في هذا الحوار الحصري، تلتقي «زهرة الخليج»، متمثلة في مدير التحرير التنفيذي هلا القرقاوي، بالسيدة جيل بايدن، السيدة الثانية في الولايات المتحدة الأمريكية، التي زارت دولة الإمارات العربية المتحدة مؤخراً برفقة زوجها، نائب الرئيس الأمريكي السيد جو بايدن، حيث تتحدث عن العديد من القضايا التي تشغلها والمبادرات التي تعمل عليها. فماذا قالت؟     تشغل الدكتورة جيل بايدن منصب السيدة الثانية في الولايات المتحدة الأمريكية، بصفتها عقيلة نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن. وتشتهر السيدة بايدن بشغفها بالعمل في الشأن العام، حيث لها العديد من المبادرات والإنجازات في هذا المجال. وقبل أن تصبح «السيدة الثانية»، قامت السيدة بايدن بتدريس اللغة الإنجليزية ومهارات الكتابة لدى الأسوياء ولدى المراهقين من ذوي الإعاقات الانفعالية في أحد المستشفيات النفسية في الولايات المتحدة. أما اليوم، فأمامها ملفات متنوعة لقضايا عديدة، إلا أن ثلاثاً منها تشغل بالها بشكل كبير وتحتل جلّ مشاغلها. فهي تنتصر لحق كل مواطن أمريكي في التعليم الجامعي كنواة للحصول على وظيفة. وتعنى بأُسر العسكريين وتأهيلهم نفسياً واجتماعياً. ويؤرقها أن مرض السرطان، الذي أفقدها ابنها، لا يزال ينهش في جسد الملايين على سطح المعمورة. تفاصيل كثيرة باحت بها السيدة الثانية في الولايات المتحدة الأمريكية جيل بايدن لـ«زهرة الخليج»، في أول لقاء عربي حصري لها، حيث تحدثت عن شغفها الأكبر ونقاط اهتمامها، كاشفة عن العديد من الأسرار والقضايا التي تشغلها، ولم تبخل بتقديم النصائح لمن يليها. إلى التفاصيل: التعليم • سيدة بايدن، اسمحي لنا بداية، بأن نشكرك على منحنا الفرصة للقائك وإجراء هذا الحوار الحصري معك، فجميعنا تشغلنا قضايا التعليم ونعنى بالتوعية بمرض السرطان. ويسعدنا كثيراً أن تكوني ضيفة عزيزة على مجلتنا. لقد قمت بعدد من المبادرات الاجتماعية والتربوية والصحية المهمة قبل وأثناء توليك منصب السيدة الثانية، وكما تعلمين، فإن التعليم بات يمثل أولوية أساسية في دولة الإمارات العربية المتحدة. من هنا، بوصفك معلمة ورائدة تنادين بتعليم غير مكلف ومتاح للجميع، ما النجاحات التي تشعرين معها بقمة الفخر؟ - أولاً، يغمرني الفخر بسبب حرص إدارة الرئيس أوباما على تعزيز وجود «كليّات المجتمع»، لأننا نؤمن بحق كل فرد في استكمال دراسته والتحاقه بإحدى الكليات. ونظراً إلى أني أمتهن التدريس منذ أكثر من ثلاثين عاماً، فبالنسبة إليّ، أشعر بأن هذا الحلم قد تحقق، حيث أيدت الإدارة الأمريكية التعليم المجاني في «كليات المجتمع»، وفيها يدرس الطالب لمدة عامين، ما يؤهله للحصول على فرصة عمل. وإذا ما أحرز نتائج متميزة، فيمكنه الالتحاق بالكليات والدراسة فيها لأربع سنوات. علماً بأن التعليم يكون مجانياً للطالب المجتهد. وهدفنا هو أن ننشر هذه الآلية المجانية في شتى أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية. وأنا من المؤيدين والمتحمسين بشدة لها، ولذلك كثيراً ما أسافر عبر الولايات، وأتحدث مع طلاب المرحلة الثانوية الذين يطمحون إلى الالتحاق بـ«كليات المجتمع»، وأملي أن يصبح التعليم الجامعي متاحاً وغير مكلف لجميع المواطنين الأمريكيين. أسر العسكريين • بوصفك مناصرة قوية لأسر العسكريين، وتقومين بخدمة الرجال والنساء المصابين، هل لك أن تخبرينا عن مبادرة Joining Forces ودورة ألعاب Invictus Games المقبلة لعام 2016 التي سيتم تنظيمها في مدينة أورلاندو في ولاية فلوريدا؟ ما الذي تأملين أن تحققه المبادرة؟ وفي رأيك، ما أكبر التحديات التي تواجه من يقومون بتأدية الخدمة العسكرية في الولايات المتحدة وشتى بقاع العالم اليوم؟ - عندما تم انتخابنا للمرة الأولى في عام 2008، سألتني السيدة الأولى ميشيل أوباما عن القضايا التي تشغلني، فأجبت بأنها «أسر العسكريين». ولقد وجدتها تتفق معي. وعلمت حينها أننا سنكون صديقتين تعملان معاً من أجل هدف واحد. ولهذا، سافرنا عبر الولايات لخلق هذا الوعي بالمرونة والقوة التي يتمتع بها أفراد أسر العسكريين. أنصتنا إليهم، وسألناهم: «كيف يتسنى لإدارتنا أن تدعمكم؟»، وخلصنا إلى إجابات تتعلق بثلاثة مجالات هي: التعليم والصحة والتوظيف. ولقد تحدثنا إلى مجموعات مختلفة بغية تحسين أوضاعهم. ولأن التعليم هو عشقي، فقد كنت على دراية بأن المدرسين في حاجة إلى الوعي بالخبرات والتجارب التي تمر بها أسر العسكريين. فعلى سبيل المثال، وفي نطاق عائلتي، ذهب ابني ليحارب، وقامت مُدرسة حفيدتي بوضع صورة والدها على الجدار وعلى مقربة من الباب، كي يعلم كل أصدقائها أنه قد ذهب ليحارب. • ما المسؤوليات التي تترتب على ما تفضلت به بخصوص العسكريين وأسرهم؟ - بناء على ما تقدم، اكتشفنا أن علينا أن نكون مسؤولين عن تعليم صغار المدرسين طبيعة الظروف التي يمر بها الأطفال المنتمون إلى أسر العسكريين. وبهذه الطريقة، أوجدنا الوعي، إلى جانب مساعدة زوجات العسكريين في الحصول على عمل. ففي الولايات المتحدة، قد تتنقل أسر العسكريين ثماني أو عشر أو اثنتي عشرة مرة من مكان إلى آخر أثناء فترة الخدمة. وإذا كان الفرد مدرّساً مثلاً، فلزاماً عليه أن يتم اعتماده في كل ولاية. وقد أسهمنا في توظيف ما يزيد على 850 ألفاً من أفراد أسر العسكريين. وفي ما يتعلق بالمساندة والصحة النفسية، تحدثنا عن «اضطراب ما بعد الصدمة» (PTSD) وساعدنا الذين يعانونه على استرداد صحتهم النفسية. وأعتقد أننا قد قطعنا خطوات ناجحة. ولكن هذا لا يعني أنه ليس أمامنا الكثير لنقوم به. وسوف نواصل العمل حتى بعد انتهاء فترة عمل الإدارة الحالية. وفي العام الماضي، ذهبت إلى لندن وشاهدت دورة ألعاب Invictus، وألهمني أن أرى الكثير من الجنود المصابين من الجنسين يتنافسون في سباقات الدراجات والتجديف وكرة السلة وهم على كراسي متحركة. وكم كانت تلك الروح رائعة! وكم أسرتني تلك المرونة التي يتمتعون بها. والآن جلبنا هذه الألعاب إلى الولايات المتحدة ليتم تنظيمها في أورلاندو - فلوريدا هذا العام. • لقد عاشت دولة الإمارات مشاعر الفخر والإلهام التي تتحدثين عنها بعد استشهاد باقة من جنودها الأبرار، وكانت هناك احتفالية لتكريم أمهات شهداء الإمارات في يوم الأم. - الأمر فعلاً مثار فخر واعتزاز، وأمهات الشهداء يبهرنني حقاً. وأنا أتفهم مشاعرهن جيداً، فأنا أم لأحد العسكريين.     معاً ضد المرض الخبيث • خصص زوجك السيد جو بايدن، نائب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية فريق عمل للإسراع في أبحاث السرطان بهدف القضاء على هذا المرض اللعين؟ وهو أمر في غاية الأهمية بالنسبة إليك ولأسرتك. وبالنظر إلى أهمية هذه الجهود، ما الإنجازات التي تأملين في أن تتحقق في العام الحالي؟ وهل ستواصلين العمل مع نائب الرئيس في هذا الفريق حتى بعد انتهاء مدة وجودكما في السلطة؟ - لقد مُنح زوجي فرصة العمل في إطار برنامج Moonshot للشفاء من مرض السرطان (كما سماه الرئيس الأمريكي). وهو يحاول أن يجمع الخبراء كافة من شتى القطاعات، سواء أكانوا علماء أم أطباء أم وكالات إغاثة، للقضاء على الحدود في ما بين هذه الهيئات، ولتبادل المعلومات المتاحة لديهم. ونأمل أن نتوصل إلى علاج له قريباً، على الرغم من أن هناك أنواعاً كثيرة من السرطانات. فبدلاً من الانتظار عشر أو خمس عشرة سنة، سيتم تضافر الجهود، لأن لدينا فريقاً يعمل مع بعضه البعض بشكل منظم ومتجانس وفي وقت واحد. وقد نصل إلى علاج لبعض أنواع السرطان في القريب العاجل. • لك تجربة مريرة بعد أن فقدت ابنك بسبب السرطان؟ - نعم، بالنسبة إليّ، فإن الأمر شخصي، فلقد فقدنا أحد أبنائنا بسبب إصابته بسرطان الدماغ منذ 9 أشهر، ما يجعل مكافحة هذا المرض اللعين أمراً ضرورياً بالنسبة إلينا. ولقد بدأت في عام 1993 مبادرة التوعية بمرض سرطان الثدي Biden Breast Health Initiative مع أربع من صديقاتي ممن أصبن بهذا المرض، وتوفيت إحداهن على أثره. ووجدت أني أملك الرغبة في توعية الشابات بضرورة الوقاية، وكانت البداية من المدارس، حيث قمنا بتوعية الآلاف من الطالبات حول المرض وناشدناهن نقل ما تعلمنه إلى أمهاتهن والتشديد على ضرورة الفحص والتصوير الإشعاعي للكشف المبكر، والتوقف عن التدخين نهائياً. ونأمل أن نجتث هذا المرض خلال العامين المقبلين. • هنا، في دولة الإمارات العربية المتحدة، لدينا مبادرة اسمها «القافلة الوردية» أطلقتها سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، قرينة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وهي قافلة متحركة منذ خمس سنوات تطوف كل المدن في الإمارات السبع، تقوم بالتصوير والتشخيص في المنازل، بمعدل 600 امرأة يومياً، على مدار أيام الأسبوع. - هذا أمر رائع. ولكن هل هناك إقبال من النساء على الخضوع للفحوص الدورية بشكل كبير هنا في الإمارات، لأنه حتى لدينا في الولايات المتحدة نحتاج دائماً إلى تعميم الوعي بضرورة الخضوع لها؟ - («زهرة الخليج»): نعم، فجميع القائمات على الحملة هن من النساء. فبعض النساء، كن في السابق يعتقدن أن عليهن الاستسلام للمرض ولإرادة الله، ولا يدركن أهمية التشخيص المبكر وأن احتمالات الشفاء منه كبيرة. لكن الأمور بدأت تتغير. بعد ازدياد الحملات التي تهدف إلى نشر الوعي. فبالنسبة إلينا، إن عملية إقناعهن وتغيير طريقة تفكيرهن أمر في غاية الأهمية. وهذه مبادرة رائعة أتشرف بأني (هلا القرقاوي) إحدى سفيراتها. ــ (بايدن): نعم، لا شك في أن قوة التواصل تعد مؤثراً أساسياً، ولاسيما إذا كان هذا التواصل بين امرأة وأخرى، لأن المرأة هي من تمنح الرعاية والاهتمام لأفراد أسرتها، وعليها توجيه الزوج والأطفال نحو الاعتناء بصحتهم، والتأكد أن نمط حياتهم صحي. - («زهرة الخليج»): بل ويسهل إقناع المرأة أكثر من الرجل بضرورة الاعتناء بصحتها، وبأهمية تلقي العلاج. لن أسافر إلى المريخ • أتيحت لك فرصة رائعة للترحيب بعودة رائد الفضاء سكوت كيللي في أول مارس بعد عام قضاه في الفضاء، ورأينا حجم الشعور بالسعادة الذي بدا عليك إلى جانب طلاب المرحلة الثانوية، كيف يتسنى للمعلمين وصانعي السياسات ممارسة نفوذهم لخدمة المصلحة العامة النبيلة واستكشاف الفضاء لنشر التعليم العلمي STEM والذي يشمل العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات؟ وإذا أتيحت لك الفرصة، هل ستسافرين إلى المريخ يوماً ما؟ - لا لن أسافر إلى المريخ. ولقد أدهشني عدد النساء اللواتي يرغبن في أن يصبحن رائدات فضاء. فهو حلمهن الذي لمسته هنا في هذه المدرسة. ومن الأمور التي تدعمها إدارتنا، الحرص على تضمين المرأة في كل مجال، حتى تألف الرياضيات والعلوم والتكنولوجيا. والرسالة التي علينا نشرها هي أن المرأة تستطيع أن تحقق الكثير من الإنجازات المدهشة. • ختاماً، ما النصيحة التي ترين أن من الضروري إسداءها إلى السيدة الثانية التي سوف تأتي من بعدك؟ - قد تكون رجلاً! فهذا المنصب يشغله الزوج إذا كانت نائبة الرئيس سيدة. ووصيتي هي أن عليه/ عليها الاضطلاع بالمسؤوليات بكل شغف. وعدم إهدار أي وقت. فقد أقسمت اليمين حين توليت منصبي على أن أعمل طوال الوقت، وأن أستمتع بكل دقيقة أعمل فيها، وهو ما أحاول القيام به.