تغير المشهد كثيراً منذ 45 عاماً، تغيرت العمارة والتضاريس، لكن الذكريات تبقى محفوظة بحرص في الصور وفي حكايات الناس، من يتأمل هذه الصور سيذهل من حجم التغيير، يبدو الأمر كما لو أن ساحراً أمسك التراب فجعله ذهباً. تغيرت الأمارات، أصبحت أسطورة شقّت قلب الصحراء، لكن أهلها ما زالت قلوبهم مجتمعة على المحبة والضيافة وإكرام الغريب ونجدة المظلوم والتسامح مع المخطئ والتغلب على الصعاب وتذليل التحديات، تغيرت البلاد قفزت إلى العالم الأول، متجاوزة ما يحيط بها، سابقة الجميع تقلت نفسها إلى العالم الأول. الإمارات تحتفل اليوم بالعيد الوطني الـ 45، أصبحت من أثرى وأجمل وأذكى البلاد على مستوى العالم، مختبر التكنولوجيا وتعدد الهويات والتسامح بين الأديان والتعايش بين الجنسيات والأعراق المختلفة. من قصر الحصن بدأت الحكاية، حيث كانت تقيم قيادات البلاد في ذلك الوقت من آل نهيان، ومكثوا في هذا القصر التقليدي الإماراتي من 1795 وحتى 1966، وقد بني أصلاً ليكون برج مراقبة لمواضع المياه في أبو ظبي بين عامي 1760 و1762. لكن الغرف أصبحت تضاف إلى القصر وحضر أهله وأقاموا فيه وبدأت تغزل حكاية البلاد الصحراوية التي ستتحول إلى جنة في الماء والخضرة والعمارة والتقدّم. ومنذ أن بدأت القصة، فتحت الإمارات حضنها وأخذت الكثيرين فيه، أبناء البلد الذين حرصوا على العلم في أفضل جامعات العالم، وعادوا ليعمروا بلادهم بالمعرفة والمشاريع والطموحات. وغرباء لم يشعروا أنهم غرباء منذ وطئت قدمهم ترابها، عاشوا فيها هم وأبناؤهم وعائلاتهم وأصدقائهم وأصبحت الإمارات لملايين من تغرّبوا إليها من كل بقاع الأرض وطناً. هكذا بدأت الإمارات وهكذا أصبحت، لكن قلوب أهلها ما زالت كما هي، وما زالت مثلما بدأت موطناً لكل من يعطيها بصدق.