كل عام والمرأة في كل مكان بحال أفضل، وكل عام والمرأة العربية أقل شقاء، بقوانين في صفها أكثر وحروب أقل في بلادنا، وأجور متساوية مع الرجل، وتحيا في أمان أكثر من العنف. هذه إطلالة على بعض أحوال النساء في عدد من بلادنا العربية شرقاً وغرباً: المرأة في الأردن: على الرغم من التطور والتغيرات التي شهدتها حقوق المرأة في العقود الأخيرة في الأردن، من عمل على القوانين ومساندة من المؤسسات الرسمية، إلا أن الكثير من الحواجز ما زالت أمامها ولا بد أن تقطعها. في شهر فبراير/شباط الماضي، كشفت دراسة أجراها مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية، عن تجذر النظرة السلبية حيال المرأة. إذ يؤمن نصف الرجال أن الرجل أفضل من المرأة في مراكز القيادة. ويرى 21 في المائة منهم أن التعليم الجامعي أولوية للذكور. ووفقاً لدراسة أجرتها منظمة العمل الدولية، فإن معدلات البطالة في صفوف الأردنيين بين عامي 2011 و2014، سجلت 40 في المائة في صفوف النساء، في مقابل 17 في المائة في صفوف الرجال. من جهة أخرى، يعارض بقوة أن تمنح المرأة حقوقاً كالرجل في ما يتعلق بمنح الجنسية للأبناء. المرأة السورية: تعرضت المرأة السورية وتتعرض لشتى أصناف العنف منذ العام 2011، والذي زادت أشكاله مع حالات الاغتصاب والخطف والتعذيب واللجوء والحياة في مخيمات قاسية أو الغرق في البحر والاضطهاد والقتل لأسباب تتعلق بالشرف. وحتى تتوقف الحرب لا ينبغي أن ننسى أنها المراة التي وقفت مطالبة بالحرية إلى جانب الرجل وأنها المراة المثقفة والكاتبة التي نشرت قضية شعبها وأنها المرأة الأم التي قدمت الشهداء والضحايا. المرأة العراقية: للأسف الأخبار لا تسر أيضاً، فمعظم نساء الشعب العراقي اللواتي شهدن حرب 2003 شابات، هن أرامل الآن. وضع المرأة العراقية تراجع كثيراً وعاد التشدد الاجتماعي والتطرف الديني ممثلاً في الزواج المبكر والعنف الأسري والحرمان من التعليم ليحدد حياتها. رغم ذلك لا تتوقف الناشطات الحقوقيات عن التوعية ومحاولة خلق حراك اجتماعي ونسوي ينهض بالمرأة، فتاريخ المرأة العراقية يقول إنها واحدة من أكثر النساء العربيات ثقافة وعلماً وتعليماً. المرأة الفلسطينية: ما زالت تقدم الشهداء والأمثلة الملهمة على نجاحها عاماً بعد عام، في السنوات الأخيرة سمعنا عن مخترعات فلسطينيات صغيرات، ولا تنسى المرأة الفلسطينية وهي في مظاهرات لتطالب حقوقها أن تؤكد على موقفها من الاحتلال. ما زالت المرأة الفلسطينية تعاني من شريكها الرجل والقيم السلبية الاجتماعية، فهو يريدها مناضلة وتقدم الشهداء وتتحمل أصعب الظروف من فقر وبطالة ولكنها ما زالت تتعرض لما يعرف بقضايا الشرف والزواج المبكر والعنف الأسري وغياب العدالة وتكافؤ الفرص. المرأة الإماراتية: ربما تكون هي نقطة الضوء والأمل وسط هذه العتمة، فالأخبار السارة من المرأة الإماراتية وعنها تأتي تباعاً، من قوانين منصفة إلى نجاحات فردية وقصص ملهمة، وحتى تعيين وزيرات في الحكومة الجديدة وتمكين أكثر وأكثر لها في العمل السياسي، ووصول عدد عضوات المجلس الوطنى الاتحادى إلى تسع عضوات يشكلن ما نسبته 22.5 بالمائة من إجمالى الأعضاء البالغ عددهم 40 عضوا. ساهمت الدولة أيضاً في تغيير الثقافة الاجتماعية من خلال القوانين والبرامج والدعم وتسليط الضوء على القصص الملهمة والنساء الناجحات، بحيث تكون هذه الثقافة في صالحها وتدعمها بدلاً من أن تقف في طريقها، قلما تجد إماراتية الآن غير متعلمة أو متزوجة في سن مبكر. أنت لن تسمع في الإمارات بشيء اسمه "قضايا الشرف"، وقلّما تتناقل الأخبار قصة عنف أسري صارخة كتلك التي تحدث في مجتمعات مجاورة. نحن بحاجة إلى هذا الضوء الذي تقدمه المرأة الإماراتية، إلى هذه الشعلة، فهي البرهان على أن التغيير ممكن بدعم القوانين والدولة والاشتغال على المجتمع. المرأة اللبنانية: يعتقد كثيرون أنها الأفضل حالاً في العالم العربي، لكن كل مظاهر التحرر لا تعني أن القوانين في صفها وأنها ليست امرأة معنفة وتتعرض لأقسى أنواع التمييز، بل إن العنف وحالات قتل النساء وضربهن وتعنيفهن زادت في الفترة الأخيرة، وزاد مع نشاط المراة اللبنانية المعروفة بنشاطها الحقوقي، وانتشرت جهود منظمات المجتمع المدني أكثر وأكثر بحثاً عن التغيير وتعديل القوانين لحماية المرأة من العنف، ولغاية الآن لم يحدث تعديل في القوانين وما زال نضال المرأة اللبنانية مستمراً. المرأة المصرية: ليست أفضل حالاً من رفيقاتها في البلاد الأخرى، بل ويضاف على آلامها مما تتعرض له من كل أصناف التمييز ضدها وتعنيفها، ظاهرة التحرش الجنسي والاغتصاب الجماعي التي زادت في السنوات الأخيرة، والتي أصبحت ظاهرة مؤلمة لنا جميعاً. فتاريخ المرأة المصرية ونضالها ألهم نساء المنطقة من حولها، لكن معاناتها مع زيادة التطرف الديني والتشدد الاجتماعي وظروف الفقر التي تعيشها البلاد ضاعف من أزمتها. المرأة السعودية: تحت ثقل الضغوط المجتمعية والقانونية وتلك التي توضع باسم الدين، لا يمكن تجاهل الأخبار الجيدة عن المرأة السعودية، الشجاعة حقاً، مهما كانت الريح ضدها نجدها في كل مجال تصل إليه أميرته وسيدة فيها. وإن كانت المرأة السعودية لا تستطيع قيادة السيارة في بلدها فهي تقود طائرة، وتخترع وتدرّس في جامعات أميركية وأوروبية وتناضل من أجل حقوقها بطريقة مختلفة عن النساء العربيات في البلاد الأخرى، فخصوصية المجتمع السعودي جعلتها تدرك أن أدوات نضالها لا بد أن تكون مختلفة. على أي حال، كانت السنوات الأخيرة في صالح المرأة السعودية من حيث القوانين والمشاركة في الانتخابات البلدية ودخول مجلس الشعب، ونحن بانتظار المزيد. المرأة المغربية: هناك مسافة بين ما تحاول تطبيقه الدولة من قوانين في صالحها، وبين ما تعانيه المرأة من العادات والتقاليد السلبية ضدها. لكن النضال الحقوقي للمرأة المغربية نضال تاريخي ومستمر وقد تمكن في الفترة الأخيرة من تعديل بعض القوانين لا سيما تلك المتعلقة بالمرأة المغتصبة. لكن ما زالت تعاني المرأة المغربية خصوصاً في المناطق البعيدة عن المركز من العنف الأسري والاضطهاد المجتمعي والزواج المبكر. المرأة التونسية: إنها قدوة حقيقية ومثال يحتذى، لم تستطيع كل الحركات المتشددة والتي حكمت وتحكم في البلاد أن توقف نهر حريتها المتدفق، قاومت كل تغيير لن يكون في صالحها، وتعتبر النسويات والحقوقيات والناشطات التونسيات من أكثر النماذج الإيجابية والقوية في بلادنا. في المحصلة، تعيش المرأة العربية في كل مكان أشكال العنف الأسري والاضطهاد والزاوج المبكر والقتل والاغتصاب، بنسب تختلف من دولة إلى أخرى، وتعيش مقاومة ونشاطا حقوقيا مستمراً لمناهضة أي تغيير ليس في صالحها والمطالبة بذلك الذي يمكنها أكثر. وتظل المرأة الإماراتية في المشرق والتونسية في المغرب نموذجين مشرقين الأولى على معنى دعم الدولة الحقيقي والملموس للمرأة والثانية عبر نشاطها الحقوقي والنضالي. ولا ننسى نساؤنا اللواتي يعشن تحت الحرب، في ظروف استثنائية من القسوة والتشرد والفقر في اليمن وليبيا وسوريا والعراق وفلسطين. كل عام ونساؤنا أكثر إصراراً وأقرب إلى العدالة، فمن دون عدالة مع النساء ستظل مجتمعاتنا تعرج وتتعثر وتسقط على وجهها كلما حاولت النهوض.