#تنمية ذاتية
زهرة الخليج - الأردن اليوم
يتساءل كثيرون، رجالًا ونساءً: «لماذا قد تبدو بعض النساء قاسيات في تعاملاتهن؟».. هذا سؤال يتكرر منذ عقود، ويثير الجدل في الأوساط الاجتماعية والنفسية. فبينما اعتاد البعض تصوير النساء كرمز للرقة واللطف، تظهر في المقابل صورة «المرأة المتسلطة»، أو «الفتاة اللدودة»، خصوصًا في البيئات التنافسية كالعمل، أو العلاقات الشخصية والاجتماعية.. فهل هذه الصورة انطباع اجتماعي متوارث، أم أنّ هناك جذورًا أعمق تفسر هذه السلوكيات؟
-
بين الغيرة والتنافس.. لماذا تبدو النساء أحيانًا أكثر قسوةً على بعضهن؟
المنافسة الخفية بين النساء:
تلعب المنافسة دورًا رئيسيًا. فمن سنوات المراهقة، تبدأ الفتيات في تطوير سلوكيات دفاعية، وأحيانًا هجومية تجاه بعضهن، بدافع إثبات الذات أو التفوق في محيطهن. وغالبًا تكون هذه المنافسة غير مباشرة أو «خفية»، على عكس الرجال الذين يميلون إلى المواجهة العلنية. ويطلق علماء النفس على هذا النمط «متلازمة الكعكة الصغيرة»، أي أنّ بعض النساء ينظرن إلى النجاح على أنّه مساحة محدودة لا تتسع للجميع، فيتصرفن كأن هناك «مكانًا واحدًا فقط» على القمة، يجب الظفر به.
جذور الطفولة.. والوصم المبكر:
كثيرًا ما تُواجَه الفتيات منذ الطفولة بأحكام قاسية؛ إذا عبّرن عن غضب أو غيرة أو خوف، فيُوصَفن حينها بالمشاكسة أو الحسود، بينما يُكافَأ منهن السلوك المبالغ فيه من حيث اللطف والخضوع. هذا التناقض يدفع الفتيات إلى كبت مشاعرهن الحقيقية، والتعبير عنها بطرق ملتوية وغير مباشرة، وهو ما يُعرف بـ«العدوانية المقنّعة»، مثل: استخدام التلميحات أو السخرية أو التهميش. ومع الوقت، يستمر هذا النمط ليؤثر في بيئات العمل والعلاقات الاجتماعية لاحقًا.
-
بين الغيرة والتنافس.. لماذا تبدو النساء أحيانًا أكثر قسوةً على بعضهن؟
القسوة كسلاح دفاعي:
في بيئة العمل الحديثة، ورغم التقدم نحو المساواة، لا تخضع مؤسسات كثيرة لهيمنة أنماط القيادة الذكورية. وهنا تشعر بعض النساء بضرورة إثبات أنفسهن بصرامة مضاعفة، خاصة إذا كُنّ في مناصب قيادية.
ومن الأمثلة الشائعة على هذه السلوكيات:
- تجاهل أفكار الزميلات أو التقليل منها.
- الانتقاد الجارح أو الإحراج العلني.
- إيجاد أجواء من التنافس غير الصحي.
في كثير من الحالات، لا يكون الدافع كراهية شخصية بقدر ما يكون شعورًا بالخوف من التهديد، أو فقدان المكانة.
دور الثقافة والإعلام:
المجتمع والإعلام بدورهما يغذيان هذه الصورة. ففكرة «الفتاة الشريرة» تحوّلت إلى شخصية نمطية في الأفلام والمسلسلات، كأنها جزء من هوية المرأة. بل إنّ بعض السلوكيات السلبية يُروَّج له على أنّها «قوة شخصية»، أو «ذكاء اجتماعي»، بينما في الحقيقة هي مجرد تنمّر مموّه.
-
بين الغيرة والتنافس.. لماذا تبدو النساء أحيانًا أكثر قسوةً على بعضهن؟
هل القسوة حكر على النساء؟
بالطبع لا.. فهناك رجال قساة وسلبيون أيضًا، لكن الفرق أنّ الرجال غالبًا يُظهرون منافستهم بشكل مباشر، بينما النساء قد يستخدمن أساليب غير مرئية، وأكثر تعقيدًا.
وعن كيفية كسر هذه الحلقة، هناك خطوات فردية للتعامل مع هذا السلوك:
- تجنّب الوقوع في فخ المقارنة المستمرة.
- بناء الثقة بالنفس بعيدًا عن آراء الآخرين.
- معاملة الآخرين، كما نحب أن نُعامل، حتى في الأجواء التنافسية.
- توفير بيئات عمل داعمة للنساء، بدلًا من وضعهن في مواجهة بعضهن.