يتميّز «مسجد السَّلام» الذي يقع في منطقة البَرْشاء الثانية في دبي، بتصميمه الفريد الذي تسوده روح التراث المعماري، مع لمحات من المعمار العثماني والأندلسي والفاطمي والمغربي، بحيث يبدو بمثابة أيقونة معماريّة جامعة لكثير من طُرز المعمار الإسلامي المعروفة.     وتتأكد الهوية المعمارية لـ«مسجد السلام»، بفضل تصميمه الجامع لأكثر من طراز معماري إسلامي، فالمسجد الذي تم بناؤه على نفقة معالي الفريق ضاحي خلفان تميم، نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي، يتميّز بتعدُّدية معمارية بديعة، حيث ينسجم التصميم الخارجي للمسجد في مُجْمَله مع توجُّهات العمارة الإسلامية المحلية، بما في ذلك رصانة المبنَى ومَتانة تأسيسه، والحفاظ على الوحدة الفنية في البناء. ويتخذ «مسجد السَّلام» مُخطَّط الهرَم المتدرِّج الذي يُضفي على المبنَى شكلاً مُتميّزاً من الداخل والخارج. كما تظهر في التصميم الخارجي للمسجد لمحات من الطراز المعماري العثماني، مُتمثلةً في عدد قبابه الذي يبلغ 23 قبُة تتفاوت في أحجامها بين الصغيرة والمتوسطة، وقبة رئيسية كبيرة، جميعها مُزيَّنة بأشكال هندسية مُضلَّعة يتصل بعضها ببعض. ولـ«مسجد السلام» مئذنتان يفوق ارتفاع كل منهما 43 متراً، وتستحضر المئذنتان الطابع المعماري الفاطمي، الذي تميّزت مآذنه بأنها ذات قوام رشيق وشُرفات مُتعدّدة ورأس دقيق مخروطي. في حين يتجلَّى الطراز الأندلسي في الأقواس الخارجية والداخلية، التي تُكوّن لوحة معمارية خلّابة، لاسيّما عند المداخل الرئيسية للمسجد.     وتتسع القاعة الرئيسية للصلاة في مسجد السلام لـ900 مُصَلٍّ، إلى جانب صالة ثانوية تتسع لـ400 مُصَلٍّ، مع وجود مُصلَّى للنساء بسعة 200 مُصلّية، ومجلس رمضاني كبير مُلْحَق بالمسجد. وعند الدخول إلى القاعة الرئيسية، تبدو المنحنيات التي تسقف القاعة عنصراً جماليّاً مُسيطراً يفرض نفسه على المشهد، وتُعتبر علامة فارقة ومُميّزة له. تستمد تلك المنحنيات خصائصها الجمالية من عناصر عديدة، تشمل ضخامتها وتوازنها وتكرارها لملء فراغ السقف، إلى جانب زخارفها المغربية ذات الأشكال الهندسية البسيطة، كالدوائر والمعينات التي يتصل بعضها ببعض، وهي تتراص في تشكيل شبكي مُذهَّب متداخل بالغ الدقة والإتقان، يزين سقف القاعة الرئيسية للصلاة بالكامل، ويُعتبر رسم المضلعات والأشكال الهندسية القائمة على الخطوط المتشابكة ذات الزوايا المتعددة، إحدى السمات التي يتميز بها الفن العربي الإسلامي.     محراب «مسجد السَّلام» هو بمثابة عمل فنّي رائع، حيث يتخذ تجويف المحراب المذهب شكل القوس ويتميّز برحابته واتساعه. أما الواجهة المحيطة بالمحراب فهي مكسوة من أسفلها إلى أعلاها بزخارف متقنة، ويُظلّلها قوس ضخم تُزيّنه مقرنصات بديعة. يتكامل الحضور الأندلسي في معمار «مسجد السَّلام»، من خلال النوافذ بالغة الضخامة، والارتفاع التي تتخلل جدران المسجد، وهي ذات أحجام متدرجة تتماشى مع المنسوب المتدرّج لسقف البناء، وتتخذ النوافذ تكويناً طولياً تعلوه أقواس مُدبَّبة، والنوافذ مكسوّة بألواح من الزجاج الملوَّن، تؤطرها أشرطة مزدانة بزخارف هندسية ملونة. في حين تم توظيف فنّ الخط العربي في أماكن عديدة، في كتابة آيات قرآنية يغلب عليها خط النَّسخ، لتضيف بدورها بُعداً جَماليّاً للقاعة.