يتميّز «جامع بَنِي هاشم» في أبوظبي، بتصميمه الذي يُحاكي تصميم مسجد قبّة الصخرة في القدس الشريف، والذي يُعتبر أثراً فريداً في تاريخ العمارة الإسلامية. هذا الاستحضار المعماري يجعل الفؤاد يُرخي عنانه في خُشوع لا مثيل له، لينساب في تيّار من المشاعر الإيمانية المرهفة.     تم افتتاح جامع بَنِي هاشم في أبوظبي عام 2010، وهو نسخة طبق الأصل من مسجد قبة الصخرة الذي يقع في حرم «المسجد الأقصى» في القدس. ويعود تاريخ تشييد مسجد قبة الصخرة إلى أواخر القرن السابع الهجري في عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، وسُمِّي مسجد قبّة الصخرة بهذا الاسم نسبةً إلى الصخرة المُشرَّفة التي عَرَج منها النبي، صلَّى الله عليه وسلَّم، في رحلة الإسراء والمعراج. ومسجد قبة الصخرة، في هندسته وزخارفه، كان ولا يزال من أجمل المباني التي أتحف بها المعماري المسلم العالم. يقع «جامع بني هاشم» في منطقة بين الجسرين، وهو يتخذ مبنى الجامع شكلاً مُضلَّعاً مُثَمَّن الزوايا. أما بالنسبة إلى التكسية الخارجية للمبنى، فإنّ الرخام المعرَّق ذا اللونين الأبيض والرَّمادي، يكسو كل واجهة من واجهات المثمَّن حتى منتصف الارتفاع، في حين يكتسي النصف العلوي من الواجهات بوحدات متفاوتة الأحجام من فسيفساء ذات زخارف نباتية وهندسية بديعة تغلب عليها درجات اللون الأزرق، يتوجها شريط من الآيات القرآنية بالخط الكوفي، وتتخلل كل واجهة من الواجهات الثماني، سبعة شبابيك تُسلّم جميعها إلى القاعة الرئيسية للصلاة. وتتوسط سقف المبنى قبّة ذهبية تامة الاستدارة، وهي ذات رَوْنَق أخّاذ ينسجم مع الأزرق والأبيض. وإلى جوار مبنى الجامع، تنتصب مئذنة وحيدة متوسطة الارتفاع، تتألف مِن بَدَن مُثمَّن يرتكز إلى قاعدة مُربّعة، وتتخلل جذع المئذنة شرفتان، وتعلوها قلنسوة مستديرة ذهبية اللون تتماشى مع تكوين القبّة. تتسع القاعة الرئيسية للصلاة في «جامع بني هاشم» لألف ومئتي مُصلٍّ، وهي تتميّز بالرَّحابة والاتّساع، إذ لا يتخللها سوى أربعة أعمدة من الرخام الأبيض، تعلوها تيجان ذات نقوش بارزة مُذَهَّبة، والأعمدة تحمل الشدادات التي ترتفع فوقها قبة الجامع، وذلك عبر رقبة ثُمانية الأضلاع تعلوها أخرى مستديرة بها ستة عشر شبّاكاً، تسلم إلى تجويف القبة المكسو بالكامل بأشكال زخرفية بديعة قوامها فروع نباتية بألوان متجانسة يغلب عليها الأخضر والأزرق والذهبي. أما جدران القاعة فهي تمثل وحدة فنية منسجمة مع التكوين الجمالي الخارجي والداخلي للمكان، ومن ذلك اعتماد أسلوب التكسية النصفية باستخدام الرخام الأبيض، والزخارف المذهَّبة البارزة التي تُزيّن حلية أقواس النوافذ. يتجلَّى هذا الانسجام أيضاً في جدار القبلة الذي يضم كلاً من المنبر المذهَّب والمحراب المرتفع عن مستوى الأرض، وتُحيط بهما أشرطة مُزيَّنة تتميّز بجَمالها وغِناها الزخرفي.