تعمل 350 امرأة في العاصمة البنغلاديشية داكار، في أحد مصانع قدور قدور الألمنيوم. يذهبن كل يوم في الصباح الباكر إلى المصنع، معظمهن أمهات اضطررن للعمل لتحسين ظروف العائلة أو لأن الزوج عاطل عن العمل أو لأنهن مطلقات أو أرامل أو فتيات وحيدات بلا معيل ولا فرص عمل أفضل من هذه.   رغم ذلك يتجاذبن أطراف الحديث في طريقهن إلى المصنع ويتحدثن بسعادة وأمل عن مستقبل أبنائهن، وربما يحلمن البحث عن فرص عمل في دول الخليج أو لبنان أو الأردن، حيث هناك نسبة كبيرة من العاملات في البيوت من بنغلادش في هذه البلاد. في المصنع في داكار، تتقاضى كل واحدة منهن 20 دولاراً في الأسبوع، ويعملن ستة أيام ويحصلن على يوم واحد إجازة. أما ساعات العمل فتتجاوز الثماني ساعات وقد تصل إلى 10 بحسب حاجة العمل. كما أنهن لا يحصلن على أي نوع من الضمان الصحي او الاجتماعي من العمل. رغم أنهن معرضات لسوء صحتهن بسبب ظروف العمل في صناعات قد تضر بالجهاز التنفسي أو تتطلب الوقوف ساعات طويلة أمام آلات الصناعة أو لترتيب القدور والأواني في صفوف. رغم كل هذه الظروف، تبحث هؤلاء النساء عن أسباب الفرح، فتجدهن في الصباح الباكر يخبزن أنواعا من الحلوى لأبنائهن قبل الخروج، وقد استيقظن في الفجر لصنعها باكراً ثم التوجه إلى العمل. في بلد مثل لبنان، تأتي عاملات من بنغلادش للعمل في شتى أصناف أعمال التدبير المنزلي، تتقاضى الواحدة منهن 300 دولار تقريباً في الشهر، وهو أفضل بكثير من 80 دولاراً في الشهر مقابل العمل في مصنع مثل مصنع القدور هذا. لكن الحياة في بيروت أغلى بكثير من داكار، لذلك تجد من 5 إلى 10 نساء بنغاليات يعشن في شقة صغيرة ليتقاسمن أجرتها ومصاريف الطعام والكهرباء والماء.. إلخ كما أنهن يعملن أكثر من عمل في اليوم، فبعد أن تنهي العمل الأساسي الذي حصلت على العقد من خلاله، تستأذن في العمل في بيوت أخرى أو مدارس أو فنادق، وقد تقبل كفيلتها أو كفيلها وقد لا تقبل أو يقبل. لكن هذا العمل الإضافي يعني ساعات عمل تتجاوز العشر ساعات يومياً، ويعني التعرض لمشاكل كثيرة من بينها الأمراض والتحرش الجنسي والاستغلال والضرب والعنف اللفظي مثلاً. فوق كل هذا، عليهن في الغربة أن يرسلن على الأقل ثلاثة أرباع راتبهن إلى العائلة في بنغلادش لبناء بيت صغير وتأثيثه وتأمين مستقبل الأولاد، بينما الزوج قد يتخلّى عنها كزوجة وهي في الغربة، ويتزوج من أخرى بينما هي تصرف على العائلة التي تشمل زوجة زوجها الثانية. هؤلاء النساء هن مثال حي للأمل، فما زلن يحاولن العيش بكرامة وتأمين مستقبل أسرهن.