على التحليق للوصول إلى جنتهم الخاصة. وهذا من الأشياء التي كنت أرددها على مسار تاريخي المهني، أن الرائحة تملك القدرة على نقلنا من مكان لآخر. وهذا الإبتكار يحملك إلى جنتك الخاصة أي الإليسيوم الخاص بك وحدك. فهو عطر خلق من أجل رجل لا يمكنك رفع نظرك عنه. وكأن هناك ضوء يشد بصرك في إتجاهه. والفكرة تتلخص في أن المستعمل للعطر يصبح كالضوء في الغرفة الذي يجذب أنظار الجميع نحوه. الرجل الذي كان في مخيلتي وأنا أصمم هذا العطر يحمل فضائل البطولة، وإذا فكرت فيما هي الصفات التي تتمنين وجودها في الرجل فواحدة منها هي القوة، فقد كنت أقول دائما أنه لا أحد يجذبه الرجل الضعيف. والعفاف من علامات القوة الداخلية الكبيرة جدا للإنسان. وبذلك المزيج نأمل أن يكون الرجل هو بطلنا. لقد قمت بتقديم عدد من العطور للشرق الأوسط خصيصا. فما الذي أوحى لك بفعل ذلك؟ منذ عدة سنوات سعدت بالعمل لمدة 6 شهور من السنة في الشرق الأوسط، وإستمر ذلك لمدة 3 سنوات. وخلال هذه الفترة كان لي الشرف أن أتعرف بشكل شخصي على الدور المهم والثري الذي تلعبه العطور في التقاليد والثقافة. ومن ذلك الوقت وأنا أعمل كل ما في قدرتي للتعبير عن حبي لأناس يقدرون قوة العطر كما لم يفعل أحد من قبل. لقد أصبحت مشهورا جدا بالعطور التي برائحة العود. وتجاوب العالم بشكل إيجابي جدا لطريقة إستعمالي لهذا المكون، حيث كت حريصا جدا على إعطاء هذه المادة الرائعة حقها بأسلوب كلاسيكي. وأشعر بالثناء والفخر عندما يقول لي زبائني من الشرق الأوسط "كيف عرفت رائحة عطورنا؟” وبفضل علاقتي المتينة بالشرق الأوسط والولاء االذي يغمرني من قبل ناسه، قررت أن أبتكر مجموعة خاصة بالخليج، كل عطر منها يعبر عن فردية كل دولة فيه. هناك توجه حالي وتركيز على الجمال المتعلق بالقواعد والعوامل الأخلاقية. فما أهمية ذلك في إعتقادك في مجال العطور؟ وهل تأخذ في الإعتبار مصادر مبتكراتك؟ أؤمن بأن أسلوب تناول الطعام النقي النظيف من التصنيع والكيماويات إمتد ليس فقط إلى كل ما يدخل إلى أجسامنا ولكن إلى ما نضعه عليها أيضا. ولهذا فمن الجميل أن نرى من قبل المتسوقين إهتماما ملحوظا ووعيا متزايدا بمصادر منتجاتهم التجميلية. وما لا يدركه الكثيرون أن العطور هي واحدة من أكثر الصناعات خضوعا لأحكام التنظيم في العالم. فكل شيء يتم خلقه يخضع لقواعد الهيئات الحكومية التي تصدرها ويراقب بشكل محكم من قبلها. وهو شيء عظيم لأنه يضمن أن كل شيء نراه على أرفف المحلات لا يوجد ما يستوجب الشعور بالسوء تجاهه. فبالنسبة للمكونات، فإن معظمها يأتي من مصادر الأرض الطبيعية كالأخشاب والزهور. وما كان يأتي سابقا من الحيوانات كالمسك إستبدالها بمواد صناعية ناهيك عن العنبر الرمادي. أدق أنف في العالم وصفت بأنك تملك واحدة من أفضل وأدق الأنوف حساسية في الشم وهي بلا شك هبة مفيدة جدا في صناعة العطور. ولكن هل تسبب لك مشاكل أو صعوبات في حياتك اليومية؟ لا يمكنني القول أنه في وقت ما أدركت أن حاسة الشم لدي كانت مختلفة عن باقي الناس لأنه بالطبع لم يكن لدي شيء أقارنه بهم. ولكن جاء وقت أصبح من الواضح فيه أنني أملك حاسة شم ذات كفاءة عالية، وذلك عندما ذهبت إلى جنوب فرنسا وبدأت العمل مع المواد الخام. وكنت غالبا ما أقارنها بموهبة الموسيقي أو الرياضي: فالموهبة الخام موجودة ولكن الشغف المتواصل لتدريب الفرد على فنه هي التي تسمح له بأن يصبح ماهرا في ممارسته. فكيفية تدريب الأنف هي ما تجعل حاسة الشم أكثر دقة. وأستطيع أن أقول أنه لا يمكنني التنقل بقطار الأنفاق في لندن لأن الروائح به فوق إحتمالي. وفي إحدى المرات إضطررت للأسف أن أسأل المسؤولة عن المضيفات في الطائرة التي كنت أسافر على متنها أن تطلب من المضيفة التي كانت تتولى خدمتي، بأن تتوقف عن الإقتراب مني لأنها كانت تضع كمية فظيعة من العطور إلى حد عجزت معه عن التنفس كلما مرت بجواري. ما هي الأماكن المثالية في الجسد لوضع العطر؟ وهل هناك مواضع يجب تحاشيها؟ وضع العطر هو عمل فني. وأقول لمن يضعونه خلف الأذن أن هذا خطأ فظيع. فما تفرزه الغدد في هذا المكان سيتداخل مع العطر ويجعل رائحته تختلف. ضعيه بدلا من ذلك على رسغيك والكوعين وفوق عظام أعلى الصدر. ورش العطر بين الثديين فكرة سيئة. فهو يحتوي على الكحول الذي سيجعل الجلد يتهدل مع طول الإستعمال، كما أن وضع العطر والخروج في الشمس يغير لون الجلد. والأفضل إستخدام كريم أو لوسيون يحتوي على نفس رائحة العطر الذي تفضلينه لأن ذلك يجعل الرائحة تدوم طويلا. ضعي العطر أولا ثم إتبعيه بكريم من نفس رائحته. وهذا لن يجعل الرائحة تدوم طويلا فقط ولكن الكحول الموجود في العطر لن يؤثر سلبا على الكريم وبذلك يستمر الترطيب فعالا لمدة أطول.