تعتبر مدينة البندقية منذ العصور الوسطى عاصمة العطور الأوروبية، وذلك بفضل علاقاتها التجارية القوية وبفضل التجار الذين سافروا إلى الشرق لجلب التوابل والأخشاب والمنتجات الأخرى النادرة التي كانت وراء استلهام صناعة العطور. أصبحت Venice مهمة جدا في تحضيرات مزيج العطور إلى حد أنه تم طبع وثيقة سنة 1555، ضمت أكثر من 300 تركيبة للعطور. ويستمر عالم العطور المدهش القديم هذا حياً إلى اليوم في صورة شركة The Merchant of Venice وهي بيت للعطور يجلب تراث البندقية الثري إلى عالم محب العطور العصري. وبمناسبة إطلاق عطور هذه العلامة التجارية حصرياً في محلات باريس غاليري بدبي، قابلنا Marco Vidal، المدير الإداري للشركة وتحدثنا معه حول التاريخ المذهل والمبتكرات العصرية التي جعلت من "تاجر البندقية" ماركة تتميز بالفرادة التي لا مثيل لها.   كيف كانت بداية هذه المجموعات العطرية؟ بدأنا هذا المشروع بمساعدة جامعة البندقية من منطلق مفهوم ثقافي، عندما اكتشفنا منذ أربع سنوات أهمية صناعة العطور الفينيسية. قدمنا إلى المدينة فرصة المشاركة في افتتاح متحف جديد. وهو أول متحف للعطور في إيطاليا. قررنا أن نفتتحه في قصر Mocenigo الجميل في Venice. وفي نفس الوقت قررنا استغلال تراث العطور الفينيسي بطريقة إيجابية فإبتكرنا The Merchant of Venice. ومن منطلق التوجه إلى توفير العطور الراقية والخاصة جدا، طورنا خط إنتاج للعطور التي لا يدخل في تركيبتها إلا أرقى أنواع المكونات التي تمثل قيم منطقتنا. والفكرة الأولى تمحورت حول الإرتباط بتاريخ المدينة، وثانياً استخدام زجاج المورانو كعنصر أساسي للمجموعة، والفكرة الثالثة كانت تمثيل العلاقة بين البندقية والشرق والطرق التجارية القديمة. ولهذا جئنا بمفهوم التاجر المسافر. وفي الواقع، فإن صناعة العطور تطورت عندما امتص أهل المدينة ثقافة الإمبراطورية البيزنطية وتراثهم الثقافي حول العطور على مدى ألف عام مضت. كانت توجد أميرة اسمها تيودورا دوكاس، كانت ابنة إمبراطور بيزنطي، وتزوجت من ملك البندقية. هذه الأميرة جلبت تراث صناعة العطور إلى إيطاليا التي لم تكن معروفة آنذاك في أوروبا.   ما هي الصفات الرئيسية التي تميز العطور الفينسية عن الأنواع الأخرى حول العالم، وعلى سبيل المثال العطور الفرنسية؟ إنها العطور الأولى في أوروبا التي تشربت ثقافة العطور القادمة من الشرق كالعالم العربي واليونان ومصر. وكان أهل Venice هم أول من عرف وفهم وتعلم هذه الثقافة ثم طوروها. وعلى سبيل المثال فإن أهل Venice كانوا أول من استخدم على مدى التاريخ الكحول في صناعة العطور، وكان ذلك إكتشافا ثوريا. فالكحول يغير تماما إقتصاد صناعة العطور حيث يمكن عن طريق استخدامه تخفيف الزيوت الأساسية وبالتالي صناعة كميات أكبر من العطر. كما أن الكحول يحفظ الزيت مما يسمح باستخدامه لمدة أطول.   عندما تأسست الشركة هل بدأت بإنتاج عطور موجودة بالفعل في التراث؟ أم ابتكرت خطا كاملا جديدا تماما؟ كانت العطور التي ابتكرناها متصلة بالماضي ولكن بلمسة عصرية. سمي الخط الأول Murano Collection وكانت طرق التجارة القديمة هي مصدر الإلهام الرئيسي لها. وإذا نظرت مثلا إلى التغليف ستجدين بداخله خريطة تظهر الطريق التجاري الذي استلهمنا منه العطر. ولكن في نفس الوقت كان كل ما فعلناه هو تقديم قائمة لصناع العطور الأساسيين، بالمواد الخام التي كانت متوفرة في الدول التي تقع على طريق التجارة، وطلبنا منهم ابتكار عطر عصري منها يكون على درجة راقية جدا. وعطر "بيزنطين سافرون" مثلا إستلهم من الطريق التجاري من فينيسيا إلى القسطنطينية، وفي باقة العطر ستجدين المواد الخام الأساسية في هذا الزمن مثل الزعفران الأحمر اليوناني والباتشولي. هذا العنصر التاريخي المدهش والقصص وراء كل عطر تضيف قيمة لزبائننا وللعطر الذي يشترونه. وسنقوم قريبا بإصدار كتاب حول تاريخ صناعة العطور الفينيسية لنشارك هذا العالم المثير للإهتمام مع قطاع أوسع من الناس.     وماذا عن زجاج المورانو؟ لماذا يعتبر متميزا وكيف تستخدمه؟ يصنع زجاج المورانو على جزيرة مورانو الفينيسية والتي على مدى مئات السنين تخصصت في صناعة الزجاج الفريدة. وفي هذه الحالة نستخدم تقنية تسمى سابليميشان وتعني أن اللون وتصميم الزجاجة مغموس ومتداخل بشكل كامل داخل الزجاج وهو ما زال ساخنا، أي أنه ليس مطبوعا عليه من الخارج. ولدينا أيضا مجموعة زجاجات مورانو مصنوعة يدوياَ وهي حصرية وغالية الثمن يتراوح سعرها ما بين 1000 و3000 يورو. ونبيعها في هارودز ونفكر أيضاً في طرحها في هذه المنطقة.     هل لديكم مبتكرات تم استلهامها من مجموعات موجودة في متحف العطور؟ نقوم ببيع عطورنا داخل المتحف. ولكن ارتباطنا الرئيسي به هو المعمل المزود بكل الأجهزة اللازمة والموجود بداخله. فهناك نقوم بتطوير مبتكرات كثيرة، ونعقد ورش عمل ونستضيف مشاهير صناع العطور حول العالم. وخلال العام الماضي إستضفنا أيضا دورة دراسية لـ ISIPCA وهي أهم مدرسة لصناع العطور في العالم.     زادت بكثرة خلال السنوات الماضية العطور الراقية والفريدة من نوعها وتمت العودة إلى صناعة العطور الثمينة التي تنتج بالطلب. فهل تعتقد أن ما حدث كان دافعا لظهور ماركات العطور الثمينة مثل ماركتك تحت مركز الأضواء؟ أعتقد ذلك. وأعتقد أيضا أن إنتاج العطور الثمينة هو الوسيلة لاسترجاع العطور لمنزلتها واحترامها. ففي مجال العطور التجارية تجدين أن أهم شيء هو الماركة والدعاية والتسويق وشكل الزجاجة وليس العطور نفسها حيث يأتي الإهتمام بها في أسفل القائمة. ويحدث العكس في مجال صناعة العطور الثمينة الخاصة. كما أن العطور الثمينة الفاخرة تسمح للمستهلكين بشراء منتج مختلف وفريد من نوعه، مما يتيح لهم فرصة التعبير عن أنفسهم بشكل مختلف وبطريقة أكثر فردية. وقد ابتكرنا في أوروبا بوتيكا خاصا يأخذ زبائننا إلى داخل هذا العالم الفريد. ونحن موجودين في جميع المحلات الهامة مثل هارودز وغاليري لافاييت وريناشينتي حيث لدينا زوايا تتميز بالخصوصية.     أصبحت فينسيا في العصر الحديث تتصف أكثر وأكثر بالموسمية. فهل يتسبب لك ذلك في وجود أي نوع من التحديات؟ تعتبر فينيسيا واحدة من أهم المدن السياحية في العالم. ويأتي إلينا أكثر من 30 مليون سائحا في السنة، قادمين من كل أنحاء العالم. فهو تاجر لا يأتي فقط من فينسيا وإنما يسافر حول العالم لشراء أشياء يعود بها إلى المدينة. نحتفل بزمن كانت فيه فينيسيا عاصمة التجارة في العالم. وقمنا أيضا بتطوير مشاريع آخذين في الحسبان أماكن محددة لها علاقة بفينيسيا. ففي العام المقبل مثلا، سنقوم بإنتاج خط له علاقة بالشرق الأقصى ورحلات ماركو بولو.     عندما يتعلق الأمر بالعطور، فإن الزبائن بالشرق الأوسط يتمتعون بذوق رفيع ووعي بقيمة المواد الخام. فما الذي تقدمه الشركة لمحبي العطور العرب من صفات في عطورها تجعلها تتميز عن العطور التقليدية الكثيرة المتوفرة بالفعل في المنطقة؟ لدينا ما يقارب من 70 عطرا مختلفا. ونملك بعض المجموعات التي ننتجها خصيصا لبعض المناطق، فمثلا تعاونا من أجل مستهلكي الشرق الأوسط مع قسم العطور في هارودز في لندن لإنتاج مجموعة Murano Exclusive إعتمادا على ما يناسب ذوق الطبقة المرفهة العربية. وهذا العطر يحتوي على زيوت بنسبة تركيز عالية وبعض أكثر المواد الخام الأغلى المتوفرة في العالم.   هل سيتم طرح أي منتجات أخرى بشكل حصري في الشرق الأوسط؟ سنطرح في الشرق الأوسط خلال العام القادم، مجوهرات مورانو مصنوعة يدويا وتحتوي على زيوت عطور نقية مركزة. سيتم إستلهام المجوهرات من عصر النهضة حينما كانت النساء يرتدين مجوهرات معطرة، ولكن ستكون تصاميمها عصرية. ستتميز بالخطوط النظيفة الراقية وستكون سهلة الإرتداء. إنها ولا شك شيء جديد تماما ومختلف.