أشرف العسال 3 أكتوبر 2015
جاءتني إحدى الزوجات في سؤال بسيط لكنه هام وعجيب، فأحببت أن أنقل جوابي وتعليقي عليه ليكون حماية تحتمي بها كل زوجة اليوم ضد الفكر الخاطيء والمعلومة المغلوطة عند بعض الأزواج الذين يحاولون دوما تعليق كل أحداث الحياة الأسرية أو بعض الابتلاءات الحياتية على كاهل المرأة، ويلقون عليها بالمسؤولية. وإن دافعت يوما عن نفسها قال لها الرجل: أنت التي أخرجتيني من الجنة .. أنت السبب في شقاء الرجل .. وهذا بالتحديد ما كانت تعانيه الزوجة (ع) مع زوجها الذي يقهرها دوما بهذه الكلمة بشكل شبه يومي، تقول الزوجة: زوجي يحملني مسئولية كل حادثة وكل مشكلة تقع في حياتنا إن تعسرت أمورنا المادية يقول أنت السبب. إن قلت درجات أحد الأبناء دراسيا يقول: أنت السبب.إن انكسر شيء بالبيت يقول أنت السبب . إن أتعبه الأبناء تربويا يقول: أنت السبب . يسمعني دوما ( أعاتبك ليه ما أنت اللي خرجتي أبونا آدم من الجنة) وبالتالي أنا سبب متاعبه من وجهة نظره، رغم أني لا أقصر في شيء بشهادة الجميع وهذه الجملة التي يكررها كسرتني نفسيا وليس لدي رد كاف عليه لقلة ثقافتي الدينية فجئت أسألكم يا سيدي هل فعلا المرأة سبب خروج آدم من الجنة؟ هل فعلا المرأة وراء كل كارثة وكل بلاء يقع بحياة الرجل؟ الجواب: من الواضح أن زوجك مع الأسف مثل كثيرين من الرجال يفهمون قصة خروج آدم من الجنة فهما خاطئا ويحملون المرأة مسئولية ذلك مع أن كل النصوص والآيات القرآنية لا تذكر في القصة إلا اسم سيدنا آدم عليه السلام وما ورد أن حواء عليه السلام دفعته للأكل من الشجرة هو من الأساطير ومن الاسرائليات ، فهل يعقل أن نترك النص القراني الصريح ونذهب لاسرائليات مدخولة على بعض التفاسير؟ المرأة ليست سببا في خروج الرجل من الجنة،إنما الشيطان هو المسبب لذلك، وسأورد الأدلة على ذلك من القرآن الكريم لأن القرآن هو القول الفصل : - قال تعالى :( وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى? آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (115) سورة طه .. لم يقل فنسيا.. وهذا دليل على أن المسئولية كانت على آدم الذي استجاب لوسوسة إبليس. - ثم انظر للتحذير كان مخاطبا به آدم عليه السلام قال تعالى: ( فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَ?ذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى? (117) سورة طه .. لم يقل : فتشقيا. - وحتى في قضية الوسوسة والإغواء كانت الآيات تتحدث عن آدم قال تعالى : (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى? شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى? (120) سورة طه .. لم يقل : أدلكما. ثم جاءت الآيات التالية تبين أن حواء تبعت آدم فهو المسئول عن الأمر بداية وهي تبعته نهاية قال تعالى : (فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى? آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى? (121) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى? (122) سورة طه. ولما وقع العصيان قالت الآية الكريمة: (وَعَصَى? آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى?) فلم يقل (وعصيا ربهما) وحتى في التوبة قالت الآيات مخاطبة لآدم عليه السلام (ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى?) إذن الخطاب كله موجه لآدم عليه السلام من البداية للنهاية. وأختم هنا بتفسير العلامة الشيخ الشعراوي لقوله تعالى (وَعَصَى? آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى?) في كتاب (قصص الأنبياء) من ص20 الى ص24 . قال الشعراوي: أخطأ آدم لنتعلم نحن منه أن هناك توبة بعد الذنب وأن الله تواب رحيم وأنه لما أخطأ لم يكن نبيا لأن الأنبياء معصومون. ولكن خطئه كان قبل أن يوحى إليه بالرسالة حيث قال تعالى في سورة طه (وعصى أدم ربه فغوى)أية 121 وهذه طبيعة البشر. ثم قال (ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى) فالاصطفاء جاء بعد المعصية، أدم فيه بشرية تخطئ وتصيب وفيه نبوة معصومة كما أن حواء أيضا ليست هي السبب في خطأ أدم بل إبليس بدليل قوله تعالى(فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه ) انتهى كلام الشعراوي. إذن القرآن برأ المرأة من تلك التهمة،وأن إبليس هو العدو الحقيقي المسبب لخروج آدم وزوجه من الجنة وليست حواء. فلماذا الفهم المغلوط للنصوص القرآنية الواضحة الصريحة؟ لماذا يريد بعض الرجال ظلم المرأة بفهم خاطيء لنصوص القرآن ؟ قولي لزوجك لست أنا سبب خروجك من الجنة ولكن قديما قالوا : وراء كل عظيم امرأة ..وكل أحداث التاريخ الإنساني تثبت ذلك.
