من المستغرب بل ومن المنتقد أن نرى فتاة في العالم العربي تقود الدراجة الهوائية في الشارع، ولكن في السنتين الأخيرتين بدأت الفتيات تبادرن للنزول في حملات تبدأ وتنتهي في اليوم نفسه، ولا تتحول إلى ممارسة عادية ومقبولة، بل تظل توصف بأنها مباردة احتجاج أو إثبات حضور. أمس قامت فتيات عراقيات بركوب الدراجة والنزول إلى الشوارع والأزقة في العاصمة المزدحمة، في محاولة لكسر بعض التقاليد الذكورية، ولفت الانتباه إلى حقوق المرأة في مجتمع يوصف اليوم بأنه "متشدد" بعد أن كان طلائعيا ونهضوياً في حقوق المرأة في القرن العشرين. المبادرة حملت اسم "أنا المجتمع" وقامت بالدعوة إليها الفنانة العراقية مارينا جابر. مثل هذه المبادرة أطلقت في بلاد عربية مختلفة مؤخراً من بينها الإمارات ومصر ولبنان والمغرب ولكنها ظلت مبادرة صغيرة وضيقة وخجولة وانتهت في اليوم نفسه، لذلك فهي في الحقيقة بلا أثر أو قيمة إن لم تصبح يوماً في الأسبوع مثلاً وتجبر المجتمع أن يعتاد على ركوب المرأة للدراجة والتنقل بها بحرية وأمان. اللافت أن ركوب الدراجة ليس أكثر من وسيلة للتنقل والمرح والتمتع بصحة جيدة، رغم ذلك ينظر إليه في المجتمعات المتشددة بأنه تمرد معيب بالنسبة إلى الفتاة، ولا يميل الرجال إلى استخدامه إلى في حالات نادرة وضمن طبقة معينة كنوع من الهواية آخر الأسبوع. المفارقة أن مقارنة صغيرة بين المجتمعات المتطورة في الشمال الأوروبي وعلاقتها الأساسية بالدراجة الهوائية يجعلنا ننتبه إلى ما توفره من ممارسة صحية وعلاقة مع الطبيعة وتوفير في الوقود وحماية من التلوث ورياضة يومية، لكننا لا نرى كل هذا .. كل ما نراه أن فتاة تتجرأ على ركوب دراجة في وضح النهار وتتنقل بها.. فهل لديك تفسير منطقي لهذا؟