من منا لم يسمع بشلالات نياغارا الساحرة؟ فهي الأكثر شهرة في العالم. وسبب ذيوع صيتها يكمن في موقعها الجغرافي بين الولايات المتحدة وكندا. فهي موجودة في منطقة «البحيرات الكبرى»، التي تطل ضفافها الشمالية على الأراضي الكندية، وضفافها الجنوبية على شمالي شرقي الولايات المتحدة، في شمالي ولاية نيويورك. وذلك الموقع المميز، يجذب ملايين من السياح لزيارة الشلالات على مدار السنة.   والجديد أن هناك مشروع قيد الدراسة حالياً في الولايات المتحدة الأمريكية، يقضي بتجفيف الجانب الأمريكي من شلالات نياغارا. وولاية نيويورك هي التي تعكف على دراسة مشروع تجفيف الجانب الأمريكي من الشلالات، الذي يدعى «نياغارا»، ويضم شلالين اثنين. أما الجانب الكندي، المؤلف من شلال واحد، فيسمى «شلال حدوة الحصان» بالإنجليزية.Horseshoe fall والشلالات الثلاثة، يغذيها بالماء مصدر واحد، هو نهر نياغارا.   ولكن ما الذي دفع مسؤولو ولاية نيويورك لكي يفكروا في إيقاف تلك «النعمة» السياحية، التي تدر على الولاية أرباحاً كبيرة من خلال استقطاب أعداد كبيرة من السياح؟   في الواقع، سيمثل الـتجفيف، إذا تم إقرار تنفيذه، مجرد حالة مؤقتة. فالهدف من إبعاد المياه الهادرة ينصب على بناء جسرين يعبران فوق الشلالين وصولاً إلى جزيرة صغيرة تقع بينهما، يرتادها آلاف الزوار يومياً، تدعى «جزيرة المعزة» .Goat Island وهناك حالياً جسران يفضيان إلى تلك الجزيرة، لكنهما باتا قديمين، إذ يعود تشييدهما إلى عام 1901. وأجريت ترميمات لهما عام 2004. ولكنها غير كافية. لذا لابد من تبديلهما بجسرين جديدين لتفادي حوادث قد تحصل مستقبلا.   وعند تنفيذ المشروع سيبدو المنظر جافا، لكن الحقيقة أنه لن يكون هناك أي تنشيف فعلي إذ ينصب المشروع على حرف مسار نهر نياغارا بصورة مؤقتة، بحيث يجرى توجيه مياهه كلها نحو الجانب الكندي من الشلالات، أي شلال «حدوة الحصان»، ما سيجعل الأخير أكثر دوياً، وهو الذي يتمتع أصلاً بمياه عالية المنسوب ومنظر مدهش بديع، يأتي لتأمله آلاف السياح يومياً، حيث يتوافدون نحو مدينة «سانت كاترينز» الجميلة، المطلة على الشلال وعلى بحيرة أونتاريو.   ولهذا المشروع سابقة تكنولوجية، تعود لعام 1969. ففي تلك السنة، تم تنشيف شلالي نياغارا الأمريكيين، إنما ليس من أجل بناء جسور، ففي فترات متقطعة بين عامي 1931 و1964، تهاوت كميات كبيرة من الأحجار من الحائط الصخري العمودي الذي تتساقط المياه في موازاته. وكان من شأن تراكم تلك الأحجار في القعر سد الشلالين نفسيهما، إضافة إلى احتمال خطر تبدد المياه نحو المناطق المجاورة، وربما التسبب في فيضانات وكوارث. لذا، تم وضع سد مؤقت، قوامه 28 ألف طن من الأحجار والصخور، بهدف حرف مسار نهر نياغارا، بحيث صارت مياهه تسري كلها في الجانب الكندي. وكانت المرة الأولى التي ينحرف فيها مسار النهر منذ 12 ألف سنة، هي عمر المسار الحالي وفق تقدير علماء الجيولوجيا.   وأتاح ذلك الـتنشيف المؤقت إزالة أكوام الأحجار القابعة في القعر إثر انكشاطها عن الجرف الصخري، ما أمّن لاحقاً، بعد عودة المياه إلى مجاريها، استمرارية سيل الشلالين.   وبحسب المهندسين، سيدوم حرف مسار نهر نياغارا من 5 إلى 9 أشهر، إذا ما تم إقرار تنفيذ المشروع عام 2018 أو 2019، كما يؤكد راندي سايمونز، مسؤول المتنزهات الوطنية في ولاية نيويورك. وسيحرم الزائرون خلال تلك الشهور من تأمل الشلالين، مما سيضطرهم إلى الذهاب إلى الجانب الكندي.