#مشاهير العالم
رحاب ضاهر - بيروت 1 نوفمبر 2011
دأبت البيانات الصحافية التي ترسل عبر مكتب الفنان الإعلامي على كتابة معلّقات المديح والتبجيل والثناء على الفنان المعني، إلى درجة أنّ البيان يحمل أحياناً الكثير من المغالطات. وكان آخرها وأكثرها استفزازاً البيان الذي وصل من مكتب جمال سليمان بعنوان: "جمال سليمان وتفاصيل حملة التخوين التي يتعرض لها". بطريقة مأساوية، يروي البيان مؤامرة الخيانة التي تعرّض لها الممثل السوري بعدما نشر أحد المواقع خبراً يفيد بأنّه وجّه تحيةً إلى "الجزيرة" خلال مشاركته في "مهرجان الدوحة ترايبيكا السينمائي". علماً أنّ القناة القطرية مغضوب عليها في سوريا، ويعتبر من يشكرها خائناً.
لن نتوقف هنا عند اللغو والحشو اللذين وردا في البيان. لكن المستفز اعتبار جمال سليمان أهم من الشاعر الكبير محمد الماغوط، ونزار قباني وعلي فرزات. إذ جاء في ختام البيان: "نحن نعرف سوريا من خلال مبدعين كجمال سليمان، وعلي فرزات، ونزار قباني، ومحمد الماغوط، وهيثم حقي، ولؤي كيالي وغيرهم العشرات ممن أغنوا الذاكرة العربية بإبداعهم كل في مجاله". يبدو أنّ كاتب البيان يعتبر جمال سليمان في مقدمة مبدعي سوريا، بل على رأسهم كما فعل منذ أشهر عندما جعله في بيان سابق "يترأس" قائمة الشرف السورية.
اللافت في بيان سليمان التخويني "استماتته" في إظهار ولائه للنظام، بينما فوجئنا منذ شهرين بالمكتب الإعلامي للفنان يرسل بياناً يزفّ فيه خبر ترؤس سليمان قائمة الشرف السورية بسبب موقفه من الاحتجاجات. والمعروف أنّ مَن يدخل قائمة الشرف هو الذي يدين نظام الرئيس السوري ويساند الثورة والثوار. في حين أنّ البيان الحالي يردّ على نشر خبر كاذب نُسب لسليمان ويفيد بأنّه أجرى لقاء مع "الجزيرة"، ووجّه تحيةً لها باسمه وباسم زملائه الفنانين بسبب نقلها للأحداث السورية بكل مصداقية ومهنية.
انتشار هذا الشكر للقناة القطرية جعل سليمان يرتجف رعباً من أن يصل الخبر إلى النظام، فيصبح من المغضوب عليهم. هكذا، بادر إلى إرسال بيان يبدي فيه تمسّكه ببلده ورئيسه ونفيه لإجراء تلك المقابلة وخلق مبرارت لزيارته لقطر. إذ ورد في البيان: "فما هي الخيانة في حضور مهرجان سينمائي في الدوحة يشارك فيه أهم نجوم العالم والوطن العربي؟ وما هو سبب اتهام جمال سليمان تحديداً؟ فهل توقفت العلاقات بين سوريا والدوحة؟ ها هو وزير خارجية سوريا في قطر على رأس وفد رفيع لمناقشة الشأن السوري وليس لحضور مهرجان سينمائي. ربما هناك موقف معين من قناة "الجزيرة" لأنّها لم تكن موضوعية خلال تغطيتها للأزمة السورية في نظر البعض. ولكنّ هذه الواقعة بالذات أظهرت أنّ الإعلام السوري هو من يلفّق بجرأة لا مثيل لها. فالموقع المذكور لم يقدّم دليلاً واحداً ولو ملفّقاً على أنّ جمال سليمان أجرى هذه المقابلة وأعطى هذا التصريح".
البيان يضج بالمبالغة والتهويل والتعظيم من شأن سليمان بوصفه رمزاً من رموز سوريا، وأنّه تمت دعوته للمشاركة في مهرجان "ترايبيكا" كونه رمزاً سورياً مشرفاً. فقد ورد في البيان: "جمال سليمان ذهب إلى قطر بناء على دعوة وجِّهت له من إدارة مهرجان "ترايبيكا الثالث" لأنّه واجهة مشرّفة لسوريا".
ولم يقف الأمر عند هذا الحد. لقد اعتبر كاتب البيان أنّ نجم "حدائق الشيطان" أحد أهمّ صنّاع الدراما السورية. إذ ورد في البيان: "ولمصلحة مَن تشويه صورة واحد من رموز سوريا؟ وأين دور المسؤولين والدولة في كل ما يتعرّض له هو وغيره من رموز سوريا؟ شائعة تتحول إلى عمل إجرامي في حق رمز من أهم رموز سوريا لتكون النتيجة خسارة فادحة في حق الصناعة السورية التي كان جمال سليمان من أهم مؤسسيها".
بين بيان التخوين وبيان ترؤس سليمان قائمة الشرف السورية، يبقى سؤال للنجم السوري: هل يعتبر نفسه حقاً أهم من نزار قباني والماغوط وعلي فرزات؟ وما هو الإنجاز الذي قدمه لسوريا حتى يعتبر نفسه رمزاً من رموزها؟ أيضاً، هل قرأ الممثل المعروف بسعة إطلاعه وثقافته، مضمون البيان الذي يجعله عرضة للإنتقاد والسخرية من قبل الصحافة نظراً إلى ركاكة وسطحية مضمونه؟ فبدلاً من أن يحسّن البيان من صورته، ها هو يسيء إليه بكثرة المبالغات التي لم تكن في مكانها. ويبقى رمزاً من رموز سوريا في نظر كاتب البيان ليس إلا!