"بيبي العبد المحسن ترقص بالزنوبة كالغوريلا"، هو عنوان أطلقته إحدى المجلات الفنية لموضوع عرضت من خلاله فيديو لإحدى مشاهير عالم التواصل الاجتماعي "بيبي العبد المحسن"، حيث ظهرت فيه وهي تقلد رقصة "الغوريلا" في أحد الأفلام مرتدية "صندل بو إصبع" والذي يسمى باللهجة المحلية "زنوبة"! الجدير بالذكر أن تفاصيل الموضوع كانت لطيفة وجميلة في حين أن العنوان كان غير لائق، وهذا بالضبط ما رأته "بيبي" وذكرته عبر حسابها في "السناب شات"، والتي بدورها استغربت من ذكر هذا العنوان، في حين أنها تقوم بأمور إنسانية مهمة من واجب الإعلاميين تسليط الضوء عليها بدلاً من الالتفات إلى تفاهات الأمور، كما وضحت، من ضمنها مثلاً، تبنيها لكلبين هما "ايجنت وديانا" كما تطلق عليهما واللذين كانا قد تخلى عنهما أصحابهما، وهذا ما أشارت إليه مرات عدة من خلال حساباتها على مواقع الـ"سوشيال ميديا". مثل هذا الخبر نشر منذ فترة في جريدة محلية تحت عنوان "لماذا نعتت مريم حسين هذا الرجل بالحمار؟"، حيث يظهر في الخبر والذي نشرته المجلة على موقعها فيديو تم أخذه من "سناب" الفنانة يظهرها وهي تطلب من صديقها توجيه تحية لجمهورها، إلا أنه عوضاً عن ذلك أرسل "قبلة" فردت عليه بمزحة قائلة: "يا حمار"! لا عجب في أن كل وسائل الإعلام وبخاصة المقروءة منها تلجأ دائماً إلى اختيار عناوين مثيرة لجذب القارئ، وهذا قد يكون "بروتوكولاً" إعلامياً وتسويقياً معروفاً، إلا أنه من المستغرب من أن يتم استغلال العناوين المثيرة لترويج مادة "تافهة" جداً، لا تثري القارئ في شيء ولا تقدم معلومة مهمة، وهذا ما يشير بالضبط إلى فشل إعلامي ذريع بدأ يصيب منصات الإعلام العربية التي تعتمد بشكل غير طبيعي على مواقع التواصل الاجتماعي وتلهث خلفها دون الاكتراث للمحتوى الذي تقدمه. إن عالم التواصل الاجتماعي لم يعد مبهراً كثيراً، على الرغم من المتابعة الجيدة لهذه المواقع التي كانت تحظى بها لفترة معينة ولكن الضجر أصاب الكثيرين من القراء والمتابعين، كما أنه لا يجب الاعتماد الكلي على بوابات الإعلام الجديد والذي تشكل مواقع التواصل الاجتماعي الجزء الأكبر منه، فمن الطبيعي أن تبني كل مستجدات العصر لتقديم ما يلائم التطور الذي يعيشه القارئ العربي، إلا أنه من المفترض على الإعلاميين أن يملكوا فكراً ورسالة مهنية واجتماعية، يكمن أحد نصوصها في إثراء القارئ بما يفيد وبكل ما هو جديد. كما ان الضمير المهني للاعلامي عليه أن يكون رادعاً أمام نشر مواضيع لمجرد الطمع في عدد القراء أو بالأحرى "فلورز المشاهير". فتبني "بيبي" للكلاب هو جانب إنساني مشرق يجب تسليط الضوء عليه لشخصية هي مثيرة للبعض، وربما تكون قدوة لأحد ما، وبالتأكيد هناك الكثير من المهتمين بتبني الحيوانات. فمنذ سنتين أو أكثر كانت هناك فتاة إماراتية تدعى عفراء الظاهري، كانت قد افتتحت فندقاً لإيواء الكلاب تحت عنوان "9 كلاود"، حيث صرحت الظاهري لوسائل الإعلام حينها، بأنها شرعت في فكرة افتتاح ملجأ لإيواء الحيوانات السائبة وتقديم العلاج إليها، والبحث عن جهة ترعاها، لكن"البلدية" رفضت إعطاءها مزرعة أو قطعة أرض لإقامة الملجأ عليها. ولأنها تحب الحيوانات، قررت افتتاح فندق، بعد أن لاحظت أن عدداً ضخماً من السكان يسافرون إلى الخارج، ويتركون الحيوانات في الشوارع. اليوم لا ذكر لعفراء، ربما لأن الفندق قد أغلق، ولكن حتماً لأن الإعلام انشغل عن الجانب الإنساني للبشر ليتجه لتفاهات الأمور والرقص "بالزنوبة". مالكم إكس "داعية إسلامي ومدافع عن حقوق الإنسان" قال يوماً: "إن وسائل الإعلام هي الكيان الأقوى على وجه الأرض. لديها القدرة على جعل الأبرياء مذنبين وجعل المذنبين أبرياء، وهذه هي القوة، لأنها تتحكم في عقول الجماهير". إذن دعونا نتحكم فيهم بالعلم، فمن غير المعقول أن يمضي حكامنا أعواماً لتبني مشاريع ملهمة وإنشاء وزارات جديدة لأول مرة. فالعالم يهتم بإسعاد الشعب وإثرائه وتطويره، ليأتي الإعلاميون أصحاب السلطة الرابعة ويجروا القارئ لعصر الجهل مرة أخرى. فمن واجب الإعلاميين أن يعوا تماماً الاختلاف ما بين المواضيع المسلية والمواضيع التافهة، فهناك خط رفيع ما بينهما والوقوع في شباك الأخيرة قد يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه.