على مرّ التاريخ، كان التعامل مع الإبل ورعايتها أمراً يقتصر على الرجال. كانت مهمة رجالية تقضي بتدريب النوق وترويضها بشكل يومي، فضلاً عن إطعامها بشكل دقيق وبكميات محدودة. طبعاً، كانت المرأة حاضرة في هذا المجال لكن ضمن حدود معينة، فحبّ الإبل يجمع أغلب النساء في الإمارات، ولكن رعايتها ومعايشتها أمر من اختصاص الرجال دون النساء. فاطمة الهاملي كسرت هذه القاعدة السائدة منذ آلاف السنين. جاء دورها في الاهتمام بالإبل ورعايتها بطريقة مماثلة لما يقوم به الرجل في هذا المجال. حبها للأبل لم يأتِ من فراغ، بل نشأت في بيئة مليئة بهذه الإبل، خصوصاً أنّ الراحل والدها كان مدرسة لها في تعليم أصول رعاية الإبل والإهتمام بها. ليس هذا المجال وحده الذي اقتحمته الهاملي، بل برعت أيضاً في مجال الصقارة والقنص. تعلّمت أسس تدريب الصقور والصيد من خلال مرافقة زوجها رحمه الله، ونالت منه الخبرة الواسعة في هذا المجال. حازت الهاملي مراكز مشرفة في سباقات الهجن، وما زالت قائمة على هذا الأمر، لتثبت وجود المرأة في هذا المجال وتطمح للنجاح المستمر. بدأ حب فاطمة الشديد للأبل منذ أن بلغت العاشرة من عمرها. كان والدها يعلّمها أسس ركوب الإبل الذي كان وسيلة نقل أساسية في زمن غابر. كانت فاطمة ترى كيف يتعامل والدها مع الإبل سواءً أثناء الركوب أو الترويض (سْراح النوق) أو العلاج حتى أصبحت تماثله حباً الإبل والنوق والبوش. "زعفرانة"، "زعيمة"، "سرابة"، "مبروكة"... أسماء تتردد على لسان فاطمة طيلة اليوم. إنّها الأسماء التي أطلقتها على النوق التي تملكها وتقوم برعايتها بنفسها. الملفت أنّ كل واحدة من النوق تعرف إسمها وتستجيب لنداء فاطمة بالاتجاه صوبها والالتفاف حولها والتمسح بها. تؤكد الهاملي أنّها تجد سعادة وراحة بال في تفقد الإبل ورعايتها. تقول: "أبدأ يومي مع الإبل بالاطمئنان عليها فرداً فرداً. بعد ذلك، أقوم بترويضها في الصحراء لبعض الوقت، وهذا أمر ضروري للحفاظ على صحة الإبل وسلامتها. وعقب انتهاء مرحة الترويض، أقدّم الطعام لها بنفسي». تمتلك فاطمة الهاملي قطيعاً كبيراً من الإبل يقدَّر بمبالغ كبيرة وهي من سلالات نقية وتحمل مواصفات متميزة من ناحية السرعة والجمال. وهذا الأمر دفعها للمشاركة في سباقات الهجن ومسابقات "المزايين" لجمال الإبل. أمر يعتبر غير مألوف في المجتمع الإماراتي والخليجي عموماً، لكن فاطمة فعلت ذلك لكي تثبت وجودها كامرأة في عالم الرجال وتقف في الصفوف نفسها لمنافستهم. تعقب قائلةً: «شاركت للمرة الأولى في سباق الهجن الذي أقيم في ليوا عام 2010، ولله الحمد أحرزت المركز الثالث وهذا الفوز كان بشارة خير لي. كما أنّي كنت أول امرأة تشارك في هذا النوع من السباقات التي كانت محصورة بالرجال فقط، ولكن عزيمتي للمشاركة في هذه السباقات هو لأثبت لنفسي أولاً وللآخرين ثانياً أنّ ابنة الإمارات لديها القدرة على خوض جميع المجالات، وكان هذا هو همي الأول. أما النجاح في المسابقة، فكان في المرتبة الثانية. وفي كل الأحوال، أكتفي بشرف المحاولة والمشاركة، ويسعدني أن تكون الإبل الخاصة بي مشاركة في جميع المسابقات". تنطلق الهاملي للحديث عن اهتمام الدولة في مجال سباقات الهجن والمزادات. تقول: "أعطت الدولة أهمية بالغة لسباقات الهجن الذي لعبت فيه الابل دوراً مهماً، وخصّصت مناطق لإقامة العزب (المرعى) خاصة بالهجن، بأحدث المواصفات وطوّرتها حتى أصبحت أكثر تنظيماً ووفروا لها الصحة والمراقبة وغيرهما».