#تحقيقات وحوارات
إشراقة النور 1 أكتوبر 2020
جمعتهن تجربة قاسية وحرجة، لكنهن لم يستسلمن، رفعن راية التحدي وسلاح الأمل، ولم يخرجن من نفق سرطان الثدي إلى ضوء العافية قويات فحسب، بل آثرن نقل تجربة الصمود إلى أخريات في نفس الظروف للمساعدة ومد العون لمواجهة المرض. «زهرة الخليج» تلقي الضوء على مجموعة من الناجيات من سرطان الثدي وقصصهن في مواجهته، مجسدات مقولة الشاعر الراحل محمود درويش (الجميلات هُنّ القويات).
قبل ستة أعوام خاضت ناتاليا الحسينية أم لثلاث بنات (مدربة يوغا وتأمل) معركتها مع سرطان الثدي بكل بسالة وانتصرت فيها، تقول: «تعلمت من التجربة أنني أملك طاقة بداخلي غير محدودة لم أكتشفها إلا معها، وأن أصغي إلى جسدي، وأخلق لغة بيني وبينه أعرف بها الإشارات التحذيرية، حتى بعد أن داهمني السرطان مرة أخرى في المبيضين، لم أفقد إيماني بقدرتي على تخطي المحنة وبالفعل شفيت، تغيرت حياتي وزاد حبي لنفسي، أصبحت أهتم أكثر بصحتي وبناتي بالإضافة إلى متابعة الفحوصات السنويّة».
وتنصح ناتاليا السيدات بممارسة الرياضة والحركة، ورعاية أنفسهن جيداً وإعلاء قيمة تقدير الذات بالحب والاهتمام وعدم الشعور بالذنب في ذلك»، وتشير إلى أن مجموعة «برست فريندز» بمؤسسة الجليلة منحتها الشجاعة للتحدث والفرصة لمشاركة تجربتها وإيصال خلاصتها الإيجابية لتستفيد منها آخريات.
مواجهة الواقع
تعترف رندا مشتهى «موظفة» بأنها لحظة معرفتها بإصابتها بسرطان الثدي سيطر عليها الخوف والصدمة والنكران وتبين: «قبل إصابتي بالمرض عندما كنت أسمع بسرطان الثدي كنت أشعر بأنه بعيد عني ولا يخصني، لكن سرعان ما استجمعت نفسي، وباشرت العلاج، وفي غضون عام تماثلت للشفاء».
وتبين رندا أنها كانت تجربة قاسية ولكن بعد معرفتها بـ»برست فريندز» في مؤسسة الجليلة ومشاركتها في فعاليات التوعية شعرت بطاقة إيجابية كبيرة ومتعة في العطاء من خلال مشاركة تجربتها، ومنح المصابات بسرطان الثدي جانباً مشرقاً مما مرت به. وتقول: «أكثر ما تعلمته بعد التعافي هو ضرورة التعامل مع الواقع مهما كان قاسياً، وإن الإنسان يمكن بالإرادة والأمل أن يتخطى أصعب المواقف».
محاربة قوية
تم تشخيص إصابة فريدا لوبو «موظفة وأم» بسرطان الثدي عالي الدرجة داخل الأقنية من الدرجة الرابعة منذ تسعة أعوام، ولا تزال تحارب بشراسة تكرار الإصابة للمرة الثامنة، تقول: «لكوني امرأة قوية ذات نظرة إيجابية نحو الحياة؛ إلى جانب دعم زوجي وبناتي وأصدقائي وزملائي، تمكنت من التغلب على جميع التحديات التي واجهت طريقي. حفزني الدعم المستمر من «برست فريندز» ومؤسسة الجليلة على الحفاظ على الروح القتالية». وتوصي بالقول: «عند محاربة السرطان، آمن أولاً بالله العظيم واعلم أن خططه أعظم بكثير من خططك؛ ثم آمن بنفسك واعرف حقيقة عميقة في قلبك، أنك ستحارب، فافعل كل ما يتطلبه الأمر لتمكين نفسك من القيام بذلك».
وتلفت فريدا: «بعد عامين من تشخيصي الأول، ذهبت في رحلة استكشافية إلى القارة القطبية الجنوبية لأثبت لنفسي، وللجميع، أن الإصابة بالسرطان ليست نهاية العالم. إذا كانت لديك الإرادة والشجاعة، فلا يوجد شيء يمكن أن يمنعك من الذهاب إلى «نهاية العالم». وتكمل فريدة حديثها: شعاري في الحياة هو «عندما تمنحك الحياة مئة سبب للبكاء، أظهر للحياة أن لديك ألف سبب للابتسام».
عون وسند
تصف يسرى زبير «مهندسة نسيج تبلغ من العمر 32 عاماً»، رحلة تعافيها من سرطان الثدي بالقاسية والوعرة، فيسرى التي تعمل في مجال الأزياء، تم تشخيص إصابتها بالمرض في أغسطس 2018، تروي حكايتها بالقول: «كان الأمر الأكثر صعوبة بالنسبة لي، هو العلاج الكيميائي، حيث فقدت كل شعري وظننت أنني لن أعود أنثى كما كنت، لكن سرعان ما استعدت قوتي وأيقنت أنني أمر بفترة صعبة سأتجاوزها بإيماني بربي وبنفسي، وبالفعل عبرت من المرحلة وأنا أكثر قوة».
وحول الآثار التي خرجت بها وتعلمتها من التجربة، تقول يسرى: «تعلمت أن أكون ممتنةً لله تعالى على كل النعم التي منحها لي، وأن أكون مرنة وأبقى أفكر بإيجابية مهما حدث». وأشارت يسرى إلى أهمية الدعم المعنوي غير المحدود الذي لقيته من برنامج «برست فريندز» في مؤسسة الجليلة، إذ التقت نساء رائعات، تبادلت معهن الخبرات وكيفية مواجهة المرض وأصبحن لبعضهن سنداً وعوناً.
أكثر تماسكاً
بهارتي راو، «مصرفية سابقة»، متزوجة وأم لطفلتين تحكي تجربتها: «تم تشخيص إصابتي بسرطان الثدي في يونيو 2018، كان هذا الخبر بمثابة صدمة لي، بعدها خضعت لـ16 دورة من العلاج الكيميائي، واستئصال الثدي، والإشعاع والعديد من الإجراءات المؤلمة الأخرى على مدى عامين، كانت رحلة قاسية خضتها بإيجابية وقوة وشجاعة وأكملت علاجي الرئيسي العام الماضي.
وعن ما تعلمته من تجربة المرض تقول: «لقد جعلتني شخصاً أكثر روحانية، وعلمتني أن أقدر نفسي، وأن أبتسم وأعيش الحياة كل يوم، وأن أقدر الأشياء الصغيرة لأن الغد غير مؤكد. الأهم من ذلك أنه جعلت مني شخصاً لا يعرف الخوف، وواثقاً، ومتواضعاً، وأكثر تماسكاً».
وتوصي بهارتي السيدات قائلة: «ستطرح لكن الحياة دائماً تحديات وتخضن اختبارات صعبة في كل مرحلة، لا تهربن منها أبداً، لأن كل صراع يعلمكن شيئاً إيجابياً، تقبلوه بأذرع مفتوحة، وبروح قتالية وقوة الإرادة للتغلب عليه». وتشيد بهارتي بالدعم المتكامل الذي وجدته من مؤسسة الجليلة ومجموعة برست فريندز: «ممتنة أن أكون ضمن هؤلاء السيدات الجميلات والقويات. وسعيدة بتكوين صداقات جميلة وجعل من تجربتنا إلهاماً لغيرنا».
شموع الأمل
في عام 2013، اكتشفت فريدة أسامة الببيلي (صيدلانية وأم لولدين)، بالصدفة إصابتها بسرطان الثدي، أثناء فترة رضاعة إبنها، وتقول عن التجربة: «كانت أكبر تحد وأعظم اختبار لي ولثقتي بالله وبمن حولي». تبين فريدة أن رحلة علاجها والتي كانت مدتها سنتين بدأت في لبنان وانتهت في الإمارات لم تكن سهلة، إلا أن إيمانها المطلق بروحانية شديدة بأن أمر علاجها وشفائها بيد الله عز وجل، أعانها كثيراً على تخطي فترة العلاج المتعبة، إضافة إلى مساندة زوجها وعائلتها ومن حولها على تخطي الأوقات الصعبة. وتضيف: «التفاؤل والأمل لم يفارقاني، فهذه التجربة صقلت شخصيتي وتغيير منظوري للحياة، فخرجت من التجربة أقوى».
مؤسسة الجليلة تقدم الدعم لـ46 حالة
«برست فرندز» هي أول مجموعة لدعم سرطان الثدي في الإمارات، وقد تأسست في عام 2005 من قبل الدكتورة حورية كاظم، أول جراحة إماراتية في دولة الإمارات، ومن خلال الشراكة مع مؤسسة الجليلة في عام 2015، حظيت «برست فرندز» بمزيد من الدعم لتحقيق أهدافها وجمع الأموال اللازمة لبحوث وعلاج سرطان الثدي في الإمارات. جدير بالذكر أن مؤسسة الجليلة قامت باستثمار 6 ملايين درهم في الأبحاث العلمية وتقديم الدعم لـ46 حالة.