يسرا.. 50 سنة من الفن والإبداع والجمال
#ملهمون
غيث التل اليوم
قد لا يعرف أحدهم سيفين محمد حافظ نسيم، لكن لا يمكن أن يمر اسم يسرا، إلا وتتراءى أمامك عشرات المشاهد من أفلامها ومسلسلاتها ومسرحياتها، التي ستبقى خالدة في ذاكرة الإنسان كذكريات سعيدة.
السيدة السبعينية، المولودة داخل سيارة أجرة، في 10 مارس 1955، التي اقتحمت الساحة الفنية صغيرة، «تعشش» في ذاكرة الأجيال المتعاقبة بصفتها من رموز السينما المصرية، بدليل تَسَمُّر الناس أمام الشاشات، كلما ظهر طيفها في فيلم عادل إمام «طيور الظلام»، أو في فيلم «معالي الوزير» مع أحمد زكي، أو عندما تناقش قضية تحث على احترام المرأة وحياتها وشخصيتها وقراراتها وإنسانيتها، كما في «قضية رأي عام»، أو «لدينا أقوال أخرى».
-
يسرا.. 50 سنة من الفن والإبداع والجمال
تمتلك يسرا قدرات تمثيلية مميزة، فقد أثبتت نفسها كواحدة من أهم الممثلات في مصر والعالم العربي، إذ تجيد أداء أدوار متنوعة، من الكوميديا إلى الدراما والتراجيديا، كما تستطيع يسرا أن تتقمص الشخصيات التي تؤديها ببراعة، ما يجعل المشاهدين يشعرون بأنهم يعيشون معها الأحداث، ولديها ميزة التعبير عن المشاعر بصدق، ما يجعل أداءها مؤثرًا ومقنعًا، بحكم خبرتها وقدرتها على التحكم في تعابير وجهها، ولغة جسدها ببراعة.
ولما سبق من الأدوات التي تمتلكها فنانة لا تزال نجوميتها طاغية في الساحة الفنية، أصبح تكريمها في مهرجان «الجونة السينمائي الدولي» بدورته الثامنة، مبررًا ومفهومًا ومقدّرًا، للالتفات إلى الأيقونات الفنية في أوج عطائها. فلا أقل من أن يقترن مهرجان بقيمة «الجونة السينمائي» باسم يسرا، وأن يقيم لها معرضًا خاصًا يحتفي بأعمالها المتنوعة بين السينما والدراما والمسرح، فضلاً عن ندوة تكريمية احتفت باسمها، الذي كتبت أحرفه في أرشيف وذاكرة الإبداع الفني العربي، بنقوش من ذهب.
إن توثيق مسيرة يسرا الفنية والإنسانية جزء من رد الجميل إلى سيدة أفنت عمرها في ساحات الفن، وقدمت مئات الشخصيات التي تختزل آلام الناس وأفراحهم، فكانت معهم في كل لحظاتهم، لذا، ليس غريبًا أن يحتل اسمها حيزًا من ذاكرة الناس.
-
يسرا.. 50 سنة من الفن والإبداع والجمال
«عادل إمام ويسرا».. ماركة مسجلة:
لا يمكن ذكر اسم «الزعيم» عادل إمام إلا ويذكر اسم يسرا معه، فقد شكّل الثنائي حالة فنية خاصة على مستوى الوطن العربي، إذ ظهرا في 15 فيلمًا سينمائيًا، حققت كلها نجاحًا لافتًا، وتصدر معظمها شباك التذاكر في مصر والدول العربية إبان عرضها.
واقترن اسم الثنائي معاً، ولم يكن جمهورهما يتخيّل أن يظهر أحدهما دون الآخر، فقد ظل الثنائي يعملان معًا لأكثر من 31 عامًا، دون أن يكررا نفسيهما أو يشعر المشاهد بالملل.
ابتداءً من فيلم «شباب يرقص فوق النار» عام 1978، وحتى آخر فيلم جمعهما «بوبس» في عام 2009، مرورًا بأفلام لا تزال شهرتها حاضرة حتى اليوم، مثل: «الإرهاب والكباب»، و«طيور الظلام»، و«الإنس والجن»، فالنجمان ما زالا يعدان الثنائي الأبرز والأكثر كمالًا في تاريخ السينما العربية، كما لم تستطع أي نجمة مهما علا شأنها حتى اليوم أن تشكل ثنائيًا مع ممثل آخر، كما فعلت يسرا مع عادل إمام.
-
يسرا.. 50 سنة من الفن والإبداع والجمال
يسرا.. أيقونة الموضة والجمال:
على أبواب السبعين من عمرها، تظل يسرا رمزاً للأناقة، والجمال الذي لا يشيخ أبداً، فهي محافظة على حضورها الراقي واسمها اللامع بين أهم أيقونات الموضة على مستوى العالم. ولطالما كانت إطلالتها محور اهتمام وسائل الإعلام، وقدوة للفتيات من الجيل الجديد، اللواتي تأثرن بسحرها وجاذبيتها.
وعرفت يسرا بأناقتها الكلاسيكية المتجددة، لتصبح من أبرز رموز الأسلوب الراقي، كما برزت في مناسبات عدة بإطلالات ملكية ساحرة، تميزت بألوان، مثل: الأزرق، والأحمر، أضفت عليها مزيداً من الرقي والجاذبية. ولا يتوقف تأثيرها عند هذا الحد، فقد أصبحت النجمة الكبيرة محط أنظار مصممي الأزياء العالميين، الذين يتسابقون إلى تصميم إطلالاتها، إذ يمنحهم ارتباط اسمهم بها بريقاً خاصاً، ويضيف لمسيرتهم الفنية لمسة من التميز.
وكلما أطلت يسرا حتى اليوم، تبدو كفراشة متألقة، بينما تتلألأ الإطلالات والمجوهرات والإكسسوارات التي تختارها بعناية؛ لتكمل أسلوبها الفريد، محافظة بذلك على مكانتها كرمز خالد للأناقة والموضة العربية والعالمية.
-
يسرا.. 50 سنة من الفن والإبداع والجمال
يسرا الإنسانة.. سفيرة النوايا الحسنة:
حضورها الفني، وأعمالها المؤثرة، وتصريحاتها التي تدل على فهم عميق لرسالة الفن ودوره التنويري والإنساني في المجتمع، أهلتها عام 2006؛ لتكون سفيرة للنوايا الحسنة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، خلال احتفال أقيم في حديقة الأزهر بالقاهرة، حيث جاء في خطاب الترشيح أن شهرة يسرا كفنانة لم تمنعها من الاهتمام بالمهمشين وأصحاب القضايا والحقوق والمرأة في رحلتها الفنية الطويلة، ودعمها للجمعيات الأهلية في نشاطاتها الاجتماعية المؤثرة في المجتمع.
ومع استمرار واجبها الإنساني وتسخير شهرتها لتسليط الضوء على أهم القضايا الإنسانية، تم تنصيبها عام 2016؛ لتكون سفيرة للنوايا الحسنة لبرنامج الأمم المتحدة للمرأة، وفي نفس العام تم اختيارها أيضًا سفيرة للنوايا الحسنة لبرنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالإيدز.
وتجسدت إنسانية يسرا في مواقف خالدة عبر تاريخها الطويل، من أبرزها دعمها المتواصل للأطفال والمسنين والفقراء، وما عُرف عنها من تقديم الدعم النفسي للأطفال المحتاجين، ومشاركتها الدائمة في حملات التوعية حول مختلف القضايا الإنسانية، إضافة إلى عملها الدائم في نشر قيم التسامح.
-
يسرا.. 50 سنة من الفن والإبداع والجمال
وتجلت قيم الإنسانية التي تنشرها يسرا، مؤخرًا، خلال حضورها ندوة في مهرجان الجونة، وخلال حديثها عن إيقاظ الضمير الإنساني، تجهش النجمة الأيقونية بالبكاء عند الحديث عن معاناة الشعب الفلسطيني، الأمر الذي أبرز عمق معاني الإنسانية والرحمة والمحبة في شخصيتها.
وتبقى يسرا فنانة لا يشق لها غبار، مكتملة بكل المعاني، ولا ينقصها شيء من الشهرة والنجومية، وقد يكون حرمانها الأمومة فقط هو ما نغّص مسيرتها، رغم أنها اعتادت الأمر، وأكدت مرارًا تقبّلها له.