#منوعات
ياسمين العطار اليوم 14:00
منذ سنواتها الأولى، ارتبطت علياء الياسي بالكلمة، حين أصدرت مجلة إلكترونية، قبل أن تُكمل «المرحلة الثانوية»، ولم تكن تعلم - حينها - أنها ستصبح من الأسماء البارزة في مجال الإعلام، والإعلام الاستراتيجي. اليوم، الياسي إعلامية وكاتبة ومستشارة في الاتصال الاستراتيجي، تجمع بين عمق البحث، ورصانة التعبير، وتتنقل بين مواقع المسؤولية الحكومية، والبيئة الأكاديمية. وقد كتبت مقالاتها بـ«العربية، والإنجليزية»، ودرّست في الجامعة.. في هذا الحوار مع «زهرة الخليج»، نقترب من مسيرتها؛ لنعرف كيف تركت بصمة مميزة في فضاء الإعلام، والكتابة، والمحتوى الثقافي الوطني:
من إصدارك مجلة إلكترونية قبل «الثانوية»، إلى إعداد دراسة لتأسيس المتحف الوطني للإعلام.. كيف أثرت هذه البدايات المبكرة في مسارك المهني؟
بفضل دعم ورعاية أمي الغالية، كانت بداياتي الإعلامية مبكرة، فبدأت من قراءة عناوين مختارة من الصحف في الإذاعة المدرسية، وعمري ست سنوات، إلى إصدار مجلة إلكترونية قبل إتمامي «المرحلة الثانوية». كانت تجربة مشوقة وتفاعلية، جَمَعَتْ بين التعلم والابتكار والطموح. هذه المرحلة رسخت بداخلي أهمية الإعلام والاتصال كوسيلة لبناء الوعي، والمساهمة في صناعة التأثير. لاحقاً، قادني هذا الشغف إلى إعداد دراسة علمية، بشأن تأسيس المتحف الوطني للإعلام، بعد الاطلاع على أبرز التجارب الدولية. وقد رأيت أن الحفاظ على الذاكرة الإعلامية للدولة، وتحويلها إلى قوة معرفية وثقافية، أمران جوهريان، ليس فقط لتوثيق الماضي، بل لبناء سردية وطنية، تصنع الحاضر، وتتجه - بثقة - نحو المستقبل.
-
علياء الياسي: الإعلام جزء من الهوية وبناء السردية الوطنية
مساهمة فكرية
«هويتنا الإعلامية»، كتابكِ الأول الذي رصد مسيرة الإعلام الإماراتي.. كيف وُلدت فكرته، وما التحديات التي واجهتك في توثيق هذا التاريخ؟
أردت أن أقدم عملاً علمياً، يسهم في بناء معرفة إعلامية وطنية، ويؤسس لأرشيف أكاديمي مبسط وشامل. وثقت في الكتاب نشأة الصحف الشعبية، وتاريخ الإعلام المسموع والمرئي، والإطار التنظيمي والقانوني، الذي تطور مع الزمن. كان التحدي الأكبر يتمثل في قلة المصادر المكتوبة؛ ما استلزم إجراء مقابلات مع رواد الإعلام الأوائل، والبحث الميداني في أرشيفات ومكتبات مختلفة. هذا الكتاب لم يكن فقط مرجعاً توثيقياً، بل مساهمة فكرية تؤكد أن الإعلام جزء من الهوية، ومرآة للمجتمع في تحولاته وتطلعاته.
بين الصحافة، والكتابة البحثية، والأكاديمية.. كيف تصفين علاقتك بالكلمة؟
الكلمة، بالنسبة لي، ليست وسيلة تعبير فحسب، بل أداة للتأثير الإيجابي، وبناء الجسور بين المجتمع ومؤسساته. في الصحافة، أحرص على تبسيط المفاهيم المتخصصة، وربطها بالواقع الوطني، خاصة حين أكتب عن المرأة، أو السياسات العامة، أو المبادرات التنموية. وفي العمل الأكاديمي، أجد شغفي بإنتاج محتوى بحثي، يساهم في تطوير الفكر الإعلامي، واستشراف مستقبل الإعلام الإماراتي. عادة، أستخدم نتائج أبحاثي كمراجع عند كتابة مقالات الرأي؛ لأنني على يقين أن التراكم المعرفي يصنع الفرق في جودة الكلمة، وعمق أثرها.
تكتبين باستمرار في صحف محلية وخليجية.. كيف ترين دور الصحفي في ظل تسارع المحتوى الرقمي؟
رغم كثافة المحتوى وسرعة تدفقه، يظل الكاتب الصحفي الرصين صاحب دور محوري في تعزيز المصداقية، وبناء الوعي المجتمعي؛ فلم يعد دوره مقتصراً على تغطية الأحداث، بل أصبح شريكاً في تشكيل اتجاهات الرأي العام، ونقل الرسائل الوطنية بمسؤولية ومهنية. إن الكاتب الحقيقي، اليوم، هو صانع المحتوى المدروس، الذي يعكس ثقافة المجتمع، ويقدم نماذج فكرية تبني الثقة، وتعزز الحوار، مع ضرورة التكيف مع الأدوات الرقمية، والتقنيات الحديثة، دون التنازل عن القيم الصحفية.
صاحبة تأثير
كيف تقرئين تحولات حضور المرأة في الإعلام والثقافة، خلال العقدين الأخيرين؟
المرأة الإماراتية، اليوم، تمثل أحد أبرز وجوه القوة الحضارية للدولة، بحضورها الفاعل في المجالات كافة، ومن ضمنها الإعلام والثقافة. خلال العقدين الأخيرين، لم تكتفِ المرأة بالمشاركة، بل أصبحت شريكاً في صناعة السياسات الإعلامية، وإنتاج المحتوى، وتشكيل الخطاب الوطني. وهي اليوم قائدة للرأي، وصاحبة تأثير عابر للحدود، بفضل البيئة الداعمة التي وفرتها القيادة الرشيدة، التي آمنت بقدراتها، ومنحتها الفرصة؛ لتكون جزءاً أصيلاً من صناعة المستقبل.
ما الذي لم يُكتب عنك بَعْد، وتودين أن يعرفه الناس؟
ربما يعرف الكثيرون مناصبي الإعلامية، وتجربتي في هذا المجال، لكن ما لا يعرفه البعض أنني ما زلت أحتفظ بالدهشة الأولى تجاه الكلمة، ولا أزال أتعامل مع كل مشروع إعلامي، أو بحثي، بشغف البدايات؛ فالإعلام ليس مهنة فقط، بل مسؤولية ورسالة وذاكرة وهوية. وهذا ما يدفعني دوماً للبحث، والكتابة، وتأمل كيفية نقل هذه الرسالة للأجيال القادمة.