صونيتا ناضر 11 يوليو 2010
بهذه الكلمات بدأت معالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، وزيرة الثقافة والإعلام في مملكة البحرين، خطابها لتقديم الشكر إلى لجنة كولبير والحاضرين في فندق الريتز Ritz بعد تسلمها لجائزة " لجنة كولبير للإبداع والتراث".
موقع " أنا زهرة " التقى بالشيخة مي بهذه المناسبة، وطرح عليها بعض الأسئلة لإبراز صورة السيدة البحرينية العصرية المتميزة بثقافتها ورقيها، والتعرف أكثر على شخصية هذه الوزيرة التي استطاعت أن تفرض حضورها وأفكارها الطليعية في عالم الثقافة والابتكار. فما الذي تمثله بالنسبة لها هذه الجائزة التي تنضم إلى مثيلات لها، من جوائز حصلت عليها من فرنسا والعالم أجمع ؟ فأجابت :
طبعاً أنا سعيدة جداً بهذا التكريم والتقدير، خاصة أن الجائزة أتت في مجال الحفاظ على التراث والإبداع والابتكار. وأن تأتي هذه الجائزة من مؤسسة عريقة مثل مؤسسة كولبير التي تعني بالصناعات الفاخرة في فرنسا والعالم، أمر يشكل مصدر فخر لي وسعادة ومسؤولية كبيرة. لأنه في مملكة البحرين، هناك توجه للمحافظة على التراث العمراني والهوية والصناعات الخاصة بهذا الجزء من العالم، التي نهتم بتطويرها وترويجها والتعريف بها خاصة وأن هناك مهن قديمة يعود عمرها إلى آلاف السنين. على سبيل المثال صناعة الفخار تعود إلى خمسة آلاف سنة، ولا زالت موجودة. تطويرها وتقديمها بشكل أفضل وأجمل يعطي انطباعاً بأن هذه المملكة لا تعيش حاضراً، وإنما تبني على حضارة لها امتداد في التاريخ ولها حضورها في مختلف المجالات.
س ـ لو طلبتُ منك أن تعطيني تعريفاً بما يُسمى في فرنسا ب " اللوكس" luxe، الصناعة الفاخرة، فما هو تعريفك الخاص ؟
الصناعة الفاخرة ترتبط في الأذهان بفرنسا بالتحديد، وربما أيضاً ببعض البلدان الأخرى. لكن فرنسا تأتي على الدوام متميزة في جودة ونوعية ما تقدمه كالمنتوجات الفاخرة، الأزياء والعطور. ولا ننسى أيضاً فن العمارة الفرنسي المتميز.
وأعتقد أن الأسماء الحديثة خطّت لها بُعداً جديداً مبنياً على عراقة العمارة الفرنسية. وأنا سعيدة أن يدشن مسرح البحرين الوطني قريباً هذا الصيف برعاية جلالة ملك البحرين، الذي سيستقبل زواره في عام 2012. هذا المسرح هو من تصميم إحدى المؤسسات المعمارية الفرنسية Architecture Studio وهي عريقة في هذا المجال. على الدوام، عندما نبحث عن التميز نجيء إلى فرنسا. نستقبل خبراءها الذين يعطونا أجمل ما نتج عن تجاربهم السابقة.
س ـ إذاً هناك مشاريع بحرينية فرنسية كما ذكرت. ما رأيك في مشاريع مثل جامعة السوربون ومتحف اللوفر في الإمارات العربية المتحدة. وهل تشجعين هذا النوع من المشاريع في البحرين؟ من ناحية أخرى، هل لديك فكرة عن مشروع تطوير السياحة الثقافية في مملكة البحرين؟
ما ذكرته عن جامعة السوربون ومتحف اللوفر، لا شك أن هذا رائع. في الخليج العربي، نحن كمنظومة خليجية نتكامل. ما يُقدم في الإمارات أو قطر أو الكويت، يكون له صدى آخر في البحرين. نحن كمملكة، نسعى إلى تعزيز المواقع الأثرية عندنا. لذلك تأتي المتاحف مرافقة للمواقع الأثرية. ما يعرض في متاحفنا، هو ما نجده في الأرض التي يشيد عليها المتحف. هناك سلسلة من المتاحف تعزز السياحة الثقافية في البحرين، وترسخ مفهوم الاستثمار في الثقافة.
وأعتقد أن المشروع الأول الناجح هو الموقع الأثري الذي أدرج في قائمة التراث الإنساني العالمي، وشيد عليه متحف يعتبر هو الأول في مشروع الاستثمار في الثقافة من جهة المتاحف. هناك أيضاً سلسلة متاحف قيد الإنشاء، تأتي بدعم من القطاع الخاص وتقع بجانب مواقع أثرية من واجبنا التعريف بها والمحافظة عليها وتوظيفها في تطوير سياحة متميزة.
س ـ شيخة مي، لقد طورت منذ سنوات في البحرين، مشروعك " الاستثمار في الثقافة". وكما قلت هناك شراكات ما بين قطاع الثقافة ومؤسسات مالية وثقافية. هل لنا أن نعرف ما هو موقف الإبداع من هذه المشاريع، وماذا يمثل هذا بالنسبة للشباب في البحرين ؟
نحن في وزارة الثقافة والإعلام بالتحديد، لدينا مشروع طموح للشباب الذين هم أمل المستقبل. والاستثمار في الشباب لا شك سيؤدي إلى نجاحات باهرة. ففي مجال الثقافة تشكلت مجموعة من شباب البحرين عملوا معنا في الصيف الماضي تحت مسمى
" الشباب". هؤلاء الشباب هم الذين نعتمد عليهم في أروقة وزارة الإعلام، وهم الذين تم توظيفهم في الفترة الأخيرة ليعملوا في تلفزيون البحرين، وينقلوا شاشة متطورة كانت تعاني من بعض الركود أو بعض المساحات التي لا توازي الحركة الموجودة في البحرين.
البحرين على صغر حجمها الجغرافي، لديها الكثير من الحركة الثقافية والسياسية. وهناك أنشطة متعددة لجهات أهلية. الآن بفضل هؤلاء الشباب، نجد نبذة مختلفة، ووجهاً مختلفاً في ما تعرضه شاشة البحرين. لدينا أيضاً محطة إذاعية شبابية، حيث يبث الشباب أفكارهم ويعملون على مد جسور التواصل مع الجهات الأخرى. حتى أن القراءة انتقلت من المكتبات العادية أو الخصوصية إلى التجمعات الكبيرة كما في المراكز التجارية الكبرى. ينشئون حلقات نقد ويستضيفون كتاباً كباراً، ويطرقون أبواباً لم تكن مفتوحة من قبل. هؤلاء الشباب هم الشعلة الجديدة والروح التي ستحقق نجاحاً لهذه الوزارة.
س ـ أنت في زيارة إلى باريس لأيام قليلة، هناك بالطبع هذه الجائزة وهذا الحفل الرسمي اليوم. ماذا ستزورين أيضاً في باريس؟
أتمنى أن أزور مواقع كثيرة في باريس، ولكني مقيدة في البرنامج الذي تم وضعه قبل أن أصل إلى باريس، إذ أن مدة الزيارة ثلاثة أيام فقط وهي حافلة باللقاءات. طبعاً قد يكون أهمها جائزة اليوم كسبب رئيسي لهذه الزيارة. هناك أيضاً اجتماع هام في منظمة اليونسكو مع السفراء العرب، لطرح مشروع إنشاء مركز للتراث العالمي في البحرين يخدم جميع الدول العربية، ويسعى إلى التدريب والتطوير وتهيئة الخبرات والجو المناسب للحفاظ على المواقع الأثرية.
أثناء هذه الزيارة، سأزور التلفزيون الفرنسي ومتحف اللوفر وبومبيدو سنتر. كما سألبي دعوة لوزير الثقافة الفرنسي الذي كان قبل أيام في البحرين. وسنلتقي به في المكتبة أيضاً لنتبادل بعض الآراء حول المشاريع التي من الممكن أن تعزز جانب التعاون مع فرنسا.
وهذا ليس بجديد على البحرين وفرنسا. نحن نذكر بكل حب جهد الخبراء الفرنسيين الذين عملوا على مدى سنوات طويلة للتنقيب عن آثار البحرين وحضارتها، وحافظوا على هذا الموروث الهام والحيوي، وندين لهم بالكثير. فلهم دائماً كل الحب والتقدير.